عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر.. تونس.. وبالعكس

تري هل يترحم أبناء تونس الآن علي أيام زعيمهم الأول الحبيب بورقيبة بعد كل الذي عانوه مع حاكمهم الثاني زين العابدين بن علي.. تماماً كما ترحم شعب مصر علي زعيمهم مصطفي النحاس..

 

كان الحبيب بورقيبة نظيف اليد والجيب.. عفيف اللسان قاد شعبه إلي ان نال استقلاله ثم أصبح رئيساً لهم ووضع برنامجا تنمويا عظيما يقوم علي العلم والتعليم، هو الان اساس المجتمع التونسي الذي يملك الأن احسن نسبة تعليم في الوطن العربي وأعلي نسبة متعلمين فيه.. تماماً كما كان مصطفي النحاس وكل حكوماته يعملون من اجل النهوض بمصر والمصريين.. ولم يشغله مشروعه السياسي ونضاله ضد الانجليز، وأيضا ضد القصر الملكي عن نضاله من أجل شعب مصر.. حتي أعلنها وزير التعليم في آخر حكومة وفدية من أن التعليم كالماء والهواء.. تلك المبادئ التي أعلنها الدكتور طه حسين وزير تعليم حكومة الوفد الأخيرة.

** حقيقة حارب بورقيبة الاحتلال الفرنسي، ودخل السجن.. تماماً كما حارب آخر »بايات تونس« أي حكامها من ابنائها.. وانتصر عليهم وهو نفس الدور الذي حارب فيه النحاس الانجليز حتي كاد يحصل علي الاستقلال لمصر لولا رفضه مطالب الانجليز بأن يكف يده عن السودان وضمان حريته هو أيضاً.. وانتصر علي الانجليز.. ولم يفرط في السودان، كما يفرط فيه اهله الان.. بانفصال جنوبه عن شماله ويكفي أن النحاس ألغي كل ما يربط مصر بهم من معاهدة 1936 وإطلاق يد الفدائيين للعمل ضدهم في كل منطقة قناة السويس..

وفي عهد النحاس باشا كان شعب مصر ينعم بتعليم رائع وعظيم.. وكنت انا شاهداً وواحداً من تلاميذ مصر.. تعلمت في مدارس مصر التي كانت تقدم للطالب كل شيء: الكتب - ولم تكن تعرف الكتب الخارجية، اذ لم نكن بحاجة اليها، والكراريس وكل الادوات.. حتي الاقلام والحبر وورق النشاف والمساطر والاساتيك.. وكما كانت المدارس تقدم لنا كل ذلك وغيره.. من غذاء للروح والعقل، كانت تقدم لنا وجبات غذائىة ساخنة: لحوم وخضار وأرز وخبز وفواكه.. تخيلوا لأن حكومة مصر، حكومة الوفد، كانت تؤمن بأن التعليم لا يصلح مع بطون خاوية.. فكنا نجلس جميعاً معاً - في مطعم المدرسة - لنأكل وجبة ساخنة مطبوخة أيضا في مطبخ المدرسة.. كلناً معاً: الغني مع الفقير.. وهكذا تعلمنا تعليما راقياً يضارع تعليم أرقي المدارس في اوروبا ولهذا كانت مصر فعلا علي ابواب عصر عظيم..

** وفي عهد بورقيبة نعمت تونس بتعليم عظيم لا يقل أبداً عن التعليم في فرنسا، وفي المانيا، وفي انجلترا.. هذا التعليم هو الذي ينعم بنتائجه الآن شعب تونس.

وجاءت حكومات الثورة في مصر لتغير كل شيء تحت دعاوي ان هذا كله من آثار العهد البائد.. ودخلت في عصر جديد، تتعدد تجاربه من ايام اسماعيل القباني إلي كل من تبعه..فانهار التعليم في مصر كما انهار فيها كل جميل أيضاً..

تماماً كما جاءت علي تونس حكومات ما بعد بورقيبة.. وجلس زين العابدين بن علي، علي قمة السلطة هناك يعبث كما يشاء ويتخلخل الفساد كل شيء هناك وينتشر، وسبحان الله، كما تخلل وانتشر هذا الفساد واكثر منه في مصر ورأينا من يمتلك المليارات، بينما في مصر

وفي تونس من لا يمتلك الملاليم.. ونجد - هناك وهنا - عائلات وأسماء تسيطر علي كل شيء وتضع يديها علي كل ثمين وغالٍ من أرض وثروات.. ومن مشروعات ومن ارباح، بينما - في مصر وتونس - من لا يجد الطعام.. أو التعليم المعقول.. أو العلاج والحد الأدني منه.. أما البطالة فهي أم الداء هنا وهناك، ليس فقط بين العمال ولكن بين الطبقة المتعلمة في البلدين علي حد سواء.. وحرام فعلاً أن يمضي الشاب 20 عاماً يتعلم ثم لا يجد فرصة العمل الشريفة التي توفر له ولأسرته التي تنتظر لقمة العيش الطاهرة.. دون ذل السؤال..

** حقيقة هناك - في البلدين - تحققت إنجازات كبيرة.. من بنية أساسية اكثر من رائعة: طرق وكباري.. محطات صرف ومياه للشرب وأنفاق وصناعات حديثة ولكن ماذا عن الأساسيات.. ماذا عن التعليم الجيد، ماذا عن الحريات وليس القشور وماذا عن فرص العمل.. وماذا عن تداول السلطة.. وماذا عن مسكن نظيف.. وطعام رخيص وعن حرب حقيقية ضد الغلاء؟!.

في مصر الان.. كما في تونس - كل هذه المتناقضات.. ولكن سببها واحد هو الحكم المطلق.. هو هامش رقيق من الديمقراطية وهو حكومات لا تتغير تبعاً لارادة الشعب.. ولكن تنفيذاً لأوامر السلطة الأعلي ..فلا أحد يعلم - في البلدين معاً - لماذا ذهبت هذه الحكومة وجاءت تلك الحكومة.. ولا لماذا جاء وزير أو أقيل آخر حتي اخترع الناس كلمة »أستقيل«، فلا هي استقالة واضحة ولا إقالة حقيقية..

**  والإعلام - وآه من الاعلام - يصفق ويطبل.. وشاهدوا ما تفعله صحف الحكومة القومية في مصر.. اما صحف تونس فقد قتلها زين العابدين وحولها إلي صحافة محلية.. حتي اصبحت مجهولة خارج تونس، وحتي ابتعد المصريون عن الصحف القومية من كثرة المديح الذي تقدمه للناس كل صباح..

** مصر وتونس يا سادة بلدان عربيان ابتليا بالاستعمار معاً وعانيا من الحكم الوطني معاً سنوات وسنوات..

وقامت الثورة في تونس.. واسترد شعبها السلطة أو كاد.. ومازالت شعوب كثيرة غيرها تحلم بما حدث في تونس..

** وتعالوا نترحم علي النحاس وعلي بورقيبة!!