رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بناء الحضارة.. يبدأ من القمامة!!

نعم، هناك علاقة بين القمامة والنهضة!! وشعب يعجز عن مواجهة قمامته.. يعجز عن التقدم وبناء حضارة حقيقية!!

وان يتعجب الدكتور كمال الجنزوري- رئيس حكومة الانقاذ- من عجزنا بأنفسنا عن مواجهة تلال القمامة فهذه كارثة.. وكارثة أكبر أن نلجأ إلي شركات أجنبية لرفع وإزالة قمامة المصريين.. حتي ولو كانت هذه الشركات الأجنبية تمتلك خبرة العلم والعالم كله.. خصوصاً ومصر تعاني من أزمة بطالة طاحنة تأكل شبابنا وتحولهم اما إلي بلطجية.. وإما إلي أن يشيبوا، قبل الأوان.
وإذا كان البعض يري أن أزمة القمامة ظاهرة في القاهرة والإسكندرية وحدهما فهم واهمون.. لأن المشكلة موجودة في كل مدينة.. بل وامتدت إلي القري!!
** لأننا نري أن النظافة سلوك.. ومن سلوكنا تتراكم جبال القمامة في الاحياء الراقية.. وعلي جسور الترع والمصارف علي حد سواء. وعندما نقول إن النظافة سلوك فإننا نذكر الحقيقة.. فنحن شعب لم نتعود حتي الآن علي ان نهتم بنظافة ما هو خارج بيوتنا.. فنحن نهتم بنظافة داخل الشقة- وحدها- بل نكنس القاذورات من داخل الشقة.. ونتركها خارجها، علي «البسطة». وإذا نظفنا السلالم فنحن نترك الزبالة أمام البيت كله.. وحكي لي مرة اللواء عمر عبدالآخر عندما كان محافظا للقاهرة وقبلها للجيزة انه لاحظ ظاهرة تحتاج إلي دراسة.. فقد اكتشف ان أصحاب السيارات يحملون معهم أكياس الزبالة من مساكنهم إلي سياراتهم.. وفي إشارات المرور، عندما تتحرك السيارات- يجد عمال النظافة أكياس الزبالة بجوار الرصيف. حيث كانت تقف السيارات الفاخرة.. فالمهم ان يتخلص المواطن من الزبالة وان يحملها بعيدة عن بيته.. ولم يجد المحافظ إلا أن يضع العديد من رجال النظافة عند اشارات المرور ليجمعوا هذه الأكياس في عرباتهم.. بعد أن تحرك الناس بعرباتهم عند فتح الإشارات!!
** ولقد أنشأنا هيئات للنظافة في المدن الكبري.. بعد أن ألغينا البلديات التي كانت تقوم بكل شيء.. واعتمدنا لها الميزانيات، لكي تنقل هذه الهيئات الزبالة والمخلفات إلي خارج المدن. وحددنا مناطق لدفن هذه النفايات.. ولم نعد نعتمد علي جامعي القمامة الذين كانوا يتحركون بها من البيوت إلي مناطق للفرز.. تأكل الخنازير منها ما يصلح لها.. ويعاد توجيه الشيء الكثير منها إلي إعادة التدوير.. أو إلي الأفران البلدية.. ولكن لما جاءت «شوطة» انفلونزا الخنازير أعدمنا الخنازير.. فزادت القمامة دون حل..
** وقبلها سمعنا عن مصانع للسماد تعيش علي هذه القمامة.. فأقمنا العديد منها بهدفين التخلص من القمامة.. وتحويلها إلي سماد تحتاجه الزراعة ولو لحدائق المدن والجزر.. ولكن التجربة تعثرت.. ربما بسبب ضخامة حجم مخلفات المدن المصرية.. حتي قيل ان زبالة المصري أكثر من زبالة غيره من الشعوب.
وحاولنا تدريب المصري علي فرز مخلفاته من المنبع، أي من داخل سكنه. ويضع كل نوع متجانس مع بعضه.. كما يفعل الناس في ألمانيا وفي الولايات المتحدة مثلا.. ولكننا فشلنا.
** ولقد رأيت في برلين- بناء علي طلبي- أكبر محرقة للقمامة.. فالطن مثلا يتخلف عنه بعد إحراقه 10 كيلو جرامات فقط.. والطريف انهم أجروا أبحاثا علي مخلفات الحريق فوجدوا فيها معظم المعادن من الذهب والرصاص إلي الفحم والسيليكون!! وبذلك وفروا مساحات هائلة كانت تخصص مدافن للنفايات.. كما نجحوا في معالجة مياه المجاري وحولوها إلي مياه نقية أكثر نقاء من المياه الطبيعية.. تخيلوا!!
هذا جانب من النفايات.. والجانب الآخر هو مخلفات المباني من هدم وترميم- وهي مخلفات زادت في العام الأخير- إذ وجدناها تتراكم علي طول الطرق الخارجية.. أو علي حواف المدن.. يلقي بها في ليل وبسبب غياب السلطة زادت العملية.. فهذا هو المصري وسلوكه.. ومهما حاولنا أن نزيل هذه الجبال فإن الأمر يحتاج إلي سنوات..
** هنا طلب الدكتور الجنزوري إعادة النظر في كل العقود المبرمة بين المحليات والمحافظات وبين تلك الشركات الأجنبية: إيطالية وفرنسية وألمانية وغيرها.. واكتشف الرجل انها عقود تمتد لسنوات عديدة!! ربما بسبب العمولات التي تحصل عليها البعض من هذه الشركات، نقصد الصفقات وطلب رئيس حكومة الانقاذ دراسة التعاون مع ألمانيا لتنفيذ مشروع لتدوير المخلفات.. علي أسرع وقت..
** ولكن كيف أكتب عن القمامة والمخلفات ومصر تعبر أهم مرحلة في حياتها ربما طوال قرنين من الزمان؟!
أقول ان النظافة سلوك.. ولا يمكن أن ندخل إلي عالم جديد واننا إذا نجحنا في مواجهة مشكلة القمامة يمكننا ان ننجح في غيرها من المعارك. وأهم المعارك تغيير سلوكيات المصري الذي قام بعض رجاله بإحراق العقل المصري المتمثل في المجمع العلمي المصري.. هكذا بكل بساطة وان نجعل المصري رقيباً علي نفسه.. وعلي الآخرين.
** وما أسهل أن نبني المصنع.. والمدرسة.. والمستشفي.. ولكن من الصعب بناء الإنسان القوي القادر علي فعل المعجزات..
ومصر لها الآن.. كما كانت أيام الفراعين وأيام صلاح الدين ومحمد علي.. وكل بناة الدولة المصرية العظيمة.