عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشيشان تتهيأ لثورة "عربية"

ربما يظن الكثيرون أن القضية الشيشانية لفظت أنفاسها، وأن روح المقاومة خمدت بين أبناء القوقاز، في ظل تعتيم إعلامي يفرضه الدب الروسي على أحوال الجمهورية المسلمة، ومحاولات للإيحاء بأن الحرب انتهت لصالح الكرملين.

الشيشانيون لمن لا يعرفهم تمرسوا الحروب والصمود في نضالهم ضد الروسي منذ أكثر من 400 سنة، ومن الصعب التخلي عن حلم الاستقلال أو الذوبان ضمن الهوية الروسية، ويدرك المراقبون لهذا الملف أن منطقة الوقاز ستظل بؤرة ساخنة تتهيأ لثورة أشبه بالثورات العربية، وبارود قد يشتعل في أية لحظة.

معركة من نوع آخر يخوضها شعب الشيشان لحماية جنسه وهويته، وأشكال جديدة من المقاومة ينتهجها الشيشانيون، سواء من خلال تكوين جاليات في عدة دول عربية وأوروبية، والإقبال على التعلم في الأزهر الشريف، ورفع معدلات الزواج المبكر لتعويض خسائرهم البشرية في الحرب الثانية مع الروس التي تكمل في أكتوبر القادم عامها الـ 12 على التوالي.

"أسود خاريخانوف" مبعوث الشيشان السابق بالقاهرة يؤكد أن الحرب تسببت في ازدياد إقبال الشيشانيين والشيشانيات على الزواج، حتى في مخيمات اللاجئين يتزوجون بأبسط التكاليف، وفي سن لا تتجاوز الـ 16 أو 17 عامًا، وقد تجد بالأسرة قرابة 20 طفلا، نعوض بهم ما فقدناه من شهداء. كذلك رضوان رمضان -طالب شيشاني بالأزهر الشريف- يقول إن الحرب أفقدت شعبه الكثير، وعليه أن يحافظ على نسله؛ لهذا فقد تزوج في سن مبكرة.

"أم فاطمة الشيشانية" لاجئة بأوروبا تؤكد أنها تشرح لابنتها ما يعانيه وطنها؛ كما أعلمها مثل كل أم شيشانية النشيد الوطني لبلدها حتى نحافظ على هوية أبنائنا وشعبنا الذي تناساه المسلمون.

على الصعيد الميداني لا يمكن تجاهل ما أعلنه قائد المقاومة في منطقة شمال القوقاز بروسيا مؤخرا أن قتل أسامة بن لادن لن ينهي المقاومة ولمح إلى شن المزيد من الهجمات ووصف روسيا بأنها "ساحة معركة." ووجه دوكو عمروف، الذي نجح في تنفيذ عدة هجمات في العمق الروسي، تهديدا صريحا للكرملين بأن موسكو ستواجه "عاما من الدماء والدموع" اذا رفضت التخلي عن مناطق شمال القوقاز.

وعلى الرغم من إعلان موسكو نهاية عملياتها العسكرية بالشيشان في أبريل من العام قبل الماضي ، فإن الملف اليشاني يمثل صداعا أشبه بنوبات تفاجيء المريض، وهو ما ظهر جليا في التفجير الذي ضرب مطار "دوموديدوفو" أكبر المطارات الروسية بموسكو في يناير الماضي وتبناه مقاتلون شيشان، هذا بالإضافة إلى أجواء التوتر التي تشهدها من آن لآخر داغستان والمقاطعة ذات الأغلبية المسلمة كاباردينو بلكاريا.

وتقدر السلطات الشيشانية عدد القتلى في الصراعين اللذين خاضهما الشيشانيون مع الروس منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي إلى 300 ألف في حين يتحدث الروس عن مقتل 100 ألف فقط من أصل سكان الشيشان البالغ عددهم مليون وثلاثمائة ألف نسمة، وهو

ملف آخر يصعب إغلاقه، أو مسحه من ذاكرة الشيشانيين.

ويرى كثير منهم أن السلم لن يتحقق في هذا البلد ما لم تحل مشكلة المفقودين الذين تشير بعض التقديرات إلى أن عددهم يتراوح بين 5000 و15000 شخص, وأن صفحة الحرب لن تطوى كما يعتقد الروس، خاصة في ظل اتهامات تلاحق الرئيس الشيشاني الموالي لهم رمضان قديروف، بارتكاب جرائم قتل وتعذيب.

اغتيال مرافقه العسكري السابق عمر إسرائيلوف, الذي جمع عددا من قصص التعذيب المدوية التي مارسها قاديروف في حق مناهضيه, واغتيال غريمه الأساسي سليم عيامادايف في دبي، والإجهاز على المعارضين الشيشان في فيينا وموسكو ودبي والدوحة ومدن أخرى من العالم بأوامر قتل مباشرة منه، واغتيال الناشطة الروسية المتخصصة في الشأن الشيشاني ناتاليا استيميروفا في يوليو 2009 بعد كشفها تعرض مدنيين شيشان للضرب والدهس بالأقدام والصدمات الكهربائية والإعدام الوهمي والاغتصاب والحرق بالغاز، وسبق ذلك اغتيال رفيقتها الصحافية آنا بولينكوفسكايا لإزعاجها الكرملين عبر فضح فظائعه في الشيشان.

عمليات الاغتيال المنظمة التي ينفذذها قديروف من جانب، وجهاز المخابرات الروسي من جانب آخر بحق مقاومين شيشان، وحقوقيون مناصرين لهم تؤكد في مجملها أن القضية الشيشانية لم تطوى صفحاتها بعد.

مرور عامين على إعلان روسيا في 17 أبريل 2009 انتهاء عملية مكافحة ما أسمته الإرهاب في الشيشان عبر عنه المحلل السياسي الألماني المعروف كارل جروبه بالقول "إن هذا الهدوء يعني أن الشيشان تحولت إلى مقبرة كبيرة، وأن رمضان قديروف الذي وصل إلى منصبه الحالي بدعم من بوتين، قد أنجز لروسيا جملة من المهام القذرة في الجمهورية القوقازية المضطربة"، هذا بالإضافة إلى انتشار الفساد وتفاقم البطالة, ناهيك عن نقص المساكن، والبنى التحتية المتدهورة، ولغز المقابر الجماعية وانتشار الألغام وضحايا الإغتصاب وانتهاكات حقوق الإنسان، الأمر الذي يؤكد أن الشيشان ربما تسير على خطى الثورات العربية.