رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السودان.. من نافذة سيارة (10)

 

خلال زيارة الوفد الشعبي المصري، وحزب الوفد، للسودان شماله وجنوبه برئاسة الدكتور السيد البدوي شحاتة لم تتح لنا أن نغوص في أعماق الشعب السوداني.. فقد كان برنامج الزيارة مكثفًا للغاية.. ولكنني خرجت بعدة ملاحظات تكمل الصورة إلي حد كبير..

مثلاً الجنيه السوداني استعاد عافيته.. فقد كان عقب الاستقلال أكبر في القيمة من الجنيه المصري.. ولكن وبسبب الانقلابات العديدة منذ انقلب الفريق إبراهيم عبود علي الحكم الشرعي.. انحدرت قيمة هذا الجنيه.. واتذكر وفي إحدي زياراتي للخرطوم منذ حوالي 7 سنوات أن ذهبت إلي »دكان صرافة« وقدمت للصراف 300 دولار لتحويلها إلي جنيهات.. وفوجئت بالصراف يضع العديد من ربطات البنكنوت في كفة ميزان، وهو ينصحني بأن اكتفي بتحويل 100 دولار.. وخرجت من الدكان وأنا أحمل كيسًا كبيرًا اسود اللون فيه ما يعادل 300 دولار.. كانت قيمة الجنيه لا تساوي شيئًا.. وكنت عندما أريد شراء عدة حبات من المانجو أفتح الكيس وأترك البائع يأخذ ما يشاء. ولكنني في المرة الأخيرة وجدت الجنيه السوداني وقد استرد قيمته العالية القديمة.. حتي صار أغلي من الجنيه المصري.. كما كان أيام زمان.. و.. و.. ابحث عن البترول إذ رغم سنوات الحرب الأهلية مع الجنوب.. وحروب دار فور..، احتفظ الجنيه بقيمته العالية وعجبي..

** والذين يتأففون من ارتفاع درجة الحرارة في مصر نقول لهم عندما كنا في السودان ـ منذ اسبوعين ـ كانت درجة الحرارة في الخرطوم بين 48 و50 درجة في الظل.. فماذا كانت في عز الشمس؟!

وما كان يخفف منها اختفاء الرطوبة، لأن مستوي المياه في الانهار حول الخرطوم لم يكن مرتفعًا.. ولا كثيرًا.. وفي يوليو واغسطس تختلف الصورة.. أما في جوبا فإن درجة الحرارة كانت أقل قليلاً ولكن الرطوبة كانت عالية.. فقد بدأ موسم الامطار!!

** لفتت نظري ألوان السيارات في شوارع الخرطوم.. كان اللون الأبيض هو السائد.. ونادرًا ما رأيت سيارة سوداء.. أو حتي بنية اللون.. والسبب ان السيارات الفاتحة أو البيضاء تعكس الحرارة.. أما السوداء فتمتصها وتشوي بها أجساد ركابها..

** كانت عيناي دائمًا علي جزيرة توتي.. إذ عندها تولد أرض مصر.. والاشقاء يطلقون علي نقطة التقاء النيلين الأزرق بالأبيض اسم: المقرن وتنطق: المغرن أو المجرن.. لأن هنا تعقد الطبيعة قران النيلين ويتدافعان إلي الشمال حيث مصر في مجري واحد.. وكم أحببت هذه النقطة فإذا كان النيل الواحد يولد هنا فأنا من دمياط.. حيث ينتهي مشوار هذا النيل العظيم!!

** وبالمناسبة رغم أن موسم الامطار بدأ في جنوب السودان وفي الهضبة الإثيوبية إلا أنني رأيت قاع النيل الأزرق ظاهرًا للعيان.. لأن مياه الأمطار لم تصل بعد إلي الخرطوم سواء من النيل الأزرق.. أو من النيل الأبيض. وهنا تحس بارتفاع جسد الكباري العالية، وبعضها اقيم خلال عصر الاستعمار مثل كوبري أم درمان.. وبعضها في عصر الاستقلال مثل كوبري جزيرة توتي.. حيث يفترض أن تكون مياه النيل

الأزرق بنية اللون حيث الطمي..

** كم كان نفسي أن أشرب من مياه النيل!! ففي بلاد تتعدد فيها الانهار التي تتجمع في نيلين اساسيين.. لم استطع ان اشرب من مياه النيل.. كان كل ما شربناه عبارة عن مياه جوفية.. مياه آبار، وبالمناسبة هناك عشرات المصانع تعبئ هذه المياه وفي إحدي زياراتي السابقة للسودان، وكنت في موسم الفيضان، عندما فتحت حنفية غرفتي بالفندق نزلت المياه بنية اللون.. إذ لم يستطيعوا إزالة لون الطمي بالكامل منها. ولكن ماذا يشرب الناس.

** يا سلام علي اناناس جوبا.. لقد أكلت الاناناس في تايلاند.. وفي ماليزيا.. وفي سنغافورة.. واستراليا.. ودبي.. ولكنني لن أنسي اناناس جوبا.. فالثمرة الواحدة يصل طولها إلي 40 سم ولكن آه من حلاوتها.. وآه من طعمها. ورغم انني مريض سكر إلا انني أكلت منه حتي شبعت.. رغم ما حدث بعدها من آثار.

** والاشقاء يعرفون كيف يمجدون تاريخهم.. قلم الرصاص الذي وضعوه أمامنا ـ في الاجتماعات ـ اسمه: شندي. وشندي مملكة كان مركزها حول منطقة الخرطوم الحالية.. وآخر ملوكها كان اسمه الملك نمر الذي قتل الأمير إسماعيل باشا ابن محمد علي حرقًا بالنيران لأنه أهانه.

وقد سجلوا اسم الملك نمر علي واحد من أهم شوارع الخرطوم الذي يصل إلي شاطئ النيل الأزرق.. غير بعيد عن قصر رئاسة الجمهورية.

** والأشقاء في جنوب السودان اختاروا مدينة جوبا عاصمة للجمهورية الجديدة وهي أبعد مدينة في السودان.. عن الخرطوم.. كأنهم يريدون الابتعاد تمامًا عن سلطة الخرطوم.. كان يمكنهم اختيار مدينة واو أو مدينة رومبيك في جنوب غرب الجنوب.. أو حتي مدينة بور في شمال الوسط!! وبالمناسبة جوبا هي أقرب مدينة في الجنوب إلي حدود أوغندا، وجوبا علي النيل الأبيض.. وبالمناسبة قناة جونجلي التي لن تري النور.. تقع علي هذا النهر وتصب في بحر الغزال بالقرب من مدينة ملكال.

ومازال في الجعبة الكثير عن زيارة السودان.. ولكن كفي هذه المرة!!