عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اللعب علي أوتار الدين!!

علي عكس الكثيرين.. لم أفزع من أحداث الجمعة الماضية، ومما شاهدته في ميدان التحرير علي أرض الواقع، وبعدها من خلال متابعتي لشاشات الفضائيات.. وأيقنت منذ الوهلة الأولي أن عملية الحشد المنظم والموجه بدقة من التيارات الدينية، الهدف منه هو استعراض القوة، وتوجيه رسالة لأكثر من جهة، ولم أستبعد في نهاية هذا اليوم نظرية المؤامرة علي الثورة بشكل خاص وعلي مصر الدولة بشكل عام خاصة وأن هذه الأحداث صاحبها أحداث دموية علي أرض سيناء استخدم فيها السلاح الآلي والرشاشات والآر بي جي.

 

في صبيحة هذا اليوم توجهت الي الميدان، وأول ما لفت نظري كثافة الاتوبيسات، وبدأت أتفحص الوجوه بسبب توحد الجلباب الابيض وكان الكثيرون منهم تجذبهم معالم القاهرة من فوق كبري قصر النيل أثناء دخولهم علي الميدان، والواضح أنها كانت أول زيارة لهم إلي الميدان، وربما أول زيارة لبعضهم إلي القاهرة.. وكانوا يحثون بعضهم علي بدء الهتاف ـ إسلامية إسلامية ـ بأعلي صوت بدلاً من مشاهدة بعض المعالم والنظر يميناً ويساراً وما ان دخلت الي الميدان حتي وجدت عمليات التحفز والتحرش الموجهة إلي كل التيارات السياسية غير الدينية إلي حد الاعتداء علي علم مصر وعلم الوفد الذي يجسد الوحدة الوطنية.

المشهد منذ البداية كان واضح المعالم والأهداف.. لذلك لم تستفزني صور أسامة بن لادن، ولا بعض الشعارات الغريبة والمتشددة، ولا رفع اعلام دول بعينها.. ولم أفكر كثيراً في مصادر تمويل هذا الحشد من شتي محافظات مصر.. ولم أتوقف كثيراً أمام دعوات الفرقة والتقسيم والتهميش والاقصاء لكل من يخالف هذا الفكر.. ولم يشغلني كثيراً هذا الكم الذي تم حشده حتي لو وصل الي 5 ملايين نسمة، لأننا ببساطة دولة وصل تعدادها إلي 90 مليون نسمة، واللعب علي أوتار الدين في بعض الاحداث يمكن أن يجذب البعض ويخدعهم في مواقف محددة وليس علي طول الوقت.. وكان من الواضح أن هناك خلطاً وجهلاً لدي كثيرين ببعض الامور والأحداث عندما طغي هتاف ـ مصر إسلامية ـ وكأن هناك من ينادي من الـ90 مليوناً بما فيهم المسيحيون بغير ذلك.. أو كأن هناك مشروع بتغيير هوية مصر من دولة

اسلامية الي دولة أخري.. كما أننا جميعاً نعرف أن جميع الأحزاب والحركات والقوي متفقة علي المادة الثانية من الدستور التي تنص علي أن مصر دولة إسلامية ولغتها الرسمية العربية، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.. ومع هذا فوجئنا بشعارات نطالب بإسلامية الدولة، وكأن مصر عاشت عمرها السابق بدون اسلام.. أو أن الغالبية الكاسحة من المسلمين المصريين الذين عرفوا الاسلام بواسطيته واعتداله وسماحته، في 25 يناير وتحويلها الي ثورة باهرة باركها وأيدها الشعب بكاملة.. كل هؤلاء يبدوا أنهم ضلوا الطريق من وجهة نظر زوار التحرير لأول مرة!!

للأسف المفزع في الجمعة الماضية.. كان في مردود ما حدث علي مصر بعد أن بات هناك قوي تريد تحويل مصر إلي أفغانستان وباكستان والسودان، وليس تحويلها الي النموذج التركي أو الماليزي وغيرها من الدول المتحضرة.. والمفزع ان يكون ما حدث له مردوده السلبي علي الاقتصاد المصري المتعثر، ويكون بمثابة دفن لقطاع السياحة وهروب كل الاستثمارات الأجنبية، وأيضاً المحلية إلي الخارج.. والمفزع أن يكون هناك رد من الاخوة المسيحيين بحشد عدة ملايين أيضاً لاستعراض عددهم.. اذا كانت رسالة الجمعة الماضية قد قوبلت بالرفض من عامة المصريين، وخسر بسببها التيار الديني كل التعاطف الذي جمعه علي مدار ثلاثين عاماً جراء صلف وممارسات النظام السابق ضدهم.. فإن الأخطر أن يكون ما حدث قد تم طبقاً لأجندات وأهداف من شأنها التأثير علي الثورة ومستقبل مصر.