رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عاش كالشهاب.. ورحل كالشهاب

كان يفترض أن أواصل اليوم حكاية أرض المعارض والصراع حولها ولكن صدمنا خبر هو الأكثر ألماً منذ سنوات.. ذلك هو رحيل الابن العزيز عادل القاضي.

وعادل القاضي شبل من أفضل أشبال الوفد حزباً وصحيفة.. تراه من بعيد فتري نوراً يمشي علي استحياء ومهل.. لم أره يوماً ينظر الي وجه آنسة أو سيدة.. كان دائماً ينأي ببصره بعيداً تنفيذاً وتمسكاً بمبادئ الدين الحكيم.. فالنظرة الاولي العفوية له.. وينأي عن النظرة الثانية.. فهي عليه.. هكذا هو عادل القاضي.

** كنت أول من استقبله وهو يدخل المقر القديم للوفد في المنيرة.. وكنا نستعد لإصدار جريدة الوفد اليومية في مارس 1987.. بعد أن أصدرنا بنجاح جريدة الوفد الاسبوعية في مارس 1984.. وكان عادل قد تخرج بفترة وجيزة.. وانضم الينا عام 1987 ليكون في مقدمة الكتيبة الاولي التي أصدرت الوفد اليومية.. ويدين لعادل بالفضل مجموعة كبيرة من زملاء دفعته الذين قدمهم لنا ـ نحن قيادات جريدة الوفد ـ ومعظمهم من أفضل صحفيي مصر ولكنه كان من أفضلهم: أدباً. وعلماً. وثقافة. وخلقاً وهم الذين أكدوا عظمة مدرسة الوفد الصحفية.. وصار لها ولهم سمعة طيبة داخل مصر وخارجها.. وجعلوا الصحف المصرية والعربية والخليجية تسعي اليهم. وتتخاطفهم للعمل فيها.. بسبب تلك السمعة الممتازة.. فقد كانت جريدة الوفد مدرسة صحفية متميزة أسلوباً وصحافة وأخلاقاً.

** وكان عادلاً.. وقاضياً حكيماً. يقف مع الحق.. ويحكم بالعدل وكان رائداً لأبناء دفعته من الجنسين. لم أسمع منه يوماً كلمة جارحة ولا همسة أو حتي لفتة خارجة.. ووجدت كل أبناء دفعته يكنون له احتراماً خاصاً.. ويلتفون حوله بحب شديد.

وعندما دخل علي بطلب يرجوني الموافقة عليه.. وجدت طلباً للسماح له بإجازة بدون مرتب ليعمل في احدي الصحف العربية.. ولما رأي تباطئي في الموافقة قال بأدب جم: لا تفعل كما فعلت والدتي »أرجوك.. أريد استكمال ثمن شقة العمر.. وأحقق حلمي في سيارة صغيرة.. وتخيلت نفسي وأنا أقف نفس الموقف أمام الراحل الكريم الاستاذ موسي صبري رئيس تحرير الاخبار عام 1971 عندما رفض السماح لي بالسفر الي أبوظبي.

** ووافقت.. وأنا أعانقه وأشد علي كتفه قائلاً: مكانك سيظل محفوظاً في الوفد الي أن تعود في أي لحظة.. وسافر عادل الي الامارات والي السعودية وكان يحرص كل عيد علي أن يلقي عليَّ تحية العيد أينما كان.. وعاد ثم سافر.. الي أن ساهم في اصدار جريدة المصري اليوم، وكان مديراً للتحرير بها.

** ولكنني أحسد ابني عادل علي دخوله مبكراً عالم تكنولوجيا الصحافة الالكترونية والنت.. وكثيراً ما كنت أداعبه قائلاً: لقد دخلت أنت ما عجزت أنا عن دخوله وهو عالم الصحافة الالكترونية، التي أراها سوف تغلق أبواب الصحافة الورقية،

خلال 10 سنوات علي الاكثر.. وليس 20 عاماً كما يعتقد البعض.

وتابعت خطواته الرائدة في هذا المجال منذ كان أحد كبار العاملين في »اسلام أون لاين« ورئيساً لتحرير موقع »محيط« الاخباري، الي أن أصبح أصغر رئيس تحرير لمجموعة الوفد وأحدثها وهي بوابة الوفد الالكترونية، هو ورفيقه فيها ابني الآخر عادل صبري زميله في رئاسة تحرير هذه البوابة التي انطلقت كالشهاب بين الكثير من البوابات الالكترونية، وهي أحدث وأفضل هذه البوابات، التي أثبتت وجودها منذ أيامها الاولي.

** ولقد عشت حتي رأيت 6 من أبنائي رؤساء للتحرير في مدرسة »الوفد« الصحفية وهم الاساتذة: أسامة هيكل وسليمان جودة وعادل القاضي ووجدي زين الدين ومحمد مصطفي شردي وعادل صبري.. وليس هذا نجاحاً لي ولزملائي بقدر ما هو نجاح لهم أنفسهم.. فقد أثمرت شجرة الوفد، مدرستها التي فرضت وجودها في عالم الصحافة.. وما أعظمها من ثمار رائعة.

ولكن يحز في نفسي وأنا أكتب مقالي هذا أنني لست في مدينة القاهرة لأصلي علي روح ولدي الغالي عادل القاضي وأودعه.. وهو فلذة كبدي الذي لم تلده زوجتي.. ولكنه ابني فعلاً وعملاً.. وما كان يراني ـ حتي وهو مشغول للغاية ـ حتي يخف اليَّ ويهرع ويندفع نحوي بشوشاً.. مبتسماً بوجه يشع نوراً.. وزبيبة الصلاة تزيده بهاء ونوراً.

** ولا أعرف وقع الصدمة علي والده الراحل العزيز.. وقد كان ابناً وفياً الي أبعد مدي بأمه.. التي لم يكن يعصي لها طلباً أبداً.. حتي عندما جاءه عرض العمل بالخارج تنازعته رغبته في استكمال ثمن شقته.. وحبه لوالدته.. وسافر علي مضض واعتقده وقد كان يتصل بها تليفونياً من الخارج مرة كل أسبوع علي الاقل.

** رحم الله عادل القاضي فقد عاش كالشهاب.. ومات كالشهاب ولكنه ترك فينا ما لا يُنسي أبد الدهر.