عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ل.تايمز:العنف بالعالم العربي صناعةأمريكية


"على الولايات المتحدة أن تتبع 3مبادئ أساسية في سياستها تجاه العالم العربي: الأول هو دعم والاحتفاء بمن يسعون لإحداث التغيير من خلال وسائل سلمية ، مهما كانت أجندتهم السياسية. والثاني هو إدانة من يلجأون إلى العنف بدون استثناء، سواء كان هدفهم هو إحداث التغيير أو تفادي حدوثه. والثالث هو نبذ أي استخدام زائد عن الحد للقوة كأداة من أدوات السياسة الخارجية الأمريكية، بما يتطلبه ذلك من إظهار أن الولايات المتحدة ملتزمة بتدعيم منهج سياسي لا يلعب فيه العنف أي دور".

تلك كانت النصيحة الواردة في افتتاحية صحيفة لوس أنجيلوس تايمز الامريكية، الصادرة اليوم الأحد الأول من مايو 2011، لإدارة أوباما في سياستها تجاه المنطقة العربية، والتي اعتبرتها الصحيفة سياسة عنيفة ومشجعة على العنف، وهو ما يتضح في حملة التدخل التي يقوم بها الناتو –برعاية أمريكية- في ليبيا؛ حيث يشير تفضيل الرئيس للهجمات الجوية على الغزو البري إلى استمرار ما يمكن اعتباره انعكاساً للاعتماد الأمريكي على القوة والعنف.

وأرجعت الصحيفة عسكرة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، إلى عام 1980، عندما تم إعلان مبدأ كارتر، الذي أكد فيه تصميم الولايات المتحدة على مقاومة أي خطر يهدد الخليج ؛ بما في ذلك استخدام القوة العسكرية. وقامت على هذا المبدأ فكرة إنشاء قوات التدخل السريع للتدخل في المنطقة، وحثت واشنطن حلفاءها للمشاركة في هذه القوة، وقد أنشئت قيادة عسكرية مستقلة لهذه القوة عرفت باسم: (السنتكوم).

ومن خلال مبيعات الأسلحة، بل وحتى منحها بالمجان، ومن خلال التواجد العسكري المكثف بالمنطقة واستعدادها للتدخل، شجعت الولايات المتحدة العنف لعقود طويلة باعتباره الدعامة الأساسية للسياسات الشرق أوسطية؛ فواشنطن كانت تتحدث عن السلام بينما كانت تتبنى خيار الحرب. وفي الشرق الأوسط، غالباً ما تؤدي إراقة الدماء إلى المزيد من إراقة الدماء.

وقد ارتكبت النظم العربية البالية والبائسة والموالية للولايات المتحدة سلسلة من الأخطاء المميتة عندما تحدتها حركات مقاومة شعبية كان من الصعب على تلك النظم أن تقمعها أو أن تشتريها. فبإظهار ضعف قوتها وعدم أحقيتها في الحكم، فقدت تلك النظم شرعيتها. ولا يختلف الأمر بين دنو الأجل أو تأخره، وبين قدومه في إطار فوضى أم بشكل حضاري، فإنه سيأتي في النهاية. وقد حان أجل تلك النظم البالية بالفعل في تونس ومصر، بينما بدت الخريطة الزمنية قريبة في اليمن، في حين تدق عقارب الساعة بانتظام في كل من البحرين وسوريا، وربما في بلدان أخرى. وبينما

يقوم نظام القذافي في ليبيا باختبار فرضية أن القوة الغاشمة يمكن أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، فإن محاولاته يبدو أنها محكومة بالفشل. فحتى لو فاز في الحرب الأهلية الدائرة، فإن النصر سيترك القذافي شخصاً منبوذاً ونظامه غير مرغوب فيه.

ومع ترنح وسقوط النظم العربية المدعومة أمريكياً –الذي يشبه سقوط قطع الدومينو- وجدت واشنطن نفسها في ورطة. وتتمثل في ضرورة الإجابة السريعة على الأسئلة الملحة التالية: أين يجب أن تضع الولايات المتحدة رهاناتها؟ وأيها أكثر احتمالاً في أن يخدم المصالح الأمريكية: دعم النظام القائم أم تجربة نظام جديد؟ التشبث بالنظام المألوف أو خوض مغامرة التغيير؟

وللخروج من هذه الورطة، حاولت إدارة أوباما أن تقف في موقف وسط، مفضلة الإطاحة بالنظم الأوتوقراطية البغيضة ماعدا في الحالات التي لا تقتضيها المصالح الأمريكية. وكنتيجة لذلك، توفر الحجج الأخلاقية التي تعلنها الإدارة الأمريكية أساساً عقلانياً لضرب نظام معمر القذافي في ليبيا بالطائرات، بينما تتطلب الاعتبارات البراجماتية المفهومة ضمناً منح ملك البحرين حمد بن عيسى –الحليف الأمريكي- طريقاً للمرور. ويفتح هذا المنهج الطريق أمام اتهام الولايات المتحدة بالنفاق وإزدواجية المعايير.

ولكي يكون بمقدور الولايات المتحدة صياغة استجابة للثورات العربية تجمع بين الأخلاق والبراجماتية، في وقت واحد، عليها أن تطور استجابة تتسق مع الضمير ولا تؤدي في نفس الوقت إلى خسارة الكثير، وهي تبني مهنج كل من غاندي في الهند والزعيم الديني الأمريكي مارتن لوثر كينج، والذي يقوم على عدم اللجوء للعنف. فالقناعة التي مثلت المبدأ الأساسي الذي قامت عليه المقاومة المدنية لكل منهما أمكنها أن تنتصر في النهاية، حتى على الوحشية المتواصلة.