رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

طغاة أفريقيا سبب المرض والمخدرات والهجرة

تنال الدول الكبيرة في إفريقيا مثل إثيوبيا وكينيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا وقليل غيرها الاهتمام أكثر من الأخرى الصغيرة. لكننا إن لم نتمكن من تعزيز القيم الديمقراطية والحوكمة الرشيدة في دول صغيرة مثل جيبوتي وسويزيلاند فكيف نحاول بناء دولة في الأماكن الأخرى؟

وذكرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور أنه حتى في ظل وجود مشكلات خطيرة في هذه الدول الكبيرة، إلا أنها تحقق بالفعل تقدما اقتصاديا وسياسيا حقيقيا. فنيجيريا على سبيل المثال تقوم بتطهير نظامها الانتخابي المعروف بفساده بينما تحقق إثيوبيا نموا قويا في إجمالي الناتج المحلي. لكن هناك 53 دولة أخرى تقع ما بين القاهرة وكيب تاون هي الأكثر اضطرابا بينها الدول الصغيرة التي لا يلتفت إليها احد.
ولا شك أن دول إفريقيا تتابع باهتمام الثورات العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وفي الشهر الماضي قرر حوالي 1.4 مليون مواطن من دولة سويزيلاند الصغيرة المبلية بالإيدز بعدما استلهموا روح السعي نحو الديمقراطية عند أبناء عمومتهم في مصر وتونس أن يحتجوا ضد النظام الملكي الذي ظل يحكمهم لمدة ربع قرن ممثلا في الملك مسواتي الثاني وهو أحد أغنى ملوك العالم. وقد كانت رسالتهم صائبة بالفعل وهي العودة إلى تخفيضات فواتير الخدمات المدنية وإنهاء الفساد الحكومي.
وطبقا للتقارير الإخبارية كان رد الحكومة كما هو متوقع عبارة عن القمع بخراطيم المياه والهراوات والغاز المسيل للدموع والاعتقالات ومع ذلك لم يتقهقر النشطاء بل عاودوا المسيرات مرة أخرى في يونيو.
وفي 1 أبريل عقدت جيبوتي وهي خيط رفيع من الأراضي المقحمة بين إثيوبيا والصومال وإريتريا انتخابات رئاسية أثبتت ما كان يعرفه كل شخص بالفعل وهو أن الرئيس إسماعيل عمر جويلا سيحكم لفترة رئاسة ثالثة. وقد كان هذا معلوما قبل ظهور النتيجة لأن تجمعات المعارضة قد تم حظرها كما أن وسائل الإعلام خاضعة بأكملها للدولة ولا وجود للمجتمع المدني والمعارضة غائبة تماما عن المجلس التشريعي بالاضافة إلى طرد البعثة الدولية لمراقبة الانتخابات، وكان كاتب المقال واحدا منها. وظلت جيبوتي كما هي بلا أي تغيير يُذكر. والمثير للسخرية أن جيبوتي هي التي وفرت للولايات المتحدة قاعدتها العسكرية الوحيدة في إفريقيا بينما ما تزال وزارة الخارجية الأمريكية ماضية في كشف انتهاكات حقوق الإنسان هناك.
والمثال الثالث الذي أوردته كريستيان ساينس مونيتور هو جامبيا ورئيسها الديكتاتور يحي جامع الذي استولى على السلطة في 1994 بعد انقلاب عسكري وبذل كل جهد ليحكم البلاد مدى الحياة. وفي عهد هذا اللص الذي خدع الناس وأوهمهم أن لديه علاجا لمرض الايدز تعرض خصومه للسجن أو الاختفاء وكُمم الإعلام وصارت الدولة مرتعا ومعبرا لتجارة المخدرات. ورغم كونه لم يحظ إلا بتعليم ثانوي يسمي جامع نفسه بروفيسورا ورئيس أركان. وقد أفادت منظمة العفو الدولية
أنه في 2009 تم اقتياد ألف شخص من قراهم في جامبيا بواسطة "أطباء عرَّافين" لمراكز اعتقال سرية وأُجبروا على تناول عقاقير هلوسة. كما اعتبرت مجلة فورين بوليسي مؤخرا جامع رقم 16 بين أسوأ ديكتاتوريي العالم رغم أن الجامبيين ربما يعتبرونه أسوأ من ذلك.
والمثال الرابع هو غينيا الاستوائية التي وصفها بيت الحرية بأنها واحدة من أكثر الدول فسادا في العالم. وهي جارة لجامبيا. وتصدر غينيا الاستوائية حوالي 300 ألف برميل نفط كل يوم بقيمة 30 مليون دولار تقريبا. وحيث حكمها الرئيس تيودورو أوبيانج منذ 1979 يعيش معظم سكانها البالغ عددهم 676 ألف نسمة في فقر مدقع بينما كان من المفترض أن يكونوا من أثرياء العالم. وقد ذكرت دراسة لمعهد أوبن سوسايتي أن حجم نظام الفساد ولا مبالاة الرئيس وأقاربه تجاه راحة الشعب قد وضعت غينيا الاستوائية في قاع مؤشر التنمية والحوكمة على نحو أقل بكثير من دول تملك ثروة مشابهة عن كل فرد.
وتلخص مونيتور أوجه الشبه بين هذه النظم الاستبدادية الأربعة بأنها الفساد المتفشي وهوس الاحتفاظ بالسلطة والاحتقار التام لإرادة الشعب. والمشكلة أمام الغرب أن هذه المجتمعات تصدر إليه المخدرات والإيدز والأمراض والمهاجرين البائسين. والمشكلة أنهم جزء من المجتمع العالمي فكلٌ من جامبيا وجيبوتي قد انتُخبتا للحصول على مقاعد في مجلس الأمن. بل إن جيبوتي حاليا في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
لكن الخبر السار هنا كما تقول مونيتور أن هذه الدول لصغرها وضعفها تتقبل الضغوط الخارجية مثلما هو الحال مع سويزيلاند التي تعتمد كلية على جنوب إفريقيا. كما أن جيبوتي تكسب قدرا كبيرا من عوائدها من القواعد العسكرية الأمريكية والفرنسية على أراضيها، وعليه فإننا لو فشلنا في تضمين القيم الديمقراطية والحوكمة الرشيدة في هذه الدول الصغيرة فكيف الحال بنا مع الدول الأخرى الأكبر.