رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

‮.. ‬واستقرت عصفورة سعيد‮.. ‬في باب الوزير

لم أعرف سعيد عبدالخالق إلا بعد أن قدمه لنا فؤاد باشا سراج الدين‮.. ‬فقد ذهبنا مصطفي شردي وجمال بدوي وأنا لنقابل الباشا،‮ ‬بعد أن رشحنا له عميد الصحافة العربية مصطفي أمين،‮ ‬لكي نصدر جريدة الوفد‮.. ‬وكان ذلك في أواخر يناير‮ ‬1984‭.‬‮. ‬وكان اللقاء الأول لنا بالباشا في قصره بجاردن سيتي وكان لقاءا للتعارف‮.. ‬أما اللقاء الثاني فكان في أول مقر لحزب الوفد في فيلا أحد أقطاب عائلة البدراوي بجوار مبني محافظة الجيزة‮.‬

 

وهو أول لقاء عمل بيننا وبين الباشا‮.. ‬وقبل أن ينتهي اللقاء طلب الباشا من مصطفي شردي أن يضم إلينا شابا صحفيا وصفه لنا بأنه صحفي وفي للوفد‮.. ‬وأنه كان ينشر أخبار الوفد منذ أن عاد للحياة السياسية‮.. ‬وأيضا في قضاياه الكبيرة قبل أن يصبح للحزب صحيفة خاصة‮.. ‬وقال لنا بالحرف الواحد‮: ‬سعيد صحفي ممتاز‮.. ‬قدم خدمات للحزب وأتمني أن يعمل معكم في جريدة الوفد التي ستتولون إصدارها‮. ‬وقد كان‮..‬

وفي اللقاء الثالث الذي جري فيه إعداد ملامح الجريدة الجديدة وقد عقد في‮ ‬غرفة طعام الباشا بالطابق الأرضي بالقصر الشهير،‮ ‬الذي كان قد بني خصيصا ليقيم فيه إمبراطور ألمانيا ولهلم خلال زيارته المقررة لمصر‮.. ‬ولكن الحرب العالمية الأولي اشتعلت فلم تتم الزيارة فاشتري سراج الدين شاهين باشا‮ - ‬والد فؤاد باشا‮ - ‬هذا القصر الرائع ليصبح مقرا له وللأسرة‮.. ‬وهو القصر الذي تزوج فيه فؤاد باشا بعد ذلك‮..‬

المهم أن هذا اللقاء الذي تم في حضور فؤاد باشا والذي وضعنا فيه أساس جريدة الوفد الأسبوعية كان يضم الأقطاب الأربعة الذين قادوا هذه الجريدة الرائدة في الصحافة المعارضة وهم‮: ‬مصطفي شردي وجمال بدوي وعباس الطرابيلي‮.. ‬وسعيد عبدالخالق‮.. ‬وكانت بداية رائعة‮..‬

وبعد أن عرض كل واحد ما يستطيع أن يقوم به اتفقنا علي أن يتولي سعيد عبدالخالق مسئولية‮ »‬دسك الأخبار‮«.. ‬وهو من أهم أقسام أي جريدة لأن الخبر هو عماد أي صحيفة تسعي إلي الجمهور والوصول إليه بسرعة‮.. ‬خصوصا وقد كنا في عصر‮ »‬بدايات‮ ‬1984‮« ‬يتعطش فيه المصري إلي الخبر الصادق‮.. ‬أو‮ ‬غير الموجه لمصلحة الحكومة‮.. ‬كنا في عصر تسيطر فيه الصحافة الحكومية‮ - ‬القومية سابقا‮ - ‬علي ما ينشر وما لا ينشر‮.. ‬وكانت هذه الصحف تحجب ما تراه ضارا بالحكومة أو يسئ إليها‮.. ‬ولا تنشر فقط إلا ما يحمل وجه الحكومة وحزبها الوطني‮.‬

وفي‮ »‬الوفد‮« ‬قررنا أن نجري وراء الأخبار التي لا تنشرها صحف الحكومة‮.. ‬لنرضي أولا حب القارئ في أن يعلم ما يجري‮.. ‬ونرضي ثانيا‮ »‬حرفية الصحافة‮« ‬عندنا أي نحقق للقارئ حقه في معرفة الأخبار الصحيحة‮.. ‬من هنا كان اهتمامنا بالجانب الإخباري في جريدة الوفد،‮ ‬رغم أن الصحف الحزبية يطغي عليها جانب مقالات الرأي‮.. ‬وقررنا أن ننحاز إلي الجانب الإخباري ليحقق للقارئ حلمه في أن يعلم حقيقة ما يجري في بلاده‮.‬

ولم يكن هناك أفضل من سعيد عبدالخالق ليتولي مسئولية هذا الجانب في الجريدة الجديدة‮.. ‬الوفد‮.. ‬وكان دوره هو قيادة فريق قسم الأخبار وتوجيهه لتقديم هذه النوعية من الأخبار للجريدة‮.‬

وللتاريخ أسجل أن نسبة كبيرة من هذه الأخبار لم تكن تجرؤ الصحف الحكومية علي نشرها‮.. ‬وكان مصدرها الكثير من الصحفيين العاملين بهذه الصحف‮.. ‬إلي أن تعود صحفيو الوفد الجدد ودخلوا في‮ »‬الفورمة‮«.‬

ونعترف بأن سعيد عبدالخالق بخبرته الكبيرة،‮ ‬بحكم تجربته في العمل بجريدة الأحرار المعارضة قبل ذلك تحت رئاسة تحرير صديقنا

العزيز الدكتور صلاح قبضايا،‮ ‬استطاع أن يقدم هذه الأخبار بطريقة جديدة وبراقة‮.. ‬بل ولافتة للنظر‮.. ‬حتي يمكننا أن نقول إنه ابتدع صياغة جديدة للأخبار وما يجب أن تنشر بها في صحيفة معارضة كبيرة‮..‬

ولفتت هذه الطريقة القارئ المصري‮.. ‬وجذبته‮.. ‬فقفز توزيع الوفد قفزات قوية وسريعة‮.. ‬وجعلت الناس يقولون لبعضهم‮.. »‬شفت الوفد ناشرة ايه النهاردة‮« ‬وكانت هذه هي أفضل دعاية للصحافة الوفدية الجديدة‮.‬

ثم تلك‮ »‬العصفورة‮« ‬الشقية العفريتة‮.. ‬حقيقة كانت صاحبة فكرتها هي الصحفية اللامعة سعاد أبوالنصر ابنة أخبار اليوم التي كان يخشاها الوزراء وكبار المسئولين‮.. ‬بل هي صاحبة فكرة رسم عصفورة علي هذا الباب وكانت سعاد أول من قدم هذه النوعية من الأخبار للوفد‮.. ‬إلا أن سعيد عبدالخالق تلقف الفكرة وتلقف أخبارها الأولي من سعاد‮.. ‬وممن قدموا أخباراً‮ ‬لنا علي فدارها واستطاع أن يجعل منها بابا رائعا جاذبا للقراء بشكل كبيراً‮ ‬وتطور سعيد بباب العصفورة‮.. ‬وطور أخبارها من مجرد باب صغير إلي أن أصبحت تنشر علي صفحة كاملة‮.. ‬ومنذ هذه اللحظات ارتبط باب العصفورة باسم سعيد عبدالخالق وكان القارئ ينتظر باب العصفورة كل خميس أكثر مما ينتظر جريدة الوفد نفسها‮!!‬

وعندما أصدرنا جريدة الوفد اليومية في مارس‮ ‬1987‮ ‬حاولنا أن نضم العصفورة لتتحول من عصفورة أسبوعية إلي يومية ووجدنا صعوبة في ذلك‮.. ‬فأبقينا عليها أسبوعية فقط‮.. ‬لعدة أسباب أولها أننا لجأنا إلي أسلوب العصفورة أي عدم ذكر أسماء من تشملهم هذه الأخبار بسبب خوفنا من بطش الحكومة ومطاردتنا قضائيا وبالتالي‮ - ‬بعد ذلك‮ - ‬بعد زيادة معدل الحرية الصحفية،‮ ‬والوفد ولسعيد عبدالخالق الدور الهام فيها‮.. ‬وبعد أن أخذنا ننشر الأخبار بأسمائها الحقيقة ولم تعد بحاجة إلي المبني للمجهول فيها توقفت العصفورة‮.. ‬ولكننا سرعان ما عدنا إليها بسبب هبوط التوزيع مع اختفاء باب العصفورة‮!!‬

ونشهد أن كثيرا من الصحف التي صدرت بعدها سرقت الفكرة منا وقلدت باب العصفورة‮.. ‬طمعا في أن تفوز بحصة أكبر من التوزيع‮.. ‬ولكن كلها كانت تقليدا‮.. ‬فلم يكن عندهم سعيد عبدالخالق‮..‬

وأول أمس طارت العصفورة‮.. ‬وطار سعيد عبدالخالق من الوفد إلي مسجد السيدة الطاهرة السيدة نفيسة لنصلي عليه صلاة الجنازة ثم طارت العصفورة إلي مقابر باب الوزير لتستقر هناك‮.. ‬عصفورة سعيد‮.. ‬رحمه الله رحمة واسعة‮..‬