عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شريعة نميري .. وتخبط البشير »6«

كانت سياسة جعفر نميري - الذي قابلته مراراً منذ عام 1972 - تجاه جنوب السودان طيبة جداً في بدايتها.. كان مؤمناً بضرورة حل المشكلة.. لأنها تعرقل انطلاق كل السودان نحو التطوير والتنمية.. فالجنوب اشتعل بالثورة حتي قبيل أن يحصل السودان علي استقلاله في يناير 1956 فلم تكن تمضي سنوات قليلة حتي تشتعل الثورة من جديد.

ولكن سرعان ما دب الخلاف بين نظام نميري وبين الجنوب، بين الماويين نسبة لشهر مايو أو ثورة مايو 1969 وبين أبناء الجنوب.. لم يكن الجنوب ولا السودان كله يلتقط أنفاسه أبداً.. فهذا السودان تعرض لحكم دكتاتوري رهيب وتعرض لعدة انقلابات عسكرية شديدة، والاشد من ذلك إلي تخبط في كل المجالات.. حتي ان هذا السودان.. الذي هو اكبر وأغني دولة في افريقيا.. مازالت الأمية في بعض مناطقه 100٪ خصوصاً في الجنوب.. ومازال هناك حتي في المدن من يسكن في الاكواخ..

** وجاءت حكومة البشير، التي اطلق عليها وعلي انقلابه اسم: حكومة الانقاذ.. وكان ذلك في يونيه 1989، فماذا كانت النتيجة؟! النتيجة هي أن هذا البلد يتمزق الان بعد اكثر من 20 عاماً علي الانقاذ.. فالجنوب يقول للشمال: باي باي يا خرطوم.. وها هو بولاياته العشر ينسلخ من البلاد في استفتاء يقبل عليه اهل الجنوب بالرقص والطبل والافراح.. وها هو اقليم دارفور علي وشك ان يلحق بالجنوب.. ولا أحد يجزم ما الاقليم التالي.. شرق السودان أم كردفان.. وربما لا يبقي من السودان تحت حكم البشير إلا ولاية الخرطوم.. فهل هذه هي حكومة الانقاذ..

حكومة يعلن رئيسها علنا أنه مستعد أن يتنازل عن حصة الشمال من البترول ليحصل عليها الجنوب كله.. مقابل الا يصوت الجنوب بالانفصال..

** ولقد كانت أمام البشير - وعلي مدي 20 عاماً حكم فيها السودان حتي الان - أن ينفذ الكثير ليغري أهل الجنوب علي التصويت مع خيار البقاء داخل السودان الموحد.. كان أمامه ان ينفذ مشروعاً طموحاً لتنمية الجنوب.. وان يقيم المدارس ويبني العيادات ويشق الطرق وينشئ الكباري.. حتي ولو علي حساب الشمال.. ليبقي الجنوب.. وكان يمكن ان يقيم فعلاً حكماً ذاتياً في الجنوب، وان ينفذ اتفاق اديس ابابا أو يطوره.. ولكن كانت كل خطواته تعلن أنه يوافق علي انفصال الجنوب، بل ولسان حاله يعلن: ليذهب الجنوب إلي الجحيم مقابل أن أبقي علي كرسي حكم الشمال.. حاكم كل قراراته كانت تعمل من أجل تقسيم السودان، وليس فقط ضياع الجنوب.. وما سياسته في دارفور الا تعبير عما نقول..

** حقيقة جنوب السودان تحول إلي قنبلة جاهزة للانفجار وقد وجدت هذه القنبلة نفسها جاهزة للانفجار بسبب سياسات حكومة الشمال ولا نقول الحكومة المركزية لانها بالفعل

كانت حكومة للشمال فقط.

ولكن ايضا بسبب مواقف دول الجوار.. وبالذات اوغندا وكينيا وتنزانيا في الجنوب.. واثيوبيا واريتريا في الشرق.. فقد عملت كلها ومنذ بداية المشكلة علي اشعال النار في جسد كل السوان لكي ينفصل عن الجنوب.

ولم تعد دول الجوار وحدها تعمل ضد السودان ولكن ايضا الولايات المتحدة الامريكية التي ورثت المخطط الاستعماري البريطاني رغم أن هذه الولايات حارب الشمال فيه ولايات الجنوب من اجل الابقاء علي الولايات كلها.. دولة متحدة، وليس سراً أن ساسة أمريكا يعملون ذلك الان.. وفي الوقت الذي لا نجد فيه اي تواجد مصري أو عربي في السودان الان.. نجد تواجداً امريكيا كبيراً، ها هو كارتر الرئيس السابق يتواجد في جوبا في قلب المعركة.. وها هو السيناتور جوي كيري.. بل ايضا من يمثل الفن الامريكي وفناني امريكا..

كما نجد من يمثل الكنيسة الكاثوليكية بحجة حمايتها لمسيحيي الجنوب الذين لا يزيد عددهم علي 30٪ من السكان.. ونجد أيضا الوحدة الافريقية ومن يمثلها.. فهل هذا يجوز؟!

** واذا كانت عملية الاستفتاء تستمر لمدة اسبوع كامل بحجة مشاكل الطرق.. فان نتائج هذا الاستفتاء لن تري النور قبل منتصف شهر فبراير القادم.. هل لحين يتم طبخ النتائج ام ماذا.

واذا كان وقت البكاء علي اللبن المسكوب قد فات وان علي السودان ان يدفع فاتورة تجاهل الشمال للجنوب، منذ ما قبل الاستقلال.. فإنه يدفع في المقام الاول ثمن اخطاء حكام الشمال.. واذا كان الاستعمار البريطاني قد زرع البذرة.. فإن الحكام المواطنين قد قاموا برعاية هذه البذرة أحسن رعاية.. حتي نمت وترعرعت.. وها هم ابناء الجنوب يحصدون!!

** ولكن هل الجنوب يملك مقومات الدولة الحقيقية.. حتي تنجح الدولة الوليدة.. ثم ما هي الالغام الجاهزة التي تنتظر الانفجار في وجه الدولة الجديدة.. غداً نشرح ذلك.