رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نفتح الدكان‮.. ‬أم نغلقه‮.. ‬ومتي؟

في‮ ‬محاولة للسيطرة علي‮ ‬سوق العمل والتجارة‮.. ‬ومواجهة فوضي‮ ‬الحياة المصرية،‮ ‬التي‮ ‬امتدت إلي‮ ‬كل شيء‮.. ‬هذه المحاولة‮ ‬يدور حولها الآن كلام كثير‮.. ‬يدور حول ضبط ساعات العمل‮.. ‬أي‮ ‬مواعيد فتح المحلات التجارية وغلقها‮.. ‬والحديث هنا‮ ‬يطول،‮ ‬ويطول‮.. ‬بينما القضية محسومة تماماً‮ ‬خارج مصر‮.. ‬ومن سنوات بعيدة‮..‬

ولمن لا‮ ‬يعلم كان هذا النظام معمولاً‮ ‬به في‮ ‬مصر حتي‮ ‬منتصف الخمسينيات‮.. ‬ليس في‮ ‬القاهرة وحدها،‮ ‬ولكن في‮ ‬الاسكندرية بالذات وفي‮ ‬بورسعيد ودمياط والمنصورة‮.. ‬علي‮ ‬الأقل في‮ ‬المحلات الكبيرة فيها،‮ ‬مثل المحلات الاجنبية‮: ‬عمر افندي‮ ‬وداود عدس‮.. ‬وبنزايون وغيرها‮.. ‬وتبعتها المحلات المصرية الكبري‮ ‬مثل الطرابيشي‮ ‬وشركة بيع المصنوعات‮.‬

كانت هذه المحلات تفتح أبوابها في‮ ‬التاسعة صباحاً‮ ‬وتغلقها في‮ ‬فترة راحة من الثانية والنصف حتي‮ ‬الرابعة والنصف‮.. ‬وكان هذا دستوراً‮ ‬لا‮ ‬يجرؤ أحد علي‮ ‬تغييره‮.. ‬ثم‮ ‬يستمر العمل مساءً‮ ‬حتي‮ ‬الثامنة والنصف،‮ ‬وفي‮ ‬القاهرة والاسكندرية والمدن الكبري‮ ‬لم نكن نجد محلاً‮ ‬واحداً‮ ‬يفتح أبوابه‮.. ‬وكان كل محل‮ ‬يضع علي‮ ‬أبوابه ساعات العمل اليومية‮.. ‬وكان الكل‮ ‬يحترمها تماماً‮..‬

‮** ‬وعرفت مصر أيضا‮ - ‬أيامها‮ - ‬الاجازة الاسبوعية‮.. ‬يوماً‮ ‬واحداً‮ ‬بل كانت كل مهنة‮ ‬يتفق رجالها علي‮ ‬موعد هذه الاجازة الاسبوعية،‮ ‬كانت محلات الأقمشة والملابس تغلق أبوابها‮ ‬يوم الأحد‮.. ‬وتفتح أبوابها‮ ‬يوم الجمعة‮.. ‬ولما اعترض بعض رجال الدين الاسلامي‮.. ‬ولماذا لا تغلقون‮ ‬يوم الجمعة رد أصحاب المحلات‮.. ‬حتي‮ ‬نعطي‮ ‬فرصة لمن اجازاتهم الجمعة وايضا سكان الريف والمدن الصغري‮ ‬للحضور إلي‮ ‬القاهرة وغيرها من المدن الكبري‮ ‬لشراء احتياجاتهم‮.. ‬وقد كان‮ ‬يوم الاجازة الاسبوعية موضوعاً‮ ‬للجدل حتي‮ ‬انه كان احد عناصر الحديث في‮ ‬المؤتمر القبطي‮ ‬الذي‮ ‬عقد في‮ ‬مصر الجديدة‮ - ‬عقب اغتيال بطرس باشا‮ ‬غالي‮ ‬عام‮ ‬1910‮ ‬والطريف أنه ومن أيامها اتفق الحلاقون علي‮ ‬ان تكون اجازتهم الاسبوعية‮ ‬يوم الاثنين،‮ ‬وظلوا‮ ‬يغلقون صالونات الحلاقة كل‮ ‬يوم اثنين‮.. ‬ولكن منهم الحلاق الذكي‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يضع‮ »‬عدة الحلاقة‮« ‬في‮ ‬حقيبة جلدية أو خشبية،‮ ‬ولا‮ ‬ينسي‮ ‬المرآة ليدور بها علي‮ ‬الزبائن‮!! ‬وحتي‮ ‬العطارون وتجار العطارة أتفقوا علي‮ ‬يوم الثلاثاء اجازة لهم وهكذا‮.‬

‮** ‬وفجأة اختلط الحابل بالنابل،‮ ‬والقليل من المحلات من‮ ‬يلتزم الآن بمواعيد للفتح والاغلاق‮.. ‬وحتي‮ ‬في‮ ‬منتصف النهار لم‮ ‬يعد واحد‮ ‬يلتزم إلا قليلاً،‮ ‬وكانت حجتهم وحجة السلطات الادارية المحلية أن الاسواق راكدة‮.. ‬والتجارة نائمة‮.. ‬والعمال مستمرون في‮ ‬قبض أجورهم وفواتير الكهرباء شغالة علي‮ ‬ودنه‮.. ‬والضرائب لا ترحم‮.. ‬المهم وجدها التجار فرصة للالتفاف علي‮ ‬التقاليد القديمة التي‮ ‬كانت تلزمهم بالاجازة الاسبوعية‮.. ‬وبمواعيد فتح وإغلاق‮..‬

والحقيقة أن الركود ليس سببا مقنعاً‮ ‬كي‮ ‬يلتفوا علي‮ ‬هذا النظام،‮ ‬بل كانت هناك اسباب عديدة منها سلسلة الحروب والمشاكل الداخلية منذ حرب‮ ‬يونية‮ ‬1967‮ ‬وهكذا‮.‬

‮** ‬الآن‮ ‬يتركز الكلام علي‮ ‬سبب واحد فقط هو‮ »‬توفير استهلاك الكهرباء ولكنني‮ ‬أراه سبباً‮ ‬لا‮ ‬يكفي‮.. ‬هناك أسباب تتعلق بأزمات المرور والازدحام في‮ ‬الشوارع لما بعد منتصف الليل‮.. ‬وهذا‮ ‬يعني‮ ‬زيادة في‮ ‬استهلاك بنزين السيارات،‮ ‬وهو مدعم من الدولة،‮ ‬وسبب‮ ‬يقول باعطاء فرصة لمن‮ ‬يمتد عمله من المواطنين إلي‮ ‬حوالي‮ ‬التاسعة مساء،‮ ‬وترك المحلات مفتوحة لما بعد ذلك‮ ‬يستهدف منحهم فرصة لشراء احتياجاتهم‮.. ‬وهكذا‮.‬

‮** ‬ولكنني‮ ‬أراها اسباباً‮ ‬واهية لانهم في‮ ‬أوروبا وامريكا درسوا كل هذه الامور‮.. ‬واستقروا عند فتح المحلات لفترة واحدة من التاسعة صباحاً‮ ‬وحتي‮ ‬السادسة مساء‮.. ‬ونادراً‮ ‬ما‮ ‬يستمر فتحها في‮ ‬بعض الدول حتي‮ ‬السابعة مساء‮.. ‬ولكن كل هذه الدول‮ ‬يستمر فتح المحلات فيها في‮ ‬اليوم السابق للاجازة الاسبوعية لمدة ساعة إضافية‮.. ‬علماً‮ ‬بأن معظم هذه الدول تحصل علي‮ ‬يومين اجازة‮.‬

أما مجال البقالة والسوبر ماركت فإنها تستمر في‮ ‬العمل إلي‮ ‬الساعة الحادية عشرة مساء‮.. ‬وان بقي‮ ‬سوبر ماركت واحد في‮ ‬كل حي‮ ‬يفتح أبوابه طوال الليل‮.. ‬للطوارئ‮.. ‬وكذلك بعض محال بيع المشروبات الكحولية‮.‬

‮** ‬واتذكر مرة كنت فيها في‮ ‬مدينة صنعاء وذهبت إلي‮ ‬سوق الملح أشهر أسواقها الشعبية‮ - ‬داخل اسوار‮ - ‬المدينة القديمة ووجدت البائع‮ ‬يجلس متربعاً‮ ‬في‮ ‬واجهة المحل‮.. ‬فلما اخترت‮ »‬من الفرش‮« ‬ما أريد سألت التاجر عن الثمن‮.. ‬فهز رأسه رافضاً‮ ‬الكلام معي‮.. ‬فتذكرت علي‮ ‬الفور ان تلك هي‮ »‬التخزين‮« ‬أي‮ ‬تخزين القات في‮ ‬تجويف الفم،‮ ‬وهي‮ ‬فترة تمتد عدة ساعات‮.. ‬ومعروف ان القات نبات مخدر‮ ‬يمنح من‮ ‬يخزنه في‮ ‬فمه فرصة تخدير فيتوه الرجل عما حوله‮.. ‬ويمتد التخدير إلي‮ ‬كل عضلات الجسم‮..‬

وبالمناسبة ليس الرجل وحده هو الذي‮ ‬يخزن القات‮.. ‬بل هناك مجالس للسيدات‮ ‬يقمن بهذا العمل‮.. ‬واذا كان هناك مجالس لتخزين القات للرجال‮.. ‬فإن هناك أيضا‮ »‬مجالس للسيدات‮«!! ‬وعجبي‮.‬