رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإعلام.. والمغالاة في الأموال المنهوبة

لا أتمني أن تكون كل هذه المليارات قد نهبت من ثروة بلادي، وهي أرقام لا يصدقها عقل.. ولكن هذا لا ينفي أن الفساد كان رهيبا.. والأموال التي نهبت كانت توفر لكل المصريين حياة أفضل.. وكان يمكن أن توفر الملايين من فرص العمل للعاطلين.. ويكفي أن حوالي مليون جامعي وخريجي معاهد عليا ينزلون إلي الأسواق كل عام..

ونعترف أن كل صحيفة تقول ما تعتقد حول المليارات التي سرقت من مصر.. وتنشر تلك المساحات الهائلة من الأراضي التي نهبت وكأن كل صحيفة تعتقد أنها كلما زادت في أرقام هذه وتلك تحصل علي حصة أكبر من التوزيع.. في سوق الصحافة.. إذ كلما كانت الأرقام أكبر كبر توزيع الصحيفة.. ونفس الشيء يقال عن برامج التوك شو »أي البرامج الحوارية« في الفضائيات وعلينا أن نعترف أن هذه الفضائيات كانت تضخم من الأحداث -قبل ثورة 25 يناير- وترفع صوتها لتحصل علي نسبة أكبر من المشاهدين.. ليس فقط لأن المصري يحب النميمة.. ولكنه يجري وراء ما يكشف الفساد أو يطارد المفسدين.

وهذه الصحف وتلك الفضائيات تجري وراء إرضاء شهوة القارئ.. أو عشق المشاهد في معرفة ما يجري.. وبالذات تلك الأرقام والبرامج الحراقة التي تدغدغ حواس القارئ أو المشاهد وهذه قضية يجب أن يدرسها محللو الإعلام المحايدون ليقولوا لنا.. لماذا تتعاظم هذه الظاهرة؟؟ لأن القارئ والمشاهد يأخذ ما تنشره الصحف.. أو تقدمه الفضائيات علي أنها حقائق مؤكدة.. ويتعامل معها من هذا المنطلق..

من هنا مثلا أرجو من المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود النائب العام ألا يقبل أي بلاغات عن قضايا الفساد إلا ومعها الحد الأدني من المستندات التي تشير إليها، حتي لا نأخذ البعض بالباطل.. وكم أتمني من المواطن المصري أن يتعامل مع هذه القضايا بمبدأ أن المتهم بريء حتي تثبت إدانته.. حتي نحفظ كرامة المواطن وسمعة أسرته.. وفي نفس الوقت أتمني من النيابة العامة ألا تعلن أخبارا إلا بعد بداية التحقيق.. ومع بدايات إحالة المتهم إلي المحاكمة.

أقول ذلك ليس دفاعا عن فاسد أو لص سرق أموال الشعب ونهب أراضيه.. ولكن من باب ألا نتسرع في توزيع قرارات الاتهام.. وأنا مع عدم فرض أي حظر علي هذه التحقيقات.. ولكنني مع التروي في توزيع الاتهامات.. حتي لا نظلم مواطنا تثبت التحقيقات براءته لأن حتي نشر أي تصحيح -بعد ثبوت البراءة- لن يعطي لهذا المواطن الحق في أن يرفع رأسه من جديد.. فقد لحقت الاتهامات به وبأسرته إلي يوم الدين..

وكم أتمني من الزملاء رؤساء التحرير، ومن معدي البرامج الحوارية في الفضائيات أن يتريثوا قليلا في إذاعة ما يصل إليهم

من معلومات، يوماً.. أو بعض يوم إلي أن يتأكدوا من سلامتها.. ولكن هؤلاء وهؤلاء يعيشون في صراع دائم مع الصحف الأخري.. ومع الفضائيات الأخري.. فكل همهم هو السبق مهما كانت نتائجه..

فمثلا أحد مقدمي البرامج أعلن في التليفزيون أن ثروة الرئيس السابق حسني مبارك وصلت إلي 630 مليارا ثم أجري عملية حسابية علي عدد سكان مصر.. وقال إننا لو قسمنا هذه المليارات علي كل المصريين لحصل كل مواطن علي كذا ألف جنيه!!

وهذا ليس دفاعا عن أحد.. ولا هجوما علي أحد.. بقدر أن يسمعوا نصيحة صحفي أمضي في هذه المهنة -حتي الآن- 53 عاما وكان أهم ما نهتم به هو المصداقية، فيما ننشر من أخبار.. وكم من أخبار براقة أمرت بتأجيل نشرها ليوم أو يومين إلي أن يصبح تحت يدي ما يؤكد صدقها..

ورغم كل ذلك فأنا أتمني أن تكون كل هذه الأرقام صحيحة.. حتي تسترد بلادي -بعد التحقيقات والمحاكمات- الحصة الأكبر منها سواء من أسرة الرئيس السابق.. أو من كبار حاشيته.. وأيضا من كل رجال الأعمال الذين نهبوا وكونوا الثروات من دم الشعب وأقاموا القصور والفيللات والشاليهات لهم ولأولادهم البالغين والقصر بينما الملايين من أبناء الشعب يعيشون في المقابر.. وفي المناطق العشوائية.. وعلي هامش الحياة..

وعملية استعادة هذه الأموال، ومعظمها تم تهريبه للخارج، لن تكون عملية سهلة.. لأن قوانين الدول التي توجد بها هذه الأموال لها أيضا قوانينها.. وشروطها التي يخضع لها الكل وبالتالي أمامنا شهور طويلة حتي تتم المحاكمة بكل مراحلها من جنايات إلي استئناف إلي نقض.. ثم إجراءات إخطار الإنتربول -أي البوليس الدولي- وإخطار الدول..

وبالتالي ليس أمام كل المصريين إلا أن يعملوا ويعملوا ليعيدوا هم بناء الوطن.

وهذا هو الرجاء الملح الآن..