عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ليلة‮.. ‬كل المصريين

هي‮ ‬ليلة توحد فيها كل المصريين‮.. ‬لم نعشها من قبل‮.. ‬ولكن بالقطع عاشها اجدادنا آباؤنا الكبار أيام ثورة‮ ‬19‮ ‬تلك الثورة العظيمة التي‮ ‬أكدت وحدة كل الشعب‮.. ‬أيام صعد فيها القس والكهنة فوق منابر المساجد ودخل فيها شيوخ الدين الإسلامي‮ ‬إلي‮ ‬الكنائس‮.. ‬الكل‮ ‬يتكلم عن رب واحد‮.. ‬لشعب واحد‮.. ‬أيام لم‮ ‬يفرق فيها رصاص الانجليز بين مسلم ومسيحي‮..‬

وهذه الأيام‮ - ‬أيضا‮ - ‬لم‮ ‬يفرق الارهاب بين مسيحي‮ ‬ومسلم فحصد من هؤلاء وقتل وجرح من هؤلاء‮.‬

حقا‮ ‬ً‮ ‬هي‮ ‬ليلة مصرية‮.. ‬توحد فيها كل قنوات التليفزيون‮.. ‬رغم اختلاف المشارب وتنوع الاتجاهات‮.. ‬الا في‮ ‬الوطن ومصير الوطن‮..‬

ولقد جلست وزوجتي‮ ‬نقلب بين القنوات‮.. ‬مساء الخميس ورأينا شيئاً‮ ‬عجباً‮.. ‬الكل في‮ ‬واحد‮.. ‬وأخذنا نتابع صلوات اخوتنا المسيحيين بشوق عظيم‮.. ‬وهزتنا الصلوات‮.. ‬وشدتنا كلمات رب العائلة المسيحية البابا شنودة‮.. ‬شدتنا حكمته‮.. ‬وحنكته،‮ ‬والهدوء والجلال والسكينة التي‮ ‬تغلف روح الرجل الكبير وتعجبت‮: ‬هل هو البابا شنودة الثالث‮.. ‬أم الاخ الكبير نظير جيد‮.. ‬ام هو المصري‮ ‬الذي‮ ‬تعلم من جامعة كل المصريين‮.. ‬مع باقي‮ ‬المصريين‮.. ‬ولكنني‮ ‬أقول‮: ‬هو كل هذا الوالد الاكبر للإخوة المسيحيين‮.. ‬كما شيخ الازهر هو الوالد الاكبر لكل المسلمين‮..‬

‮** ‬وأمسكت بالتليفون‮.. ‬أطلب اصدقائي‮ ‬وجيراني‮ ‬واحبائي‮ ‬من المسيحيين‮.. ‬ألقي‮ ‬عليهم تحية العيد‮.. ‬عيد ميلاد المسيح‮.. ‬العيد المجيد‮.. ‬وقبل أن ترد جارتي‮ ‬المسيحية تحية العيد‮.. ‬قالت بعفوية محببة‮: ‬تعالوا اتعشوا معانا‮.. ‬هكذا نحن كل المصريين نأكل طعاماً‮ ‬واحداً‮.. ‬ونلبس رداءً‮ ‬واحداً‮.. ‬لم نعرف‮ ‬يوما طعاماً‮ ‬مسلماً‮ ‬وطعاماً‮ ‬مسيحياً‮.. ‬ولطالما داعبت زوجتي‮ ‬قائلاً‮: ‬تعرفي‮ ‬تعملي‮ ‬دقية بامية زي‮ ‬جارتنا‮.. ‬واللا‮ »‬طشة‮« ‬تقلية الملوخية‮.. ‬كلنا نأكل من وعاء واحد‮.. ‬طعاماً‮ ‬واحداً‮ ‬من الاف السنين‮.. ‬وقبل الاديان بالاف السنين‮.. ‬لم نكن نسأل‮: ‬انت مسلم أم مسيحي‮ ‬الديانة‮.. ‬كنت اجلس بمدرسة دمياط الثانوية بجوار ابن عمي‮: ‬دون طرابولي‮ ‬ويحتار المدرس أينا‮ ‬يسأل‮: ‬فكان‮ ‬يحسم أمره قائلاً‮: ‬ياسيدي‮ ‬قوم انت ام هو‮.. ‬طرابولي‮ ‬أم طرابيلي‮ ‬والفرق بيننا هو حرف واحد الياء في‮ ‬طرابيلي‮ ‬تقلب واواً‮ ‬في‮ ‬طرابولي‮.. ‬نلعب معاً‮.. ‬ندخل مطعم المدرسة معاً‮.. ‬ونجلس أمام طاولة الامتحان معاً‮.. ‬ونذهب إلي‮ ‬حصة الموسيقي‮ ‬والاناشيد معاً‮ ‬لنصنع وجداننا معا ويتشكل انتماؤنا معاً‮..‬

‮** ‬وكنا نخرج في‮ ‬المظاهرات معاً‮.. ‬يدا بيد‮.. ‬وقلبا مع قلب نهتف نحن المسلم والمسيحي‮ ‬في‮ ‬المظاهرات ضد وزير خارجية انجلترا المسيحي‮.. ‬سواء كان اسمه بيفين‮.. ‬أم هندرسون‮.. ‬أو هربرت هاو،‮ ‬حاكم عام السودان الانجليزي‮ ‬رفعنا له رأس كلب تحقيراً‮ ‬له لسوء سياسته مع الاخوة السودانيين‮.. ‬ولا نتذكر من منا كان‮ ‬يحمل دمية رأس الكلب اكان طالبا مسلما أم مسيحيا‮.. ‬هكذا كنا‮.. ‬وهكذا سوف نستمر‮..‬

تذكرت كل ذلك وأنا اتصل باخوتي‮ ‬المسيحيين مساء أمس الاول،‮ ‬ليلة عيد الميلاد المجيد أهنأهم بالعيد‮..‬

واتذكر موقفاً‮ ‬لي‮ ‬شخصياً‮.. ‬كنت طفلاً‮ ‬دون السابعة من عمري‮.. ‬وكان بيتنا بدمياط الذاهب إلي‮ ‬الكنيسة‮.. ‬والذاهب إلي‮ ‬المسجد‮.. ‬فقد كان بيتنا بشارع البوسطي‮ ‬يؤدي‮ ‬إلي‮ ‬الاثنين معاً‮.. ‬وكنوع من شقاوة العيال وقفنا نهتف ونستقبل كهنة وقسيس الكنيسة قائلين‮: ‬يا قسيس‮

‬يا قسيس‮.. ‬وسمع أبي‮ ‬صوتي‮.. ‬فخرج من البيت وبيده الثقيلة التي‮ ‬أعرف وزنها تماماً‮ ‬لطمني‮ ‬علي‮ ‬وجهي‮ ‬وهو‮ ‬يشخط في‮: ‬يا كلب عمك القسيس هو بالظبط مثل شيخ المسجد،‮ ‬مسجد الشيخ أطعن‮.. ‬أتعرفون ما حدث‮.. ‬وجدت القسيس‮ ‬يسرع الينا‮.. ‬ويحتضنني‮ ‬ليحميني‮ ‬من لطمات أبي‮ ‬وهو‮ ‬يقول‮: ‬لعب عيال‮ ‬يا حاج‮.. ‬أي‮ ‬كان هذا القسيس هو الذي‮ ‬يحميني‮ ‬من‮.. ‬أبي‮ ‬

‮** ‬وأقول رب ضارة نافعة‮.. ‬والضربة التي‮ ‬لا تقتل تقوي‮ ‬الجسد وهذا بالضبط ما حدث بعد ليلة الاسكندرية الدامية‮.. ‬فقد اكتشفنا ان مصر هي‮ ‬المستهدفة بهذا العدوان‮.. ‬ولم‮ ‬يكن ما حدث احد مظاهر الفتنة الطائفية‮.. ‬بل هو موجه ضد مصر،‮ ‬وضد كل المصريين‮..‬

وما حدث‮ - ‬امس الأول‮ - ‬كان ليلة من ليالي‮ ‬مصر العظيمة‮.. ‬ما حدث مساء الخميس كشفه ما حدث مساء الخميس التالي،‮ ‬مصر كلها عبرت عنها كل القنوات التليفزيونية‮: ‬حكومية وخاصة‮.. ‬سواء المملوكة لمصريين مسلمين،‮ ‬أو تلك المملوكة لمصريين مسيحيين‮.. ‬الكل اكتشف أن الهدف هو ضرب مصر في‮ ‬مقتل‮.. ‬وتنبه الكل لهذا الخطر وتوحد الكل في‮ ‬واحد،‮ ‬وتلك من طبيعة وسلوك كل المصريين‮.‬

لقد احسسنا جميعاً‮ ‬بالخطر الذي‮ ‬لن‮ ‬يرحم مسلماً‮ ‬أو مسيحياً‮ ‬فامتدت ايدينا جميعا ترد الطعنة‮.. ‬بل تتلقي‮ ‬الطعنة‮.. ‬اذ كفي‮ ‬ما تلقاه الجسد المصري‮ ‬والعقل المصري‮ ‬من طعنات‮..‬

‮** ‬اننا ونحن نصفق للفنان هاني‮ ‬رمزي‮ ‬في‮ ‬فيلمه‮ »‬عايز حقي‮« ‬لم نسأل‮: ‬أهو فنان مسلم أو مسيحي‮.. ‬وعندما عشقنا الفنان لطفي‮ ‬لبيب وهو‮ ‬يجسد دور السفير الاسرائىلي‮ ‬في‮ ‬فيلم السفارة في‮ ‬العمارة لم نعرف هل هو فنان مسلم‮.. ‬أم مبدع مسيحي‮.. ‬وعندما شدنا نجيب الريحاني‮ ‬لم ننجذب نحوه لانه مسيحي‮.. ‬أو لان بعضنا اعتقد انه مسلم‮..‬

كل هؤلاء‮ - ‬وغيرهم‮ - ‬هاني‮ ‬شنودة وهالة صدقي‮ ‬واللا المبدعة الرائعة الراحلة سناء جميل في‮ ‬افضل ادوارها زوجة العمدة في‮ ‬فيلم الزوجة الثانية وهي‮ ‬تصر أمام زوجها‮: ‬الليلة‮ ‬يا عمدة‮!!‬

‮** ‬ليلة امس الأول توحدت مصر داخل كنائسها‮.. ‬كما توحدت قنواتها الفضائية والارضية‮..‬

كانت ليلة لكل المصريين‮..‬