رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتي لا نضل الطريق!

** انتقلنا من حالة الثورة والقضية القومية، إلي حالة الفوضي والأهداف الشخصية التي من شأنها اختطاف الثورة وتفريغها من مضمونها.. وبعيدا عن نظرية المؤامرة، فإن المؤشرات غير مطمئنة لكل ما يحدث علي أرض مصر من فوضي أمنية، وفضائح مالية وأخلاقية لمسئولين وسياسيين وإعلاميين كشفتها وثائق أمن الدولة، وأيضاً مطالب فئوية تتفجر كل يوم في شتي المواقع وهوجة إعلامية تنهش كل ما هو سابق.. فإن ما يحدث وأصبح واقعاً الآن في الحياة اليومية يشكل خطراً علي مصر أشد من خطر النظام السابق، ومكمن الخطورة في اننا ننجر جميعا دون أن نشعر إلي قضايا صغيرة وفرعية أقرب ما تكون إلي تصفية الحسابات، وتحقيق مكاسب صغيرة استمرارا علي نفس الثقافة التي سادت المجتمع لعقود طويلة في انتهاز الفرص والقفز علي الاكتاف والنفاق والتدليس وغيرها من الوسائل الممقوتة التي ظلت معياراً لبلوغ الهدف بعيدا عن الكفاءة والجهد.

** كلنا يعلم منذ سنوات وعقود أن مصر عائمة علي بحر من الفساد، وأن النظام الذي كان يحكم قد صادر السلطة والمال مستخدما في ذلك سلطات الدولة وأدواتها وأذرعها الأمنية، ولا غرابة من أن تنفجر كثير من قضايا الفساد، وتسقط الأقنعة عن وجوه معظم المسئولين السابقين، وبعض الشخصيات التي لبست ثوب الوطنية أو المعارضة.. وإلا لما قامت الثورة وتفجرت بهذا الشكل الهادر في كل بقعة علي أرض مصر بهدف إصلاح البلاد ووضع القواعد التي تحكم مصر في المستقبل علي أسس الديمقراطية والشفافية والعدالة الاجتماعية، وبما يضمن ألا تتكرر خطايا وأخطاء الماضي، وهذا لن يتأتي في ظل حالة الفوضي والتفكك الاجتماعي والانهيار الاقتصادي والغياب الأمني، وكلها عوامل من شأنها أن تعقد الأمور وتزيد من حالة التدهور والسوء علي المستوي الشعبي.. والأخطر من كل هذا أن ما يحدث يجعلنا نضل الطريق ونبتعد عن الهدف الأسمي والأهم وهو كيفية ميلاد مصر الحرة وانتقالها

إلي دولة ديمقراطية مدنية حقيقية.

** لقد تلاحظ في الأسابيع والأيام الأخيرة انشغال الجميع عن أخطر وأهم نقطة في نقل مصر من مرحلة إلي مرحلة جديدة وهي التعديلات الدستورية التي تمت علي عجل ودون دراسات متأنية.. الأمر الذي يهدد شرعيتها ويبطل كل ما يترتب عليها في المستقبل، لأن الدستور يحدد بداخله الطرق التي ترسم تعديل أحكامه، وعندما يسقط لا يمكن تعديل بعض أحكامه، وكلنا يعلم أن الدستور المصري قد سقط منذ البيان العسكري الأول للمجلس الأعلي للقوات المسلحة يوم 10 فبراير الذي أيد مطالب الشعب المشروعة.. وتلا ذلك إعلان رئيس الجمهورية تخليه عن منصبه إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة، ومن ثم أصبح الوضع القائم علي الأرض هو الحكم العسكري وسقوط الشرعية الدستورية وبالتالي انعدام أية تعديلات تتم علي دستور سقط وانتهي.

** باختصار.. نحن في حاجة إلي هدوء علي شتي المستويات إذا أردنا أن تخرج مصر ونخرج جميعا من هذه الأزمة، ولن تتحقق أهداف الثورة وآمال وطموحات الشعب المصري إلا بالخطوة الأولي وهي انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد خلال هذه المرحلة.. ثم يعقب ذلك الانتخابات الرئاسية والبرلمانية حتي نصل إلي الإصلاح الشامل الذي ننشده جميعا وينقل مصر إلي مصاف الدول الديمقراطية المتحضرة.