رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دم كل المصريين

كان الرئيس السادات‮ - ‬يرحمه الله‮ - ‬يحلم أن تكون حرب أكتوبر هي‮ ‬آخر الحروب‮.. ‬وكنا نتمني‮ ‬ذلك أيضا‮.. ‬ولكن التاريخ والواقع‮ ‬يقول‮ ‬غير ذلك‮. ‬وخير مثال علي‮ ‬ذلك‮.. ‬ما حدث في‮ ‬شارع خليل حمادة بالاسكندرية منذ ساعات‮..‬

وكم أتمني‮ ‬أن‮ ‬يدرك الاخوة المسيحيون أن ما حدث مقصود به كل المصريين،‮ ‬وليس مقصوداً‮ ‬بالمرة ضد المسيحيين،‮ ‬وعندنا أكثر من دليل وأول هذه الدلائل أن المجرم الذي‮ ‬خطط ونفذ هذه العملية الجديدة علينا‮ ‬يريد دم المصريين كلهم‮! ‬وإذا كان قد ارتكب جريمته أمام كنيسة‮.. ‬فيبدو أنه أعمي‮ ‬فجريمته وقعت بين كنيسة ومسجد‮.. ‬في‮ ‬شارع هو شاهد علي‮ ‬وحدة كل المصريين‮.. ‬فالكنيسة تواجه المسجد في‮ ‬شارع واحد هو شارع خليل حمادة‮.. ‬وسبحان الله‮.. ‬أرادوا أن‮ ‬يفرقوا بين مسلمي‮ ‬مصر ومسيحييها‮.. ‬فجمع الله بين المصريين جميعاً‮.‬

وهذا‮ ‬يؤكد أن مصر هي‮ ‬المقصودة وهي‮ ‬المستهدفة‮.. ‬وأن الانفجار لم‮ ‬يفرق بين مسلم ومسيحي‮.. ‬فالشارع‮ ‬يمثل وحدة كل المصريين‮.. ‬وراح ضحية الحادث مسلم‮ ‬يبيع السبح وكتاب الله الكريم‮.. ‬كما راح ضحية له مسيحي‮ ‬يعبد الله ويذكر آياته ويرتل انجيله المقدس‮.. ‬فهل هناك وحدة وطنية افضل من تلك في‮ ‬أي‮ ‬وطن اخر؟‮!‬

‮** ‬مسلم‮ ‬يقدم القرآن كتاب المسلمين المقدس ومسيحي‮ ‬يرتل كلمات الانجيل الاثنان‮ ‬يعرفان الله‮.. ‬كل بطريقته‮.. ‬وكل بلغة وكلام ربه وسيارة تقف علي‮ ‬الرصيف‮ ‬يملكها مسلم‮.. ‬واخري‮ ‬يملكها مسيحي‮ ‬يدمرهما الانفجار معاً‮.. ‬وكما لم‮ ‬يفرق الإرهاب بين جسد لمواطن مسلم وجسد لمواطن مسيحي‮ ‬لم‮ ‬يفرق بين ممتلكاتهما‮.. ‬السيارتين،‮ ‬وكم من جسد مصري‮ ‬مسيحي‮ ‬وجسد مصري‮ ‬مسلم مزقته تلك الجريمة القذرة‮.‬

فهل بعد ذلك نجد من‮ ‬يقول إن الجريمة من عمل مسلم ضد المسيحيين وإذا كنا هنا لا نتحدث عن عدد الضحايا من هنا وعددهم من هناك‮.. ‬فنحن لسنا في‮ ‬مباراة لكرة القدم‮.. ‬لان مصير الوطن اكبر من مجرد عدد‮.. ‬هو المعني‮.. ‬وهو المبني‮.. ‬هي‮ ‬مصر ذاتها‮.‬

حقيقة وقعت‮ -‬وسوف تقع‮ - ‬بعض ردود الافعال من كل طرف تجاه الطرف الاخر‮.. ‬ولكن علينا أن نفهم أن الجريمة لم تفرق بين مسلم ومسيحي‮.. ‬تماماً‮ ‬كما لم تفرق بين ممتلكات طرف وممتلكات طرف آخر‮.. ‬فنحن نسمي‮ ‬من بناتنا معاً‮ ‬مسلم ومسيحي‮ ‬نسمي‮ ‬مريم‮..‬

وكذلك نسمي‮ ‬معاً‮ ‬من الذكور عيسي‮.. ‬هكذا نحن‮ ‬يجب الا نسمح لأي‮ ‬انفعال بأن‮ ‬يجرفنا إلي‮ ‬ما‮ ‬يستهدفه هذا العمل الاجرامي‮ ‬القذر‮.‬

عندنا عيسي‮ ‬وعندهم‮.. ‬وعندنا مريم وعندهم،‮ ‬وعندنا وعندهم الرب واحد كلنا نعبده ونسبح بحمده فعندنا المسبحة‮.. ‬كما هي‮ ‬عندهم‮.. ‬كلنا‮: ‬الكل في‮ ‬واحد‮.. »‬الكل مصري‮« ‬الكل مصري‮ ‬كما كنا قبل الاديان السماوية‮.. ‬والكل مصري‮ ‬مع بزوغ‮ ‬المسيحية والكل مصري‮ ‬مع نزول الاسلام،‮ ‬هكذا كنا‮.. ‬وهكذا سنظل‮.‬

‮** ‬إننا نقدم شارع خليل حمادة بشرق الاسكندرية نموذجاً‮ ‬مصرياً‮ ‬للعالم كله ليتعلم هذا العالم عظمة هذا الوطن،‮ ‬وعظمة هذا الشعب وسبحان الله‮: ‬المسجد هو مسجد المدينة‮.. ‬والكنيسة هي‮ ‬كنيسة القديسين‮ ‬يقفان صامدين في‮ ‬ذلك الشارع الذي‮ ‬نقدمه للعالم كله رمزاً‮ ‬للانسانية

التي‮ ‬تتعبد لرب واحد‮.. ‬وبكلمات واحدة الله وحده هو صاحبها‮..‬

‮** ‬وهذا‮ ‬يؤكد أن المجرم الذي‮ ‬خطط لتلك الجريمة لم‮ ‬يفهم،‮ ‬ولن‮ ‬يفهم،‮ ‬عظمة هذا الشعب‮.. ‬وهو عمل‮ ‬يؤكد أن الهدف هو هذا الشعب كله‮.. ‬بل هو هذا الوطن نفسه‮..‬

فقد حاولوا كثيراً‮ ‬تدمير هذا الوطن‮.. ‬وحاولوا تحطيم حلمه في‮ ‬أن‮ ‬يصبح وطناً‮ ‬أفضل للجميع‮.. ‬وهكذا تصدي‮ ‬المجرمون لكل محاولات بناء وطن عظيم‮.. ‬فعلوا ذلك أيام محمد علي‮ ‬الكبير وظل الصراع بيننا وبينهم حوالي‮ ‬نصف قرن‮.. ‬حتي‮ ‬نجحوا في‮ ‬إجهاض محاولة محمد علي‮ ‬كلها‮.‬

وحاولوا ذلك مرة اخري‮ ‬ايام الخديوي‮ ‬اسماعيل،‮ ‬حفيد محمد علي‮ ‬نفسه عندما وقفوا أمام محاولة تحديث مصر واحياء مشروع جده وبناء دولة عظمي‮.. ‬ولم‮ ‬يهنأ لهم بال الا بعد أن اسقطوه ونفوه إلي‮ ‬خارج البلاد،‮ ‬ولم‮ ‬يسمحوا بعودته الا جسداً‮ ‬هامداً‮ ‬مقعداً‮.‬

وحاولوا ذلك مرة اخري‮ ‬ايام جمال عبد الناصر‮.. ‬فحاربوا الرجل وحاربوا مشروعه التنموي‮ ‬وتصدوا له وأغرقوه في‮ ‬الحروب وراء الحروب حتي‮ ‬اجهدوا الرجل‮.. ‬وأسقطوه ولم‮ ‬يتجاوز عمره الخمسين عاماً‮ ‬إلا قليلاً‮.. ‬وضاع حلم مصر الكبري‮..‬

‮** ‬وأغرقوا السادات في‮ ‬المشاكل الجانبية حتي‮ ‬يعجز عن اعادة بناء ما دمرته كل الحروب السابقة‮.. ‬وحاولوا أن‮ ‬يسلبوه مزايا الانتصار الذي‮ ‬حققه عليهم عام‮ ‬1973‭.‬‮. ‬ولم‮ ‬يهنأ لهم جفن إلا بعد أن قتلوه‮.. ‬ومتي‮ ‬قتلوه‮.. ‬في‮ ‬ذكري‮ ‬عيده العظيم‮.‬

‮** ‬وهم الان‮ ‬يحاولون ويحاولون في‮ ‬عهد مبارك أن‮ ‬يدمروا أي‮ ‬محاولة لإنعاش الجسد المصري‮ ‬وان‮ ‬يقتلوا كل فرصة ولو صغيرة ليعيش المصري‮ ‬يوماً‮ ‬واحداً‮ ‬هانئاً‮.. ‬يربي‮ ‬أولاده ويوفر لهم المسكن الطيب والمأكل المعقول‮.. ‬والعلاج الآمن‮.‬

ولكنهم قرروا استمرار الحرب علي‮ ‬مصر،‮ ‬وضد كل المصريين واستغلوا نغمة تتحدث عن مسلم ومسيحي‮ ‬وعن تفرقة بين مصري‮ ‬يسبح الله في‮ ‬الكنيسة‮.. ‬ومصري‮ ‬يسجد لله في‮ ‬المسجد‮..‬

‮** ‬هي‮ ‬مؤامرة ضدنا كلنا نحن ابناء وادي‮ ‬النيل‮.. ‬هي‮ ‬فعلاً‮ ‬مؤامرة ضد الشعب المصري‮ ‬كله‮.. ‬واذا كان الانفجار‮ ‬يستهدف الكل‮.. ‬فإن كل الشعب قادر علي‮ ‬أن‮ ‬يهزم مخططاتهم‮.‬