رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصانعنا تتكلم هندي وأوردو!

لا أريد أن أصدق ما نشرته »الوفد« أمس بقلم الزميلة نادية مطاوع من أن حكومة مصر منحت تراخيص لـ»25« ألف أجنبي للعمل في مصر.. وأن عددهم يبلغ الآن مليوني أجنبي. فهل يعقل هذا ومصر فيها ملايين الشباب لا يجدون عملاً باليومية.. وهل فعلاً القطاع الخاص المصري يفضل العمالة الرخيصة الأجنبية علي العمالة المصرية.

أقول لكم أن هناك أسباباً أخري تدفع هذه الشركات الوطنية الي طلب هذه العمالة الأجنبية، وهي انهم لا يثيرون المشاكل لهذه الشركات.. وربما هناك العديد من الأسباب الأخري تدفع هذه الشركات المصرية الي الاستعانة بالعمالة غير الوطنية.

** قد يقول البعض ان العمالة الأجنبية تمتلك خبرات لا تتوفر في العمالة الوطنية.. وقد يكون ذلك صحيحاً في الأعمال الفنية المتقدمة.. وأن الشركات تبحث عن خبرات معينة.. تراها فقط متوفرة عند الأجانب.. ولكن ماذا عن دورها في تدريب وإعداد المصريين لتولي هذه الأعمال.. أم يا تري هي لا تريد أن تتحمل أعباء تدريب وتأهيل المصريين وتريد عمالة جاهزة. أم نقول كما يقول البعض أن المصري لا يهتم بأن يجود في عمله ويحسنه.. ويرفض مبدأ التدريب.. بالمرة؟!.

** وعن التدريب والتأهيل الحقيقي نتحدث.. مثلاً هل برامج التدريب جادة بالفعل.. أم هي سد خانة وفرصة للتزويغ من العمل أو بحث عن الأجر الاضافي الجديد.. وبصراحة برامج التدريب هذه عندنا غير مثيلتها في الخارج. هل الشكل هو الأساس.. وفي الخارج المضمون هو الحقيقة.. ثم اننا في مصر نجد العامل بعد أن يتم تدريبه يفضل المكاتب.. ويرفض أن ينزل الي العنبر من جديد هو يريد كلمة »الباشمهندس«.. ولا يدري أن راتب الفني في الخارج يزيد أحياناً علي راتب المهندس الحقيقي.. ولكنها عقدة »الباشمهندس«!! واسألوا صاحب كل مصنع.

** وأقول ما لا يقوله أصحاب الشركات المصرية وهي أن العامل المصري »غاوي مشاكل«.. خصوصاً مع تصاعد موجات الاضرابات والاحتجاجات بينما العامل الأجنبي »مطيع للغاية«.. ولا يثير أي مشاكل.. ولكننا هنا نتحدث أيضاً عن حقوق العمال.. اللهم إلا اذا كان أصحاب الأعمال يطلبون الطاعة.. ولا يحبون من يطالب بحقه.. رغم ان الاسلام يأمر باعطاء العامل حقه.. قبل أن يجف عرقه.

وقد يكون استيراد عمالة أجنبية من الأمور المقبولة في بلاد قليلة السكان مثل دول الخليج ومثل ليبيا.. ومثل الاردن.. ولكن ماذا عن شعب تعداده تجاوز الثمانين مليوناً من البشر.. وهل تعجز برامج التدريب الحكومية وبرامج التدريب داخل القطاع الخاص عن تدبير احتياجاتها من العمال المهرة؟!.

** وقد نسمح باستيراد عمالة من أوروبا.. ولكن أن نستورد عمالة من بنجلاديش

والهند وتايلاند ـ مع احترامنا لهذه الدول ـ فمن حقنا أن نسأل عن الخبرة التي تتوفر في هذه العمالة الآسيوية ولا تتوافر في مثيلاتها المصرية.. وحتي العمالة اليدوية العادية مثل عمالة النظافة لماذا ـ فعلاً ـ  نستوردها ولا نوفرها للمصريين.. أم أن الاجر الذي يدفع للاجنبي أقل مما يطالب به المصري.

ونعترف أن العامل الاجنبي ـ عندما يعمل خارج بلده ـ يقيم داخل معسكرات عمل.. أو يقيم العشرة عمال في غرفة واحدة.. ويسد جوعه بأي طعام.. ويرتدي أي ملابس.. أما المصري فانه ينفق علي أسرته هنا.. وعليه أن يلبي احتياجاتها من مسكن انساني ومن طعام معقول ومن علاج.. وهذا كله يتطلب حصوله علي أجر معقول.. ولهذا يتظاهر ويعترض اذا لم يحصل عليه.. وهو عمل لا يجرؤ عليه العمال الأجانب في مصر.

** اننا مع التدريب والتأهيل الجادين. ليس فقط لكي نسد حاجة المصانع الجديدة.. ولكن لنرفع من مستوي جودة الانتاج المصري، حتي يستطيع أن ينافس في الخارج.. وأيضاً ينافس في الداخل.. ونحن مع توفير فرص العمل للمواطنين.. بل ومع أن يحصل صاحب رأس المال علي الربح المعقول.. ولكننا لسنا مع امتصاص دماء العاملين ليزداد الغني غني ويظل المصري علي حاله.. واذا كان ذلك ليس معناه دعوة للثورة أو تحريضاً عليها.. ولكننا أيضاً مع العدالة الاجتماعية.. العدالة التي تقول بحصول كل طرف علي العائد المعقول.

حتي لا نجد يوماً مصانعنا تتحدث أوردو »لغة البنجلاديش« أو ترطن هندي. ولكن من العار أن نستورد العمالة.. في بلد يعج بالعاطلين.. وهنا يبرز دور وزارة القوي العاملة.. الدور الحقيقي لتدريب المصريين وتغيير طبيعة عملهم مادام ذلك يحقق المصلحة العليا.. والمصلحة الشخصية لعمال مصر.