عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ألغام.. فى طريق الدولة الوليدة »7«

ما هى إمكانيات قيام دولة ـ تستطيع أن تعيش ـ فى جنوب السودان.. وما هى الألغام التى تعترض هذه الدولة، التى هى على وشك الميلاد بعد شهر بالضبط؟!

بداية نقول إن الدولة الجديدة دولة داخلية أى لا شواطئ بحرية لها وبالتالى ستواجه مشاكل مع التجارة الخارجية.. والدول التى تحيط بها هى أوغندا وكينيا وأفريقيا الوسطى والكونغو ومن الشرق أثيوبيا.. أما الشمال ففيه الدولة الأم: السودان..

ويبدو أن الدولة الوليدة عندما اختارت عاصمتها اختارت مدينة جوبا وهى أبعد مدينة عن حدود السودان الأم. وقد فضلتها قيادة الجنوب عن أى مدينة أخرى.. عن مدينة رمبيك مثلاً فى الوسط، وكان يمكنها أن تختار مدينة ملكال عند مصب نهر السوباط فى بحر الغزال أو حتى مدينة واو.. أو مدينة بور. واختيار المدينة الأبعد »جوبا« يؤكد أن السلطة الجديدة تريد الابتعاد عن الشمال وأى مدن قريبة من الشمال..

ولكن ماذا عن الألغام التى تعترض الدولة الجديدة؟

** اللغم الأول هو الحدود المشتركة.. ذلك أن هذه المناطق تعيش فيها قبائل متعددة.. قبائل متحدة.. أو قبائل متنوعة.. وهذه وتلك لا تعترف بالحدود بل تتحرك ومعها أبقارها للرعى هنا وهناك والاسم الشائع فى هذه المناطق هو »البقارة« أى القبائل التى ترعى الأبقار.. والمشاكل المتوقعة فى هذه المناطق لا تتعلق فقط بمناطق الرعى أو الإعاشة.. بل تتعلق بما فيها من ثروات متعددة.. زراعية أو تعدينية أو غيرها.. ثم ان هذه المناطق عليها خلاف كبير.. سواء بين الجنوب والشمال.. أو بين الجنوب ودول الجوار، خصوصاً أوغندا، رغم سابق الاتفاق على الحدود بينهما..

** اللغم الثانى هو منطقة أبيى الواقعة بين شمال جنوب السودان وبين جنوب غرب كردفان.. وهى لغم شديد الخطورة لعدة أسباب، أولها أن هذا الإقليم يضم أكثر من70٪ من احتياطى البترول، الذى ينتج منه الآن حوالى ثلثا كل بترول السودان الموحد. وهذا الانتاج يتراوح بين 500  ألف و700 ألف برميل يومياً ويمكن أن يصل هذا الإنتاج إلى حوالى المليون برميل قريباً.. وحتى نعرف أهمية هذا الإقليم نقول إنه يمثل 98٪ من دخل كل جنوب السودان من الثروات.. وبالتالى فإن البترول هو العملة النقدية اللازمة لإنشاء الدولة الجديدة..

وإذا كانت الاتفاقيات التى تمت ـ قبل الاستفتاء ـ على أساس اقتسام عائدات هذ البترول فإننا نقدر أهمية هذا الإقليم للدولة الجديدة..

ونتوقع أن تنشب الحروب سريعاً وقريباً بين الشمال والجنوب من إقليم أبيى.. ليصبح نسخة مكررة من مشكلة إقليم كشمير بين الهند وباكستان منذ الاستقلال.. ورغم مرور أكثر من 60 عاماً فمازال النزاع قائماً.. ولانستبعد أن تستولى قوات الجنوب على هذا الإقليم لإقرار الأمر الواقع، ومباشرة فى الساعات الأولى لإعلان قيام دولة الجنوب..

** ولكن هناك مشكلة كبيرة فى سكان هذا الإقليم.. ذلك أن الجزء الشمالى من إقليم أبيى تقيم فيه وترعى قبائل المسيرية وهذه جذورها عربية وتنتمى إلى الشمال.. وسكان الجزء الجنوبى من قبائل دنكا نقول الزنجية الجنوبية.. وكلنا تابعنا الاشتباكات التى وقعت

فى هذا الإقليم منذ بدأ الاستفتاء يوم 9 يناير.. وقد نسمع عن اقتراح باقتسام هذا الإقليم بين الشمال والجنوب ينتج عن اقتسام عائدات البترول فيه.. وقد يتعجل الشمال الأمور فتتقدم قواته وتحتل كل هذا الإقليم لتتفجر الحرب بعنف بين الشمال والجنوب.

** اللغم الثالث هو عائدات البترول القديمة. فالشمال هو المتحكم فى بترول أبيى لأنه يصب فى النهاية عند بورسودان ميناء السودان الرئىسى لتعمل عليه مصفاة شمال السودان الرئىسية.. والباقى وهو الأكبر يتم تصديره من هناك.. والجنوب يتهم الشمال بأنه يسرق أكثر من حصته فى هذا البترول، ويطالب بإعادة الحسابات المالية ليحصل الجنوب على حقه الطبيعى.

وقد يطالب الجنوبيون بما هو أكثر. قد يفكرون فى إنشاء خط آخر لتصدير بترول الجنوب لا يمر فى أراضى الشمال.. وقد يمر عبر أراضى كينيا إلى المحيط الهندى.. وربما يتحرك الجنوب أبعد من ذلك بإنشاء خط أنابيب يحمل بترول الجنوب عبر أراضى الكونغو الديمقراطية وربما أيضاً عبر أراضى جمهورية إفريقيا الوسطى إلى المحيط الأطلنطى وهو خط مكلف للغاية ويحتاج إلى وقت طويل..

** وهناك لغم آخر هو ديون كل السودان الموحد تجاه العالم الخارجى وهو رقم يصل إلى 30 مليار دولار.. من يسددها.. وما هى الحصة التى يجب أن يسددها جنوب السودان منها.. أم تدفع حصته تلك الدول التى تدفع الجنوب للانفصال، ولكن الجنوب يقول إنه لم يحصل على أى مزايا من هذه الديون على شكل مشروعات أو مساعدات أو غيرها وبالتالى ليس مطالباً بسداد أى مبالغ منها.. وإذا كانت عائدات البترول تصل الى 10 مليارات دولار.. فما هو نصيب الجنوب من هذه العائدات..

** ولغم اللاجئين الجونبيين سواء فى شمال السودان، أو فى الدول المجاورة.. ومن يتحمل أعباء إعادتهم إلى الوطن.. وأعباء إعاشتهم.

ثم وهذا هو الأهم ماذا ستفعل حكومة الجنوب فى نقص الجهاز الإدارى للدولة الوليدة وأيضاً هذا النقص الشديد فى البنية التحتية.

كل هذه وغيرها ألغام تعترض الدولة الوليدة.

** ونواصل غداً.