عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم مصرية

كل من يري ويقرأ عن الفساد الذي يكشفه الآن الإعلام المصري لا يصدق أن النظام السابق قد نجح إلي هذا الحد في »تنويم« بل وخداع الشعب المصري..

وهو فساد تغلغل في كل وزارة.. وكل مؤسسة.. وفي كل شركة.. تغلغل حتي في النفوس فمزقها.. وفي الذمم فخربها. وجعل من الشرفاء أنذالاً.. ومن اللصوص أبطالاً.. فهل كان الشعب مخدوعاً فيهم إلي هذا الحد.. أم أنهم تظاهروا بالشرف والأمانة فصدقهم الناس.. أغلب الظن انهم نجحوا في أن يرتدوا ثياب الأنبياء.. حتي ظهروا وأن منهم المسيح أو خرج منهم أولياء لله.. تفوقوا علي من نعرف من الأولياء الصالحين..

** كيف خدعونا طوال هذه السنين، من كان يتحدث تحت القبة عن فساد المحليات وأنه وصل إلي الركب.. وكنا نصفق له ونتعجب..

ووجدنا من يتحدث عن الشرف، ويتحدث بالقرآن والحديث ويمسك من السبح أغلاها.. ويكاد يضع زبيبة الصلاة أعلي جبهته.. ومن إذا سألت عنه قيل لك.. انه يتعبد في مسجد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.. أو لا يترك الكعبة يطوف حولها ويؤدي الفروض في أوقاتها.. أما عن السنن فلا أحد يستطيع أن يحصيها!! فهل كانوا يتصنعون التقوي والورع.. والتقرب إلي الله.. أم أنهم كانوا علي ثقة أنهم لا يفعلون ما يغضب الله..

** حقاً.. الواحد منا لا يصدق.. ولكنه أمام طوفان ما ينشر عن زيد وعبيد ونطاط الحيط يقف مذهولاً، بل مصدوماً.. فما يقرؤه لا يصدقه عقل حتي ولو كان أكثر المتشائمين.. والأسماء في السلطة نعم تغري بالنهب.. هكذا السلطة مضيعة، أي مضيعة.. والقرب منها مفسدة، أي مفسدة، وليس فقط قول: طباخ السم بيدوقه أو من جاور السعيد.. يسعد.. ولكنه كان الجو العام الذي ساد بسبب طول فترة الحكم الذي يظل فيها المسئول مسئولاً.. ومعها غياب الرقابة.. إن كانت هناك رقابة.. فالرقابة تعمل عندما يريد لها الرئيس أو الحاكم أن تعمل.. أو أن تصمت.. وكانت الرقابة سيفاً علي رقبة من يغضب عليه السلطان.. إن ذهب عنه سلطانيه هوي إلي أسفل سافلين.. وإن لعب بذيله قطعوا الذيل.. وان فتح فمه قطعوا لسانه وأغلقوا عليه باب بيته، والأمثلة عديدة ومازالت علي قيد الحياة.. من وزراء ورؤساء حكومات.. لا فرق. وكله معروف.. وبالأسماء.

** هل الإعلام هو السبب؟.. في الماضي كان محرماً أن تتحدث أي صحيفة عن أي تربح أو عن الرشاوي التي ينهبها رجال النظام.. أما عمليات السرقة المنظمة لثروات البلاد.. فلا أحد كان يعرف عنها شيئا وبالذات نهب الأراضي صحراوية أو زراعية.. وإذا كانت ثورة يوليو قد قامت بسبب الخمسة بالمائة الذين تملكوا 95٪ من أراضي مصر فإن نسبة الملاك الآن الذين نهبوا ملايين الأفدنة أقل الآن من 5٪!!

أما بيع أصول مصر فقد باعها من باع ليحصل هو علي العمولات بالمليارات.. ثم في النهاية كوفئوا بالمناصب عالية الرواتب وهي أيضا بالملايين كل شهر.. وكان كل منهم يسهل للآخر فهذا يدفع وهذا يحصل.. وثروة مصر تضيع تحت الأقدام..

** نعم.. الإعلام هو السبب.. وحتي عندما ألغوا الرقابة علي الصحف جعلوا من كل رئيس تحرير رقيباً علي جريدته، وهذه الرقابة الذاتية أخطر من الرقابة الحكومية.. لأنهم »هم« الذين يضعونه في منصبه.. لهذا يحافظ علي منصبه ما استطاع إلي ذلك سبيلاً.. وكان هؤلاء يقبلون الفتات، علي شكل رواتب رسمية وحوافز »قانونية« وبدلات جلسات، أو غير جلسات تنقعد طبقاً للقوانين.. ومن كان يعلم كان يسكت.. ومن لم يعلم فتلك هي المصيبة كلها..

من هنا فإن الصحف الحزبية التي صدرت واجهت هجمات شرسة من الإعلام الحكومي بسبب ما كانت تنشره من فساد.. ولم يكن أحد يصدق ما تنشره جريدة الوفد منذ عام 1984 عندما صدرت كجريدة أسبوعية.. ثم عام 1987 عندما صدرت كجريدة يومية.. وكنا ننشر كل ذلك علي استحياء.. فقد كنا نخشي بطش السلطة والسلطان وللحقيقة كنا- من أنفسنا في الوفد- نبتعد ما أمكن عن الرئيس وعن أسرته، زوجته، أولاده، وكذلك كنا نبتعد عن مؤسسة الرئاسة، اما خشية من البطش.. أو كنا نحافظ علي ما أمكن من شعرة معاوية.. وربما أيضا بسبب ما كان النظام يلوح لنا به من ملفات هم جاهزون لتوجيهها لنا.. وقد كانوا من البراعة بحيث كانوا قادرين علي أن يفعلوا أي شيء.. ليشوهوا سيرة ووجه أي مواطن شريف..

** هذا الإعلام الحكومي الآن هو الذي يكشف ربما أكثر مما تكشف الصحف الأخري من مخازي النظام السابق ومن خطاياه..

ومرة أخري رغم كل هذه الأموال التي نهبوها وهي بمئات المليارات.. مازالت مصر غنية!! وعجبي. ولكنها مصر.