عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السلطة للبلطجية والجائلين الثابتين!

قلبي علي «بلدي» انفطر.. وقلب «السلطة» علي بلدي حجر!!. هكذا حورت المثل الشعبي الأصيل عندما تشكو الأم من جحود ولدها عليها وإهماله أمورها ومساعدتها في مواجهة متاعب الحياة، حتي لا تتوه الأم في بحور الظلام.. تماماً كما يتوه مصير الوطن الغالي «الذي هو الأم لكل المصريين» في متاهات الليل الذي لا ينتهي.. ويكاد الوطن يبكي وهو يتألم من جحود السلطة وإهمالها رعاية أمور الأمهات والأولاد.

ذلك أن قلبي يبكي كلما نزلت إلي وسط المدينة.. وكل مدينة، بل كلما مررت في أي شارع، عندما أري غياب السلطة الكامل عن كل شيء.. حتي تركت الشوارع والأرصفة تخرج علي أي سلطة فلا الإنسان يستطيع أن يمشي علي الأرصفة.. ولا السيارات تستطيع أن تجد طريقا تمر فيه إلا بشق الأنفس..
** تألمت كثيراً وأنا أري غياب السلطة الكامل عن كل شوارع مدن مصر بل وحواريها. بل صارت السلطة في كل هذه الشوارع لغير السلطة الشرعية، التي تمثلها الشرطة المنوط بها تنفيذ القوانين واللوائح كما تمثلها المحليات. ورحم الله زمناً كان فيه عسكري واحد من عساكر الدورية يفرض الأمن والأمان علي شارع واحد بكامله بمجرد ندائه التقليدي، الذي تربينا عليه «مين هناك؟».
ومصر هذه وشوارعها لم يعد يكفيها نداء كل عساكر الدورية وليس عسكري واحد.. بدليل انه رغم كل الحملات التي تقوم بها الشرطة.. فإن كل ما هو كان موجوداً سريعاً ما يعود.. وكأن كل البلطجية والباعة الجائلين يتحدون السلطة ويخرجون لها ألسنتهم، بكل بجاحة.. ولم يعد يهم هؤلاء أن يفقدوا بعض ما يعرضونه علي الأرصفة وفي عرض الطرق.. إذ سرعان ما يعوضون كل ذلك.
ثم ماذا عن هذه الأسلحة - التي يخفيها هؤلاء تحت بضائعهم من أسلحة بيضاء لم يعد تكفي أن تكون مجرد مطواة قرن غزال - بل هي من السيوف والسنج والسلاسل.. ولا مانع من مسدس خرطوش أو بندقية بلدي، يصنعها البعض في ورش خاصة.. أي أصبح هؤلاء قوة تتحدي قوة السلطة، بدليل وقوع العديد من الضحايا.
** والطريف أن هؤلاء لم يعودوا يكتفون بالأرصفة يحتلونها والويل كل الويل لو اعترض أحد المشاة علي احتلال هذه الأرصفة.. لأن هناك من يحمي الباعة.. هناك «قوات» من البلطجية يحمون هؤلاء مقابل «فردة» يحصلون عليها من الباعة مقابل حمايتهم لهم.
وزمان كان الباعة يحملون بضائعهم في كراتين وينصبونها بمجرد أن تغلق المحلات أبوابها.. ثم يجمعونها بعد أن ينخفض عدد المارة.. الآن أصبحت هذه العمليات تستمر طوال الليل والنهار علي حوامل ثابتة تحتل جانبي أي شارع ولا تترك إلا مساراً واحداً يكفي بالكاد مرور سيارة واحدة.. وللأسف فإن الصمت الحكومي يراه البعض اعترافاً بحقوق هؤلاء الذين اقتسموا الأرصفة وما أمامها من مساحات في الشوارع حتي تحولت هذه المناطق إلي «محلات» مفتوحة علي الهواء الطلق!!
** هنا تحولت «حملات» السلطة إلي مادة إعلامية تتحدث الصحيفة أو التليفزيون عنها بكثير من اللا مبالاة.. لأن الباعة سرعان ما يعودون بمجرد أن

تغادر الحملة المكان.
ويبدو أن السلطة استسلمت للأمر فتركت الكل يحتلون الشوارع بأرصفتها.. وصار هؤلاء الباعة هم السلطة الفعلية في الشارع حتي أن الواحد منا ينصح أولاده ومعارفه ألا يشتبكوا مع هؤلاء الباعة.. ولو بكلمة عتاب، فقد ولي عهد كان فيه المواطن يلجأ إلي صوته مناديا: يا بوليس.. وسرعان ما يظهر الشرطي في الحال ليلبي نداء المواطن.. ويحميه.. الآن يظل المواطن ينادي وينادي ولا مجيب. فالسلطة غائبة تماماً عن هذه القضية.. وعندما يختفي الأمن يشعر المواطن بالغبن ويشعر أن الأمر خرج علي كل سلطة.
** فهل السلطة تتعمد استمرار هذه الفوضي.. حتي تجد حجة لما يمكن أن تتخذه يوماً من إجراءات.. أم أن المصريين الذين قاموا بثورة يناير يندمون كثيراً علي قيامها.. بل يندمون علي أنهم «مكنوا» قوة ما من أن تستولي علي السلطة.. وأن هذه الجماعة لا تريد أن تفرض الأمن حتي لا تزعجهم.. لأنها هذه السلطة كثيراً ما لجأت إلي هؤلاء البلطجية ليتحركوا لمساعدتها في بقاء الأوضاع كما هي.
هل يندم المصريون الآن علي الثورة التي أوصلت البلاد إلي ما هي فيه الآن من غياب للأمن.. حاشا لله أن نقول ذلك ولكن هل هناك تفسير لما هو موجود الآن في شوارع مصر.
إن كل ما تقوله السلطة لإعادة الأمن للشوارع مجرد كلام.
ووسط كل هذه الفوضي توقف كل نشاط، وأي نشاط.. فالمصري الآن يمسك يده علي أمواله.. فلا يبيع ولا يشتري ويحتفظ بها تحسباً لما تأتي به الأيام.. خصوصاً وأن السلطة تمسك بحكاية إغلاق المحلات في العاشرة مساء.. وهذه وحدها سوف تزيد من الفوضي.. فإذا أغلقنا أبواب المحلات زادت المحلات السماوية المفتوحة في الشوارع وعلي الأرصفة وإذا كانت المحلات الطبيعية تدفع الضرائب.. فإن المحلات المفتوحة علي البحري لا تدفع ضرائب.. ثم تطالب الحكومة بتوفير الخدمات..
** حقاً السلطة لا يهمها أن تفرض الأمن وأن تعيد الأمان وإلا فلماذا هي غائبة تماماً عن كل ما يجري في شوارع مصر.