رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحقيقة الغائبة.. في أزمة الكهرباء

الكل يشكون من الكهرباء! والكل يتكلمون عن الكهرباء، ولكن لا أحد يعرف بالضبط أين تكمن هذه المشكلة.. وان كان البعض يلقي باللوم علي المستهلكين ويرون أنهم ـ وهم وحدهم ـ سبب هذه المشكلة.. ونسي الكل أن حرارة الجو هي المسئول الأول.. أو ربما يشيع البعض ذلك!! فهل نلقي اللوم علي الجو والطقس.. أم نكتم أنفاسنا ونضع «فردة جزمة» قديمة في أفواهنا.

ولقد تكلم كل المسئولين ـ في قطاع الكهرباء ـ عن أسباب هذه الأزمة.. من الوزير.. إلي الغفير.. أقصد من أكبر مسئول في القطاع إلي أصغر غفير مطلوب منه أن يحمي أبراج الكهرباء، ان كان هناك غفراء!! ورغم ذلك لم يشرح لنا واحد من كل هؤلاء، الأسباب الحقيقية في المشكلة..
** وبما أنني من الأوائل الذين عاصروا إنشاء وزارة الكهرباء في مارس 1964 في حكومة علي صبري الثانية وكان أول وزير لها هو الدكتور عزت سلامة عليه رحمة الله.. وبالتالي، عشت كل هذا العصر.. فإنني أملك ـ ربما وحدي الآن ـ حق الكلام عن هذا القطاع شديد الحيوية..
وأقول إن ما نحن فيه الآن من أزمة كهرباء إنما هو محصلة العديد من الأخطاء.. وإذا كان منشئ هذه الوزارة هو الدكتور عزت سلامة.. فإن هناك علامات مضيئة لصفحات رائعة للمسئولين الذين تولوا مسئوليتها.. في مقدمتهم المهندس ماهر أباظة، الذي اختاره عزت سلامة ليكون مديراً لقطاع البحوث بالوزارة الوليدة.. وصعد مع الوزارة، حتي أصبح وزيراً لها في الحكومة التي رأسها الرئيس السادات بنفسه في مايو 1980 ولأنه ـ ابن القطاع وابن الوزارة ـ وبسبب طموح الرئيس السادات بنهضة صناعية كبري.. استطاع ماهر أباظة أن ينفذ خطة شديدة الطموح بإنشاء محطات توليد ضخمة بهدف توفير احتياطي استراتيجي لمصر من الكهرباء. وقد كان وسألته مرة أليس ايجاد احتياطي كهربي فوق 15٪ من إجمالي الانتاج أكبر مما تتحمله الميزانية، قال عليك ان تعلم ان المحطة التي تتكلف اليوم 100 مليون جنيه، سوف تتكلف 1000 مليون جنيه بعد 10 سنوات، لذلك أنا أبني للمستقبل.. وقد كان.
** أقول ذلك لأن مصر الآن تعاني عجزاً رهيباً في الكهرباء المنتجة تصل الي6000 ميجاوات، كما حدث لمصر يوم الاثنين الماضي، فهل نعرف ماذا يعني هذا الرقم. وما هو عدد المحطات التي علينا أن نقيمها لكي تنتج لنا هذا الرقم؟! وكم يتكلف كل ذلك.. وما هو الزمن المطلوب لتنفيذ كل ذلك.. لأن واحدة من أكبر محطات القاهرة ـ وهي غرب القاهرة ـ تصل طاقة وحدة التوليد بها إلي 87.5 ميجاوات، وهي الآن من 4 وحدات. وأن محطة كهرباء شمال القاهرة «شبرا الخيمة» تحتاج الي 5 أو 6 محطات عملاقة مثلها لكي نوفر هذا العجز.
** وأقول أيضاً إن المشكلة بين وزارتي الكهرباء والبترول حول سداد الأولي قيمة الغاز الذي تدير به المحطات، وعليها أن تدفعه إلي الثانية كان من أبرز أسباب نشوء هذه الأزمة الآن.
وأضيف: إن انخفاض كميات الغاز المنتج من حقولنا وراء الأزمة الآن واضطرارنا إلي استيراد الغاز ـ من أي بائع ـ حتي نتمكن من انتاج ما نحتاجه من كهرباء.. وأن هذا الانخفاض سببه توقف الحكومة عن سداد حصة الشريك الأجنبي «في شركات البترول»، فهبط الانتاج الغازي وتوقفت تقريباً الشركات الأجنبية عن تنمية حقول الغاز المصرية وهذا لا يهدد قطاع الكهرباء فقط، بل يهدد أيضاً كل شركات البتروكيماويات عن العمل في السويس وبورسعيد ودمياط وغيرها.. والسبب هو توقف تنمية حقول الغاز المصرية.. وكذلك عدم العودة سريعاً إلي استخدام الفحم في تشغيل محطات الكهرباء، أي تعود محطاتنا الحرارية.. وهذا حل مؤقت.. خصوصاً وأن مصر تمتلك حقلاً لانتاج الفحم، هو حقل المغارة جنوب غرب العريش بحوالي 170كم.
** وأضيف سراً قد لا يعرفه الكثيرون من العاملين في قطاع الكهرباء.. هو أن محطات التوليد المصرية لا تعمل إذا زادت درجة حرارة الجو علي 45 درجة بينما المحطات العاملة في السعودية ودول الخليج تعمل في جو حتي 55 درجة مئوية.. وذلك مراعاة لظروف الجو هناك.. فهل لم يتوقع مصري «كهربي» أن ترتفع درجات الحرارة عندنا إلي هذا الحد..
** أم هو غياب الشفافية.. وكل مسئول «قافل بقه» خشية أن يتكلم فيخطئ.. أم هي جريمة «الأخونة» التي نفذها الإخوان عندما سيطروا علي أماكن شديدة الحساسية، وفي مقدمتها الكهرباء لأنها تصل إلي كل بيت وكل قرية في مصر..
أم أن الوزارة تتعامل معنا كأننا جهلة.. وهم وحدهم الفاهمون.
** أقول كمان وأفضح أكثر.. أم نبحث عما يخرجنا من ورطة الظلام الدامس، الذي يغلف حياة كل المصريين الآن؟!