رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعديل نظام المحليات.. قبل إعادة تشكيلها!

هل نحن هكذا دائماً ما تصدر قراراتنا الحاسمة متأخراً.. وهل أصبح هذا التأخر آفة من آفاتنا؟!

الحقيقة تقول ذلك.. ففي قضية من أخطر قضايا مصر لم يصدر القرار المناسب إلا متأخراً.. نقصد قضية مصر مع المجالس المحلية الشعبية التي تدير أمورنا الداخلية في المحافظات في المدن والمراكز والقري.

إذ مع اعترافنا بأن هذه المجالس هي أس المشاكل المصرية الجماهيرية وأن هذه المجالس وراء كل الفساد الذي أصاب مجالسنا المحلية.. وجعلها هي المستنقع الرهيب الذي أصاب المجتمع المصري.. من القاع.

** فقد أعلن المستشار محمد أحمد عطية وزير التنمية المحلية في صحف أول أمس أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة أصدر مرسوماً بقانون بحل المجالس الشعبية المحلية والذي ينص علي حل جميع هذه المجالس في المحافظات وغيرها من وحدات الإدارة المحلية المشكلة بموجب قانون نظام الإدارة المحلية.. وكذلك تشكيل مجالس شعبية محلية مؤقتة في المحافظات.

حقيقة جاء هذا القرار متأخرا للغاية، أي بعد 7 أشهر من تلك الثورة الرائعة.. ولا شك أن هذه المجالس وراء الكثير من مظاهر الفساد في كل حياتنا.. وللأسف استطاع الحزب الوطني الحاكم أن يسيطر علي هذه المجالس وأن يكون هو الآمر الناهي في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا..

** وقد عرف هذا الحزب الوطني أهمية هذه المجالس التي هي أخطر  من  المجلس الأكبر أي أخطر من مجلس الشعب نفسه.. والسبب ارتباط هذه المجالس المحلية بالحياة المباشرة للجماهير.. وتوغلها في حياتهم في كل شيء.. وبسبب توغل أمور المحليات في حياة المصريين اهتم الحزب الوطني بالسيطرة علي هذه المجالس.. ولم يسمح هذا الحزب بنجاح أي عدد مؤثر من أعضاء الأحزاب الأخري في هذه المحليات.

وللأسف أصبحت هذه المحليات هي ميدان العمل الرئيسي للحزب الوطني للسيطرة علي مقدرات حياة كل المصريين.

** والسؤال الآن: هل نحتاج إلي تطوير شامل لنظام هذه المحليات.. أم نكتفي بإعادة تشكيلها وفق نظام جديد ينتج لنا مجالس محلية أكثر ارتباطاً بمصالح الشعب ومقدراته.. دون أن نغير هذا النظام نفسه.. وكله.

حقيقة وزير الإدارة المحلية أعلن - في نفس الخبر - أن مجلس الوزراء سوف يصدر قراراً بتشكيل مجالس شعبية محلية مؤقتة بحيث تضم في تشكيلها عدداً كافياً من أعضاء الهيئات القضائية السابقين ومن أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ومن الشخصيات العامة والقيادات المجتمعية الأهلية.. وممثلا عن الشباب وآخر عن المرأة.

ولكن هذه الخطوة رغم انها جاءت متأخرة 7 أشهر فإن ذلك أفضل من ألا تجيء أبداً.. ولكن هذا التشكيل مؤقت ولفترة مؤقتة بينما يستحسن أن يكون تشكيلها دائماً.. ووفق قواعد ثابتة ودائمة.. وإذا كان استصدار هذا القرار المؤقت قد احتاج لكل هذه المدة أي أكثر من 200 يوم.. فكم نحتاج من الأيام لكي تصدر قرارات بتشكيل المجالس الدائمة..

** وفي رأينا أن الأمر يقتضي إعادة النظر في هذه المجالس نفسها، وفي طريقة انتخاب أعضائها.. بل أيضا في لوائحها الدائمة التي تضمن للشعب مجالس لا تنفذ إليها أي شبهة فساد، وأن تحظي هذه المجالس بنظام يكفل لها حرية العمل وأن تصبح لها سلطة الرقابة الفعلية علي كل الأعمال المحلية.

والأهم أن نعيد النظر في النظام نفسه.. وهل هو إدارة محلية أم حكم محلي.. ويكفي اننا ظللنا نتخبط علي مدي نصف قرن هو عمر هذا النظام.. إذ مرة نتعامل معه علي انه مجرد إدارة محلية.. ومرة نظام حكم محلي.. حتي مسمي الوزارة نفسه تغير مرات بين هذا المسمي وذاك.. ومرة نلغي الوزارة نفسها.. ومرة نحولها إلي أمانة عامة.. وأخري تكون وزارة مستقلة.. ومرة تكون تابعة لأمانة مجلس الوزراء.. إلي أن أصبحت مجرد «مخزن للوظائف العليا» أو لترضية بعض رجال الحزب الحاكم بتوفير العديد من الدرجات حتي درجة نائب وزير وعشرات، بل ومئات، من درجات وكلاء الوزارة وسكرتيري العموم.

وبالمختصر المفيد كان هذا النظام مجرد فرصة للترقية والحصول علي الدرجات!!

** أتذكر ذلك وقد عشت تجربة هذه المجالس منذ أرسلنا البعثات الأولي للتدرب علي نظام الحكم المحلي في ألمانيا الغربية «وقتها» لأن ألمانيا هذه كان فيها واحد من أفضل نظم الحكم المحلي في العالم ينبع من نظام الولايات المستقلة تماماً في إدارتها لكل أمورها المحلية الداخلية.. وقد حضرت مرات عديدة جلسات لهذه البرلمانات الصغيرة في عواصم الولايات. حيث تدار كل الأمور بالتصويت بعد مناقشات كاملة حتي في الأمور المالية وفرض أي رسوم مالية أو ضرائب علي سكان الولاية أو المدينة وهكذا.

** ولكن «مصر الفرعونية» تتحكم في كل سلوكياتنا.. وتعودنا أن الفرعون الأكبر ـ في القصر الكبير ـ في العاصمة المركزية هو الذي يتحكم في كل أمورنا.. فالفرعون الكبير في القصر الكبير هو الذي يدير كل الأمور بإرادة مركزية.. مما يرسخ أكثر مفهوم المركزية والدكتاتورية بينما الأمل أن تدير المحليات أمورها بيديها.

وبسبب كل هذه الاختلافات نشأت معارك ومعارك بين الوزارات السيادية الكبري وبين المحافظين.. وبسبب تنازع السلطات بين الطرفين ضاعت مصالح الناس.. وانتشر الفساد وساد النهب والسلب.

** وقبل أن تعيدوا تشكيل هذه المجالس.. أعيدوا النظر في النظام كله.. هذا إذا أردنا أن نقضي علي الفساد وأن نضرب المفسدين في مقتل، من أجل مصالح الناس المباشرة في القري.. وفي المدن، وفي المحافظات.