عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر أولاً

** كثر الجدل حول مسألة الدستور أولاً.. أم الانتخابات أولا، ودخلنا في متاهات وتفسيرات وتأويلات كثيرة بعد ان رأت بعض الفصائل السياسية مصلحتها في اجراء انتخابات تشريعية أولا، ورأت فصائل اخري ان الطريق إلي الديمقراطية حقيقية يبدأ بدستور جديد للبلاد يحدد شكل وملامح وقواعد الدولة العصرية الحديثة، الأمر الذي أدي إلي ما يشبه الفوضي السياسية ، وزاد من تخوفات المصريين حول مستقبل الديمقراطية في مصر، واستدعي إلي الأذهان والعقول مرحلة ما بعد 1952 التي حاولت فيها بعض القوي السياسية الانتهازية القفز علي السلطة بفعل فاعل، وانتهت إلي عدم اقرار مشروع دستور 1954 ، مصادرة الحياة المدنية وانفراد الرئيس جمال عبدالناصر بالسلطة .

* بداية .. فإن المشكلة لا تكمن في الدستور أولا، أو الانتخابات أولا.. ولكن المشكلة الحقيقية هي الصراع علي من يصنع دستور مصر القادم، لأنه ببساطة شديدة إذا أجريت الانتخابات التشريعية لمجلسي الشعب والشوري أولا طبقا للمادة 60 من الاعلان الدستوري، سوف يقوم اعضاء المجلسين بانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو لوضع مشروع دستور جديد للبلاد خلال 6 أشهر يعقبها استفتاء شعبي لإقرار الدستور الجديد.. وبمجرد اقرار هذا الدستور فسوف يحل مجلسا الشعب والشوري، ويدعي إلي انتخابات تشريعية جديدة طبقا لمبادئ الدستور الجديد، وايضا تشكل حكومة جديدة طبقا لنتائج الانتخابات.

* نفس الأمر ينطبق علي انتخابات رئاسة الجمهورية في حال إجرائها علي أساس الاعلان الدستوري الحالي وقبل وضع دستور جديد للبلاد يحدد نظام الحكم فيها.. هل هو برلماني أم رئاسي أم  شبه رئاسي ، وكلها أمور لن يحسمها إلا الدستور الجديد.. وبالتالي فإن انتخابات الرئيس علي الوضع الحالي محددة بالاعلان الدستوري للمرحلة المؤقتة ، الأمر الذي يؤدي إلي انتهاء ولايته باقرار الدستور الجديد، ولا يخفي علي أحد ان انتخاب رئيس للجمهورية في هذه المرحلة يعطيه صلاحيات حتي لو كانت بصورة مؤقتة تمكنه ايضا من التأثير في الدستور الجديد، خصوصاً أننا مازلنا نعيش في ظل ثقافة سياسية سادت البلاد لعقود طويلة

وهي نفاق الرئيس ـ أي رئيس ـ ومحاباته والتدليس له .. معني كل هذا ان المعركة الدائرة هي حول وضع الدستور الجديد للبلاد وليس في الفوز بمقاعد البرلمان وتشكيل حكومة معروف مسبقا انها لن تستمر علي أقصي تقدير لمدة عام.

* إذا كنا قد انتهينا من المعركة علي الدستور.. فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو.. هل من الأجدي للوطن ولمستقبل مصر ان يضع الدستور القادم مجلس تشريعي نصف أعضائه علي الاقل من العمال والفلاحين؟! وهل من الصحيح ان ينفرد فصيل سياسي بمستقبل مصر في حالة فوزه بأغلبية مقاعد البرلمان؟!.. أم الأجدي للوطن ان يوضع دستور جديد للبلاد الآن يقوم عليه اساتذة الفقه الدستوري أمثال الدكتور إبراهيم درويش وغيره في ظل روح الثورة ومن خلال توافق كل القوي السياسية والوطنية في مصر علي آلية لاختيار وانتخاب جمعية تأسيسية لصياغة مشروع الدستور الجديد بعيدا عن انتهازية البعض والمصالح الضيقة للبعض الآخر.

* لقد بات واضحا ان بعض القوي السياسية تضع مصالحها الشخصية فوق كل اعتبار، وفوق مصلحة مصر للدرجة التي جعلتها تهدد وتتوعد، وتصل إلي مرحلة إرهاب كل صاحب رأي مخالف لها في محاولة للهيمنة علي الأمور.. فعلي شباب الثورة ان يعيدوا تنظيم صفوفهم وتحديد أولوياتهم قبل أن تسرق ثورتهم وتتحول إلي مجرد ذكري في تاريخ مصر الطويل.