رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر قبلنا جميعاً

نعيش لحظة فارقة في عمر مصر.. لا أحد يعرف ماذا يحدث غداً.. ولا ما الذي يمكن أن يحدث بعد ساعات قليلة.. لكن  المؤكد ان شباب مصر العظيم قد كسر الحاجز، ونسف كل التوقعات والتكهنات، وأثبت ان مصر لا تزال بخير، وانها أبداً لن تموت مهما بلغ فيها حد القهر والقمع والاستبداد.. منذ اللحظة الأولي لثورة الشباب ظهر 25 يناير أيقنت انها ليست مجرد انتفاضة، أو غضبة وتنتهي.. تفحصت وجوه الشباب وسلوكهم المتحضر، وتبادلت مع بعضهم الحوار، وأكدوا اصرارهم علي بلوغ الهدف،  كانت عزيمتهم أقوي من أن تكبحها بعض القنابل المسيلة للدموع أو أصوات الطلقات، وأكدوا أنهم سيغيرون وجه مصر بعيداً عن القوي والأحزاب والجماعات المسيسة، والتي استمرت تراقب الموقف في البداية عن بعد انتظاراً لاختيار اللحظة المناسبة لركوب الموجة!!

الأحداث كبيرة وكثيرة وتحتاج الي كتيبات ولكني أتوقف عند نقاط  هامة وخطيرة، يأتي علي رأسها الغياب التام للنظام عدة أيام، وذوبان جهاز الشرطة في دقائق معدودة، وتأخر نزول الجيش بشكل ملحوظ، والافراج عن عدد كبير من المساجين والمسجلين خطر، ثم ظهور بعض القوي السياسية التي ركبت المظاهرات!! جميعنا يعلم أن الثورة بدأت شبابية الدعوة والتنظيم والتنفيذ واستمرت كذلك حتي يوم الجمعة 28 يناير، ثم سرعان ما تغير المشهد ظهيرة يوم الجمعة عندما انسحبت قوات الأمن، وأستطيع أن أقول بكل شفافية من خلال متابعتي الدقيقة من داخل المظاهرات ان الانسحاب كان بشكل منظم ومتعمد، وبعدها مباشرة ظهر أحد التيارات السياسية بشكل مكثف داخل المظاهرات، ثم توالت المفاجآت التي بدأت باحراق سيارات وأقسام الشرطة وخروج المساجين، وتلاها عمليات التخريب والسلب والنهب، وترويع المواطنين، وكلها أحداث تضع علامات استفهام كبيرة جداً ولن يكشفها إلا التحقيق مع كبار المسئولين في الداخلية.

علي الجانب الآخر سياسيا جاء رد الفعل متأخرا لدرجة جعلت التغييرات التي كان يطالب الشعب بها سابقاً، وعلي رأسها تعيين نائب لرئيس الجمهورية تقابل بفتور.. صحيح هي خطوة جيدة  ولكن الأمر الآن يحتاج الي خطوات سريعة نظراً لسرعة الأحداث لدرجة انني لا أعرف كيف يكون الواقع عند خروج هذه السطور للضوء.. وفي  اعتقادي أن الأمل مازال موجوداً في انقاذ  مصر اذا سارع الوطنيون القائمون علي السلطة الآن باتخاذ خطوات حاسمة، والانحياز الي مطالب الشعب المصري التي ينادي بها منذ عشرات السنين، بعد أن أكدت الأحداث علي الواقع أن

القائمين علي النظام كانوا يعيشون في وهم كبير اسمه الحزب الوطني، وسلطات تشريعية شكلية لمجالس الشعب والشوري والمحليات وغيرها من المؤسسات الوهمية التي انهارت واختفت تماما من المشهد الاجتماعي والسياسي.

المطلوب الآن وليس غدا اتخاذ قرارات وخطوات من شأنها اقامة حياة سياسية جديدة تحولنا الي الديمقراطية  الحقيقية التي يستحقها المصريون الآن.. نحتاج الي تعديلات دستورية علي الفور يقرها مجلس الشعب بدءا بالمادة 76 بحيث تسمح بالترشح للرئاسة لكل مرشح يذكيه عدد من الناخبين في عدة محافظات، وتعديل  المادة 77، بحيث تنص علي أن تكون مدة الرئاسة لفترين فقط، وتعديل المادة 88 للعودة الي  صيغتها الأولي بالاشراف القضائي الكامل علي الانتخابات.. ثم تضاف مادة جديدة الي الدستور الحالي تسمح لرئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الشعب بالدعوة لانتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، لأن آلية تعديل الدستور الحالي تعتمد علي أحد شيئين.. الأول: صدور قرار من رئيس الجمهورية بهذه التعديلات.. والثاني: طلب ثلث أعضاء المجلس بالتعديلات  ثم موافقة المجلس من حيث المبدأ، وبعد 60 يوما تتم الموافقة النهائية من المجلس، ثم يعرض علي الشعب في استفتاء عام وبعد الموافقة عليه يصبح سارياً.

هذا هو السبيل للخروج الآمن والتحول الديمقراطي في مصر، وانتشالها من عثرتها.. لأن البديل فوضي عامة تأكل الأخضر واليابس، وتأتي علي مصر بكاملها، ولن تقوم لها قائمة. وهذا ما لا يقبله أي شخص ينتمي بحق إلي هذا البلد، خاصة في هذا الوقت العصيب الذي لا يحتاج الي مزايدات أو بطولات زائفة، والتاريخ لا يرحم.. عاشت مصر حرة أبية شامخة.