عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إلي السودان: شماله وجنوبه!

ذاهب اليوم إلي السودان شماله وجنوبه، بقلب مفتوح وعقل جديد.. ذاهب ضمن الوفد الشعبي الذي يقوده حزب الوفد وقياداته الجديدة برئاسة الدكتور السيد البدوي شحاتة..

ذاهب كمصري من أقصي شمال مصر، عند مصب النيل في البحر المتوسط..لكي أشاهد ما يجري في أقصي جنوب منابع النيل، عند جنوب السودان..

وسوف أقف وأمتع نظري بنقطة التقاء النيل الأزرق بالنيل الأبيض عند جزيرة توتي، حيث تعودت أن أقف عند كل زيارة لي لمدينة الخرطوم.. إذ في هذه البقعة يتم عقد قران النيلين لينطلقا في نيل واحد إلي الشمال.. إلي مصر.. ولهذا ليس عجيباً أن يطلق الإخوة السودانيون علي هذه البقعة اسم: المقرن أي هنا يتم عقد قران النيلين..

>> وعندما يصل النيل الأزرق إلي هذه البقعة يكون في كامل عنفوانه وقوته فهو هابط من فوق الهضبة الحبشية التي ترتفع آلاف الأمتار وأمام هذه القوة ـ قوة الهبوط ـ يتوقف النيل الأبيض القادم من المنابع الاستوائية، يتوقف ليفسح الطريق أمام النيل الأزرق ليمضي في طريقه إلي الشمال لتصل المياه الحمراء حاملة الغرين إلي مصر، وهي المياه ـ بما تحمله ـ التي صنعت أرض مصر وخصوبة أرض مصر.. وبعد أن يهدأ النيل الأزرق.. يتقدم النيل الأبيض ليأخذ طريقه من أمام الخرطوم إلي مصر وتصبح هذه المياه هي المخزون الاستراتيجي لبحيرة ناصر..

** وقد وحشتني هذه المياه حمراء اللون، بعد أن حجبتها عنا بحيرة السد.. ولهذا ونحن الآن في بدايات موسم الأمطار سوف أقف أمام القصر الجمهوري في الخرطوم.. وأري علي البعد جزيرة توتي.. وأمتع بصري بمياه النيل الأزرق الهابطة من نافورة المياه في أفريقيا.. ومنها تأتي مصر 85٪ من حصتها من النيل..

ولقد ذهبت إلي هناك ـ منذ سنوات ـ وركبت سفينة صغيرة عبرت بي بحيرة تانا حيث ينبع هذا النيل.. وحيث تثور الأقاويل عن مشروعات تهدد حصة مصر من المياه.. وفي أديس أبابا التقيت رئيس جمهورية أثيوبيا.. وكبار مسئوليها ومنهم وزير الري والماء الأثيوبي.. ونائب رئيس البرلمان.. وشاهدت يومها بدايات واحد من المشروعات التي تنفذها أثيوبيا.. ويومها قالوا لنا انها مخصصة لتوليد الكهرباء، وليس لتخزين المياه.. الي أن فوجئنا بمشروع الألفية هذه الأيام..

>> واليوم أذهب إلي السودان التي وقعنا معها اتفاقيتين لتقسيم مياه النيل.. الأولي في مايو عام 1929 وفيها قبلت مصر بحق السودان في التوسع الزراعي بشرط ألا يسبب ذلك ضرراً أو مساساً بحقوق مصر التاريخية. أو بما تحتاجه مصر في توسعها الزراعي في المستقبل وحددت هذه الاتفاقية نصيب مصر بمقدار 48 مليار متر مكعب ونصيب السودان بمقدار 4 مليارات..

والاتفاقية الثانية وقعت في 8 نوفمبر 1959 وفيها وافق السودان لمصر ببناء السد العالي وأن يتم تقسيم المياه التي يوفرها والتي قدرت بحوالي 22 مليار متر مكعب.. بعد خصم فاقد التخزين المستمر والمقدر بحوالي 10 مليارات بحيث يحصل السودان علي 14.5 مليار وتحصل مصر علي 4.5 مليار..

أي تصل حصة السودان إلي 18.5 مليار وحصة مصر إلي 55.5 مليار.. كل عام..

>> حقيقة لم تكن هناك مطالب في أثيوبيا وغيرها من دول النيل للحصول علي حصة من هذه المياه.. ولكن الوضع الآن تغير.. بعد تزايد عدد سكان دول الحوض وعددها الآن 11 دولة.. واستقلت كل دول الحوض سواء في الهضبة الحبشية، مثل أريتريا فضلاً عن أثيوبيا المستقلة.. كما استقلت كل دول المنابع الاستوائية.. وهنا نشأت المشاكل.. والمطالب..

وجرت مياه عديدة تحت الجسور.. وتشددت دول.. وتشنجت دول أخري.. ونشأت دول أخري: بوروندي. رواندا. واستقلت أوغندا والكونغو.. وكينيا وتنزانيا..

>> وأخيراً صوت أبناء جنوب السودان لصالح انفصال الجنوب عن الشمال ولها أيضاً مطالب ومشروعات..

من هنا فإن الوفد الشعبي المصري يذهب اليوم إلي الخرطوم ليستمع لوجهة نظر الإخوة في شمال السودان.. وهم معنا في نفس الموقف.. وأي ضرر يصيب مصر..يصيب بالتبعية السودان الشمالي..

ثم نذهب إلي جوبا عاصمة جنوب السودان تلك الدولة الوليدة. ولها أيضاً مطالبها من المياه.. والكهرباء.. والحياة.. ومن المؤكد أن لها مشروعاتها الخاصة بالمياه.. ومصر وشمال السودان نصيب.. ولعل مشروع قناة جونجلي يوحد بين الدول الثلاث: مصر.. شمال السودان.. وجنوب السودان.. والمشروع كله يقع في الجنوب.. وهدفه تقليل الفاقد من المياه في منطقة السدود والأحراش والمستنقعات.. وكان سيعطي لمصر والسودان معاً.. فقد كان المخطط أن تحصل السودان علي حوالي مليارين و٠٠٣ مليون متر مكعب من المياه.. لري 1.7 مليون فدان جديدة في  مناطق النيل الأزرق وأعالي العطبرة والنيل الأبيض وبحر الجبل.. وكلها مناطق تقع الآن ـ تقريباً ـ في دولة جنوب السودان.. وهو مشروع توقف العمل فيه ببدء الحرب بين الجنوبيين والشماليين في منتصف الثمانينيات..

فيا تري ما هو مصير مشروع جونجلي.. بعد أن أصبح الجنوب دولة مستقلة..؟ وما هو مصير حصة السودان كله شماله وجنوبه من مياه النيل؟.. هذا ما سوف نتحدث فيه مع أهل الشمال.. وأيضاً مع أهل الجنوب.