رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

قصة أول وآخر إضراب للشرطة

تم سحب الشرطة من القاهرة فقط لمدة يوم واحد فقط وهو يوم 28 يناير، فضاع الأمن والأمان في الشارع المصري حتي اليوم.. بينما أضرب ضباط الشرطة لمدة ثلاثة أيام من جميع الأقسام ومديريات الأمن من الإسكندرية ومرسي مطروح حتي أسوان.. لم يتخلف ضابط واحد.. ولم يقع حادث واحد.. لا سرقة ولا قتل ولا حتي مشاجرة.. ولذلك قصة.

عقب حرب فلسطين في مايو 1948.. أراد الملك فاروق إخماد غضب وثورة الجيش فأصدر مرسوماً ملكياً بصرف ما سماه بدل ملابس لضباط وجنود الجيش.. وكان مقدار البدل يوازي المرتب!!.. أي قام بمضاعفة المرتب لكل ضابط وجندي باعتبار أن أثمان الملابس العسكرية والأحذية والكاب غالية فوق طاقتهم المادية..

كانت الشرطة لها ناد له مجلس إدارة مقره فيلا صغيرة داخل حديقة الأزبكية.. اجتمع مجلس الإدارة وقرر المطالبة بالمثل.. فالشرطة لها نفس الملابس العسكرية بنفس الأسعار.

كان والدي (اليوزباشي عبدالرحمن فهمي، سكرتير عام النادي طول عمره.. أخذ المذكرة لتسليمها لعبدالرحمن باشا عمار وكيل دائم وزارة الداخلية.. كان وزير الداخلية محمود فهمي النقراشي باشا ورئيس الوزراء في نفس الوقت.. عمار باشا رفض مجرد مقابلة والدي وبالتالي لم يتسلم المذكرة..

اجتمع مجلس إدارة نادي الشرطة (كان اسمه أيامها نادي البوليس) وأرسل إنذاراً للنقراشي باشا رأساً بأنه إذا لم يصدر المرسوم الملكي في ظرف أسبوع.. سنعلن الإضراب العام!! لم يلتفت أحد لهذا الإنذار باعتباره تهريجاً لا يمكن أن يحدث..

وخلال هذا الأسبوع كانت الاتصالات والترتيبات تقرر أن يقيم أعضاء مجلس الإدارة في الفيلا بحديقة الأزبكية ليكونوا علي اتصال بالمسئولين وتم تزويد الفيلا بالسراير والدواليب وخلافه.. وتم استئجار فندق كامل كان اسمه (السفير) في ميدان المحطة (رمسيس الآن) من بابه.. ثم اتضح أن الفندق غير كاف فتم استئجار ثلاثة أدوار من فندق الكونتيننتال القريب أيضاً.. وتم

توزيع كل الغرف في الفندقين بالاسم.. كل ضابطين في حجرة.. ووصل كل ضباط مصر بلا أي استثناء - لم يتخلف ضابط واحد - وصلوا ليلة الإضراب لتصبح مصر في اليوم التالي بلا أي ضابط شرطة من أسوان إلي مرسي مطروح!!

وصل الأمر إلي أن كل وكالات الأنباء العالمية بدأت تغطي هذا الحدث الخطير بالصور والأخبار.. وقد أصيب الملك والحكومة بالخوف والرعب.. مر أول يوم في ذهول.. وصباح اليوم الثاني ذهب عبدالرحمن باشا عمار (الدكتاتور) بنفسه إلي النادي وطلب أن يجتمع بمجلس الإدارة فرفضوا!! كما رفض هو من قبل مجرد استلام مذكرة النادي!!

تأزم الموقف.. في صباح اليوم الثالث ذهب حسن يوسف باشا رئيس الديوان الملكي وقابل والدي وأعطاه ورقة كتابية من الملك فاروق.. تصور!! الملك بنفسه!! يتعهد فيها بإصدار المرسوم الملكي بشرط.. بعد عودة الضباط إلي أعمالهم بثلاثة أيام والتعهد بعدم العودة للإضراب.. اجتمع مجلس الإدارة ووافق.. وأخطروا الديوان الملكي وعاد الضباط ولكن كان قد انقضي ثالث يوم أيضاً بدون ضباط!

الطريف بعد ذلك.. لم يكن يقابلني ضابط سواء في حرس الجامعة أو بعد تخرجي إلا ويقول لي: »أبوك هو الذي اشتري لي هذه البدلة وهذا الحذاء«.. أيام.