رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مأساة.. ما يحدث في قنا

 

أنا لست مع الإخوة من أبناء قنا في رفضهم لتعيين محافظ مسيحي لهم.. والأسباب عديدة..

وأرجو في البداية ألا يكون وراء هذا الموقف سبب ديني.. فهذا هو الخطأ الكبير..

وبداية أقول أن المصريين لم يتعودوا عدم التعاون مع المسيحي.. لا في الدلتا، ولا في الصعيد.. بل أن الأخوة في الصعيد كله لم يعرفوا ذلك في أي من معاملاتهم اليومية.. وتعالوا نتذكر معاً..

** هل المصري مسلماً كان أم مسيحياً عندما يذهب إلي البقال يسأل عن ديانته.. وهل يضيره أن يشتري بقالته من بقال مسلم أو بقال مسيحي وهل يحدث نفس الشيء مع بائع الخضار والفاكهة.. أم يحدث مثلاً حتي مع بائع الخبز.. والمكوجي وبائع البيض أو حتي بائع الجاز.. أنا نفسي لم أسأل وأنا أحمل طبقاً فارغاً هل بائع الفول المدمس.. مسلم أم مسيحي، ولا حتي من كان يدير ـ زمان ـ مطحن القمح والذرة.. نحن كلنا في مصر لم نفعل ذلك، بالمرة.. ولم نسأل هل هذا عم جرجس أم عم خليل.. عم سعد أم عم مصطفي.. وبالمناسبة لقد تسمي المصريون بأسماء يصعب عليك أن تعرف هل صاحبها مسلم أم مسيحي.. وإذا كان لي عم ـ شقيق لأبي ـ اسمه سعد.. فإن لي عماً أكبر عرفته في الوفد هو سعد بك عبدالنور سكرتير عام الوفد السابق أيام فؤاد باشا وعقب إبراهيم باشا فرج.. ولقد تسمي كثير من المصريين باسمي إبراهيم.. وفرج..

** وبالمناسبة هناك مهن كان أغلبية من عمل بها من الإخوة المسيحيين فهل وجدنا من يقاطع التعامل معهم.. أبداً هذا لم يحدث.. كان أكثر من 90٪ من الصاغة وتجار الذهب في الشارع التجاري بدمياط من المسيحيين.. وكانوا ممن يأمن المسلمون علي التعامل معهم.. وكان أبناؤهم زملاء لنا، بل وأصدقاء، في المدرسة ومازلت علي اتصال بهم، وأفخر بذلك وأعتز..

بل كان معظم موظفي الأملاك والشئون المالية في الحكومة، من المسيحيين وكان ذلك شأنهم منذ أيام صلاح الدين الأيوبي.. ثم المماليك وحتي عصر محمد علي باشا.. فهل قاطع المصريون التعامل مع هؤلاء.. وكان من مدرسينا من المسيحيين نسبة كبيرة.. فهل كنا نرفض دروسهم.

** ونفس الشيء.. هل كان الإخوة المسيحيون يقصرون تعاملاتهم التجارية واليومية شراء أو بيعاً علي زملائهم من المسيحيين.. أقسم بالله لقد أحببت مدرسين مسيحيين أكثر مما أحببت من المدرسين المسلمين.. فالدين المعاملة.. نضعه علي صدورنا ونحن نذهب للمساجد.. أو ونحن نذهب للكنائس.. بل ومن مدرسيني

المسلمين من جعلني أكره تلك المادة أو تلك.. ومن مدرسيني المسيحيين من حبب له هذه المادة أو تلك..

** ولقد عرفت مصر وزراء مسيحيين.. بل ورؤساء وزراء.. أولهم كان نوبار باشا ـ الأرمني المسيحي ـ الذي كان أول رئيس وزراء لمصر الحديثة أيام الخديو اسماعيل.. وعرفت يوسف وهبة باشا المسيحي المصري.. فهل رفضت مصر أن تتعامل مع هذا أو ذاك.. كما عرفت الكثير من الوزراء المسيحيين.. بل انتخب المسلمون في دائرة مسلمة.. مرشحاً مسيحياً وبالأغلبية الساحقة، وعرفت مرشحاً مسلماً في دائرة معظم سكانها من المسيحيين.. فانتخبوه.. فلماذا ما يحدث الآن.. في قنا؟!

إنني أتابع ما يحدث في قنا بأسي وأسف عظيمين، بل وبألم دفين فقد كان يعمل معي في دمياط شاب مسيحي كان أحرص الناس علي ألا يجهر بأنه يأكل أمامنا في نهار رمضان، أو حتي يدخن سيجارة.. فما الذي حدث لهذا المجتمع.. ومن الذي يحاول تفجير تلك الوحدة الشعبية التي ترسخت في المجتمع منذ مئات السنين..

** وأخشي الآن أن نجد عصياناً في وحدة عسكرية قائدها أو حتي ضابطها من الإخوة المسيحيين.. وأخشي أن نجد قسماً للشرطة يرفض جنوده تنفيذ أوامر المأمور المسيحي، أو حتي الضابط المسيحي.. فماذا سيحدث لنواجه هذه أو تلك؟..

والخوف كله أن يمتد هذا العصيان المدني.. فلا نجد مسلماً مريضا يرفض الذهاب لطبيب مسيحي.. أو مريضة مسلمة ترفض شراء الدواء من صيدلي مسيحي.

** لأنه.. لو حدث هذا، سوف ندخل كلنا نفقاً مظلماً سنخسر كلنا، نحن كل المسلمين وكل المسيحيين.. وهذا هو المطلوب الذي يسعي إليه عدونا الحقيقي..

ويا أهل قنا أنا حزين مما يحدث عندكم.