عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

في انتظار الحرب العالمية الثالثة

بقلم: عبد المجيد الشوادفي

الفترة ما بين عام 1922 حتي عام 1936 وتفصل ما بين الحربين العالميتين في القرن العشرين والتي جرت خلالهما تغيرات واسعة ذات طابعين أساسيين التفكك المتدرج للمعاهدات الدولية عامي 1919 و1920 وبروز أنظمة سياسية جديدة أسهما كلاهما في اتساع هوة الخلاف بين الدول التي كانت بعضها صاحبة إرادة السيطرة والنفوذ كما كان عليه الحال في ألمانيا واليابان وإيطاليا.. وقد أثر في هذا الدور ثلاثة تحديات رئيسية:

أولها: الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تميزت بعدم الاستقرار الناتج عن الحرب العالمية الأولي والذي هدد أحيانا النظام الرأسمالي في أوروبا الغربية والولايات المتحدة معا.
وثانيها: المذاهب السياسية الجديدة والتي جمعت التطور السياسي لجميع الدول العظمي في منحي واحد واشتركت المؤسسات السياسية كلها في «المذهب الحر البرلماني» والذي كان يعتبر من جانب كل الناس مع بداية القرن العشرين «شارة الحضارة» غير أن هذا المذهب تمت معارضته بعنف بعد عام 1919 وظهرت مذاهب أخري ذات صبغة مشتركة واحدة وهي «احتقار فكرة الحرية».
وثالثها: اختلاف المصالح بين الدول العظمي وكان ضروريا وجود حد أدني علي الأقل من التفاهم والتضامن الذي لم يكن موجودا بين الدول الرابحة للحرب للحفاظ علي المعاهدات التي أبرمت في عامي 1919 و1920 فقد انفرط مباشرة الوثاق الذي كان يربط الغالبين وظهرت اختلافاتهم في القضايا الأوربية وقضايا الدول خارج القارة وكان من بينها قضايا البحر المتوسط صاحب الدور النشط جدا في الحياة الدولية باعتباره منطقة تماس ومبادلات بين حضارات القارات الثلاث أوربا وآسيا وأفريقيا وطريق عبور دولية وخاصة بعد افتتاح قناة السويس عام 1869 ليربط مابين أوروبا والمحيط الهندي والشرق الأقصي.. وأصبحت القضية هي معرفة إذا كانت طرق هذا البحر تبقي «حرة» أو توضع تحت رقابة دولة أو عدة دول تمنع استعماله عن الدول الأخري عند الضرورة وأصبحت أيضا علاقات الدول الأوربية فيما بينها ومع السكان الأصليين الذين يشغلون محيط حوض البحر المتوسط هي التي تصنع قضية توازن القوي في البحر خاصة مع وجود أربع دول في محيطه الشمالي وهي إسبانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان وفي الحوض الشرقي تركيا بعد زوال الإمبراطورية العثمانية وسوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي وفلسطين وشرق الأردن تحت الانتداب البريطاني وفي المحيط الجنوبي توجد الدول التي خضعت كلها لأوروبا عام 1919 وهي مصر تحت الحماية البريطانية.. وليبيا انتزعتها ايطاليا وأخيرا شمال أفريقيا الفرنسية التي تضم تونس والجزائر ومراكش وغيرها من جزر الباليثار ومالطا التي تسيطر علي مضيق صقلية وكريت وقبرص وجزر بحر إيجه وجميعها تابعة للدول الأوروبية.
في هذه الفترة طفت علي السطح الحركات القومية العربية في سوريا وفلسطين ومصر وتونس تطلب التحرر والاستقلال، وقد اختلف طابع كل حركة من بلد الي آخر واستعملت الدول الأوربية السلاح لإخمادها.. وتعددت المصاعب والأزمات الاقتصادية والسياسية في كل دول العالم بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.. واشتدت الخلافات نتيجة محاولات التوسع في دولة علي حساب أخري وتدرجت التهديدات وشكلت خطرا علي السلام العالمي، وتغيرت التحالفات فيما بينها وكان أول الصفات الأساسية لحالة العلاقات الدولية في العام 1936 إخفاق مبدأ الأمن الجماعي.. وثانيها تفاقم التنافس بين الدول الكبري، وأمام خطورة التوتر الدولي والتهديد بالحرب منذ آخر ذلك العام كان مصدر هذه التنافسات في تنازع الأيديولوجيات والمصالح التي توجه سياستها الخارجية مهما كانت الحكومة التي تمسك بزمام السلطة أو نوع النظام السياسي السائد في الدولة ..وكانت مقدمات الحرب العالمية الثانية.. وتركزت

الجهود كلها متجهة للتعبئة للحرب في ألمانيا وايطاليا واليابان وبدأ مشروع الهيمنة الألمانية علي القارة الذي عرضه «هتلر» في كتابه «كفاحي» وسحقت «بولونيا» واستسلمت «الدانمرك والنرويج» ودخلت الجيوش الألمانية هولندا وفتحتها في أربعة أيام ثم توغلت في بلجيكا وهاجمت فرنسا التي تخلت عن الحرب بعد انكسار جيشها.. وجاءت المرحلة الأخيرة عندما أعلن «تشرشل» رئيس وزراء بريطانيا العظمي بأن بلاده ستستمر في القتال وحدها.. وبدأ إخفاق ألمانيا وحلفائها بعد دخول روسيا والولايات المتحدة الأمريكية الحرب واتجهت الدول المنتصرة لوضع تصور جديد وإعادة تنظيم العالم بتأسيس منظمة الأمم المتحدة ولكن الاختلافات عادت مرة أخري للظهور فيما بينها بصورة مهمة وخطيرة لأنها لم تقتصر علي المصالح في السياسة الخارجية وإنما في المفاهيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية
علي ضوء أحداث ما قبل نهاية منتصف القرن العشرين وما تلاه من أزمات ومصاعب وخلافات وحروب محلية وإقليمية ودولية استمرت حتي نهاية العقد الأول من القرن الحالي.. علينا أن نمعن النظر في واقعنا الذي نعيشه حاليا وكأن التاريخ يعيد نفسه.
فقد جاءت بداية عام 2011 بظهور تغيرات وحركات ونظم سياسية جديدة وسادتها معارك وحروب داخلية تساندها وتدعمها وتشارك فيها قوي محلية وإقليمية ودولية تستهدف تحقيق مصالحها علي حساب شعوب ودول أخري حتي تضخمت المصاعب والأزمات بين الدول الكبري والصغري نتيجة لبروز «تنظيم « نازي جديد لا تحمل قيادته اسم «هتلر» ولكنها تسير علي نهج سياسته وأهدافه وأفعاله في الهجوم والسحق والتمدد داخل أراضي الأوطان ويختلف في مسمياته ما بين تنظيم القاعدة وطالبان في أفغانستان وباكستان الي الدولة الإسلامية «داعش» في العراق والشام وجبهة النصرة في سوريا ثم «جند الإسلام» وأنصار الشريعة في ليبيا و«الحوثيون» في اليمن و«بوكو حرام» في نيجيريا و«شباب الاسلام «في الصومال و«حماس» في فلسطين و«أنصار بيت المقدس» و«الإخوان في مصر» وغيرهم.. وليس لهم جميعا من أسمائهم وما ينتمون اليه من الدين نصيب سوي ارتكاب جرائم القتل والحرق والتخريب والتدمير للعباد والبلاد باسم الإسلام.. وتبقي الدول الكبري صاحبة السبق التاريخي في تشكيل وبناء هذه التنظيمات الإرهابية المتطرفة ودعمها في الدول الإسلامية والعربية لتستخدمها في الأوقات المناسبة لإنجاز مصالحها متوقفة أمام المشاهد الدموية لهذه الحروب المتناثرة والمتشابكة في انتظار اشتعال نيران الحرب العالمية الثالثة وعندها تتقدم الموكب وتجني الثمار.