رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إعلانات التليفزيون.. وشربة عم داود!

مازلت أتذكر ذلك الزحام، وكل هؤلاء الذين يتجمعون حول رجل غريب.. عجيب .. يملك القدرة على الاقناع.. الرجل بارع فى تقديم ما يحمل.. الرجل يبيع شيئاً واحداً.. هو تلك «الشربة العجيبة» التى يصفها عم داود بأنها تشفى من كل الأمراض: باطنة وعظام وأسنان وأنف وأذن.. وعيون أيضاً!

والرجل يعرف كيف يختار ميدانه.. أى إلى من يتكلم.. فهو يذهب إلى الأسواق الشعبية فى الأرياف.. أسواق الجمعة والثلاثاء.. وأيضاً الى تجمعات الموالد الإسلامية والمسيحية، حيث أسلوب الجماعة والتقليد يقود كل شىء.. وطبعاً يكون أول المشترين وثانيهم من رجاله وصبيانه ليندفع باقى المتحلقين حول الرجل فى شراء ما معه من تلك الشربة العجيبة!!
< الآن="" أصبح="" الميدان="" هو="" التليفزيون="" بدلاً="" من="" الأسواق="" الشعبية="" والموالد..="" وبدلاً="" من="" الشربة="" العجيبة="" نجد="" الآن="" «اللاصقة="" العجيبة»..="" وإذا="" كان="" ميدان="" الترويج="" للشربة="" العجيبة="" محصوراً="" برواد="" المولد="" أو="" السوق...="" فإن="" ميدان="" ترويج="" اللاصقة="" العجيبة="" هو="" التليفزيون..="" وهو="" ميدان="" أكبر="" وأرحب..="" وأكثر="" ربحية..="" فالتليفزيون="" يراه="" الملايين!!="" والربح="" أيضاً="">
< وتقول="" إعلانات="" اللاصقة="" العجيبة="" إنها="" تصنع="" من="" عشب="" الترمالين="" «ولا="" أحد="" يعرف="" ما="" هو="" هذا="" العشب»="" وهو="" ـ="" كما="" يقول="" الإعلان="" عشب="" يمتص="" كل="" السموم="" من="" الجسم.="" ويصنع="" من="" ألياف="" الأشجار..="" واللافت="" للنظر="" أن="" هذ="" اللاصقة="" تعالج="" كل="" الأمراض="" من="" الصداع="" إلى="" السرطان="" مروراً="" بارتفاع="" ضغط="" الدم="" بكل="" أنواعه..والكوليسترول.والأورام="" السرطانية="" والتهاب="" الحنجرة="" وتجلط="" الدم="" «أى="" الجلطة»="" وأيضاً="" أمراض="" الكلى="" والذبحة="" الصدرية..="" كما="" تعالج="" خلل="" الدورة="" الدموية="" وأيضاً="" أمراض="">
وهذه اللاصقة العجيبة التى تلصق أسفل القدم تعالج أيضاً التهاب الحنجرة والنقرس والالتهاب وتسحب السموم من الجسم وتمتصها.. هى إذن الحل السحرى للعديد من الأمراض.. وكل ذلك بمبلغ زهيد: 99 جنيهاً للعلبة الواحدة..
< ترى="" ماذا="" بقى="" من="" أمراض="" تصيب="" الجسد="" لا="" تعالجها="" هذه="" اللاصقة="" وما="" هى="" حكايتها="" وهى="" المصنوعة="" من="" مواد="" طبيعية="" 100٪="" كما="" يقول="" الإعلان.="" لأنها="" كما="" يضيف="" الإعلان:="" علاج="" للكل:="" للأطفال="" الرضع="" والعواجيز="" المسنين:="" سيدات="" ورجال..="" وتواجه="" مشاكل="" نقص="" جهاز="" المناعة..ولم="" يبق="" إلاأن="" يقول="" الإعلان="" انها="" تعالج="" الضعف="" الجنسى="" للرجال="" وللنساء="" معاً..="" أما="" قدرتها="" على="" علاج="" زيادة="" الدهون="" بالجسم="" فلم="" ينسها="">
< وهذه="" اللاصقة="" ـ="" تقول="" الإعلانات="" ـ="" يمكنها="" التخلص="" من="" البكتريا="" من="" الجسم="" وتشعره="" بالحيوية="" والنشاط..="" وتعمل="" بنظرية="">
واللطيف أن أكثر من شركة.. أو ربما هى شركة واحدة ولكنها تقدم هذا الإعلان بطرق فيها بعض الاختلاف..وتظل هذه الإعلانات تدق على الرؤوس.. حتى وكأنها تقنع المشاهد بالفائدة منها..
وأتذكر ـ أننا ناقشنا كل هذه الإعلانات ـ فى اجتماعات المجلس الأعلى للصحافة.. وعقدنا عدة اجتماعات.. وتوصلنا إلى ما يشبه القرارات أو  ميثاق شرف لهذه الاعلانات بألا تنشر الصحف مثل هذه الاعلانات إلا بعد الحصول على موافقة وزارة الصحة..
والمشكلة وقتها أننى كنت أريد أن ألزم قنوات التليفزيون بعدم إذاعة هذه الإعلانات إلا بعد الحصول على موافقة وزارة الصحة.. تماماً كما في الصحف.. ولكن رئيس المجلس صفوت الشريف كان يرد: نحن مجلس أعلى للصحافة.. وكنت أرد ولماذا لا نكون مجلسا أعلى للإعلام حتى نضمن عدم الخروج على القواعد التى تحمى المجتمع.. ولم تخل جلسة للمجلس دون أن أثير مثل هذه الإعلانات وضررها على الصحة العامة.
< والآن،ولأن="" مصر="" تعيش="" بلا="" ضابط="" أو="" رابط="" ويفعل="" كل="" واحد="" منا="" ما="" يريده="" بسب="" غياب="" أى="" عقوبة="" أو="" من="" يسأل="" ويحاسب..="" نجد="" العجب="" والمؤلم="" أن="" كثيراً="" من="" هذه="" الإعلانات="" تجد="" طريقها="" عبر="" شاشات="" التليفزيون="" وتحت="" يدها="" رخصة="" تقول="" إن="" هذه="" وغيرها="" ليست="" أدوية..="" ولكنها="" «مكملات="" غذائية»="" أى="" لا="" أستبعد="" انتاجها="" فى="" غرف="" تحت="" السلم،="" مثل="" زيت="" شعر="" كليوباترا="" وغيره="" من="" المواد="" والطريف="" أن="" يخرج="" أحدهم="" مرتدياً="" جلباباً="" وطاقية="" ليقدم="" إعلاناً="" يقول="" إن="" «وزارة="" الصحة="" العالمية..="" وافقت="" على="" هذا="" المنتج»!!="" وصاحبنا="" ـ="" هذا="" الجاهل="" ـ="" يعتمد="" على="" أن="" أحداً="" لا="" يعرف="" أنه="" ليست="" هناك="" «وزارة="" عالمية="" للصحة»..="" ولكنها="" «هيئة="" أو="" منظمة="" الصحة="" العالمية..="" وليست="" وزارة="" الصحة="">
< وحتى="" لا="" تضحك="" علينا="" شعوب="" العالم="" يجب="" أن="" تتوقف="" هذه="" الإعلانات="" وغيرها="" فوراً..="" وأن="" يتم="" تحويل="" أصحابها="" ومروجها="" للنيابة="" العامة..="" دون="" انتظار="" لاستقرار="" الأوضاع="">
فالصحة لا تحتمل أى تأجيل.. يابتوع الشربة العجيبة واللاصقة العجيبة!!