رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ليسوا فنانين.. بل ليسوا مصريين

لا أدري لماذا لم ينفعل فنانونا بالثورة.. ولماذا لم يفرحوا لها كما فرح مطربونا زمان أيام الأحداث الكبري التي مرت بالوطن. بل هناك علامات استفهام تشير الي كل ما جري من مطربي هذا الزمان الذين أشبعونا ـ قبلها ـ بأنهم هم وحدهم معشوقو الجماهير.. حتي وان ارتدي أحدهم الجينز »المحزق« أو ترك أحدهم سلسلة ذهبية تتدلي من عنقه.. كما تتدلي السلاسل الذهبية من الجنس اللطيف.. ومنهم من يعتمد علي رفع صوت الطبول لتغطي علي نقص جمال الصوت.. أو عدم وجود صوت. أصلاً!!.

ولا يجب أن يتحجج أحدهم بأن الوقت لم يسعفه.. فهل كان مطربونا زمان يخضعون لعامل الزمن.. أم نقول لمن لم يقدم للناس فناً ان فناني زمان كانوا ينامون في مبني الاذاعة في الشريفين أياماً وليالي عديدة ليقدم للشعب تلك الاغاني العظيمة التي مازالت تغذي الوجدان حتي الآن.

** والحقيقة المؤكدة ان المسئولين عن الاذاعة والتليفزيون لم يجدوا أفضل من تلك الاغاني الوطنية العظيمة التي قدمها مضربو مصر ومطرباتها وفي مقدمتها تلك التحفة الرائعة للسيدة أم كلثوم »مصر تتحدث عن نفسها« و»من منكم يحبها مثلي أنا« ولا أغنيتها »كلنا فدائيون«.. وأيضاً أغاني عندليب الثورة: عبدالحليم حافظ. وما أكثرها وتأثيرها.. وأيضاً أغاني محمد قنديل.. ومحمد فوزي.. ثم تلك المبدعة شديدة الروعة: شادية في كل ما قدمته من أغان وطنية مازالت تشد القلوب والعقول.. وهل ننسي أغنيتها الرائعة عن سيناء.

** ولجوء مسئولي الاذاعة والتليفزيون الي أغاني هؤلاء الفنانين الكبار إنما يؤكد عدم وجود أغان كافية من مطربي ومطربات الزمان الحالي وربما عدم قدرتها علي التأثير.. وأتذكر كيف كان الفنان يجمع مؤلف الاغنية.. والملحن.. وكل أعضاء الفرقة الموسيقية.. ولا يخرجون من مبني الاذاعة والتليفزيون إلا بعد أن تخرج الاغنية للناس.. وأقول ان ذلك كان يحدث في عصر كان أجر المطرب أو المطربة يتجاوز المائة جنيه.. أما أجر المؤلف فربما يكون عشرة جنيهات.. أما الآن فان الاجور بالملايين للمطرب وعشرات الألوف للملحن ومثلها للمؤلف.. حتي كونوا الثروات.. هذا غير عائدهم من حق الاداء العلني.

** وأتذكر حدثين عظيمين لفناني مصر.. الأول »قطار الرحمة« الذي نظمته الشئون العامة للقوات المسلحة، وتولي تنفيذه وقتها قائد الجناح طيار وجيه أباظة في فبراير 1953 عندما اعتدت اسرائيل علي أبناء غزة.. في وقت تعرضوا فيه الي موجة شديدة البرودة فطاف فنانو مصر بمدن مصر كلها في قطار ليجمعوا فيه للاخوة الفلسطينيين أي مساعدات مالية أو عينية وكانوا يشتركون في حفلات طرب وغناء يسرع فيها

الناس الي تقديم ما تجود به أنفسهم.

والحدث الثاني: عندما قامت أم كلثوم بحملة رائعة لجمع التبرعات لدعم المجهود الحربي داخل مصر.. وخارجها. وكانت تقوم بالغناء علي أشهر مسارح أوروبا.. وأيضاً في كل الوطن العربي.. وكل ذلك ألهب الشعور الوطني للمساهمة في اعادة تسليح القوات المسلحة المصرية. وكانت من أعظم حملات مساهمة الفنانين في العمل الوطني.

لقد وجدنا من هرب الي الخارج من اليوم الاول سواء علي طائرات أصدقائهم الخاصة.. أو جمعوا ما استطاعوا من ثروات وهربوا بها الي خارج البلاد مع أولادهم.. ووجدنا من ينزوي في قصره الذي أقامه بأموال الناس، ومنهم من كان يسكن ـ قبلها ـ فوق السطوح!!.

** الآن ماذا نجد؟!

لقد أحسست بطعنة غادرة ليس في قلبي، ولكن في قلب مصر والمصريين فلا هم ساهموا ـ ولو بأغنية واحدة ـ لنقول: ها هم ساهموا ولا هم بقوا فوق أرض الوطن ليشعر الناس انهم منهم وإليهم.. رغم كل الملايين التي جمعوها من عرق الناس وكدسوها تكديساً.. ورغم كل الالقاب التي حملوها.. وهم لا يستحقون واحداً منها.

واختفي »الأخنف«.. وتواري الذي هرب من أداء الخدمة العسكرية وكلهم اكتشفنا اننا خدعنا فيهم.. رغم أصواتهم الهزيلة. وأغانيهم التي ليس فيها إلا الطبل والزمر لتغطي علي ضعف أصواتهم.

** تذكرت كل ذلك وأنا أتابع مسلسل أم كلثوم أمس وحملتها الرائعة من أجل دعم المجهود الحربي عقب هزيمة 1967.. ولكن يكفي اننا لم نجد أعظم من أغانيها وأغاني زملائها الكبار الذين أعطوا للوطن.. ولم يأخذوا منه إلا أقل القليل.

أما الذين أخذوا ـ رغم ضعف أدائهم ـ فقد أخذوا أكثر مما أعطوا.. ويكفي أن الشعب كشفهم.. وكشف زيف ما كانوا يدعون!!.