الناتو بين مطرقة مصلحة أمريكا وسندان أزمة اليورو
اعتبرت صحيفة (فايننشيال تايمز) البريطانية أن حلف شمال الأطلنطى (ناتو) يواجه حاليا تحديات جمة تهدد مستقبله على المدى البعيد بعد أن ظل طوال60 عاما ماضية منذ نشأته عام 1949 أقوى التحالفات العسكرية فى التاريخ الحديث.
وقالت الصحيفة إن الاضطربات الراهنة التى يواجهها الحلف تتبلور بشكل أكثر وضوحا بعد تجربته المؤلمة والصدمات التى عايشها خلال حربه على أفغانستان.
وأشارت إلى أن دول الحلف ستسعى من خلال قمة الناتو المنعقدة حاليا فى مدينة شيكاغو الأمريكية إلى التأكيد على إصرارها الانسحاب من أفغانستان بحلول نهاية عام 2014 لإنهاء حرب لم تحظ بشعبية أبدا وأثقلت كاهل دوله بشكل يجعل تدخله فى أى مكان آخر أمرا مستبعدا فى المستقبل القريب..لافتة إلى أنه إضافة للحرب التى خاضها فى أفغانستان أضحى يقف الآن فى مهب مشكلات داخلية جمة تنذر بأن تعصف بتجانس أطرافه وقوته.
ورأت الصحيفة "أن كلا من الولايات المتحدة وأوروبا توسعان الفجوة بينهما بشكل ملحوظ كلاعبين عسكريين ؛ فواشنطن تحاول رسم صورة لنفسها بوصفها قوة ضاربة فى منطقة المحيط الهادى بدلا من كونها قوة أوروبية فيما تعمد معظم الدول الأوروبية الآن لتقليص ميزانيات جيوشها لمواكبة الاضطربات الاقتصادية التى تجتاح مختلف أنحاء القارة".
وحذرت الصحيفة البريطانية من أن اختلاف المسارات الأوروبية الأمريكية من شأنه أن يودى بحلف الناتو إلى حافة الهاوية..مشيرة إلى أن أوروبا تقل أهميتها بالنسبة للاحتياجات الدفاعية الأمريكية يوما
وأشارت الصحيفة إلى أن الهوة بين أوروبا والولايات المتحدة آخذة فى الاتساع بعد وصول فرنسوا أولاند الرئيس الفرنسى المنتخب إلى قصر الأليزيه ، موضحة أنه فى الوقت الذى أكد فيه أولاند التزام بلاده الشديد تجاه الحلف يبدو أنه سيعمد على الأرجح لتقليص ميزانية جيشه فى سبيل إحداث توازن فى موازنة الدولة العامة فضلا عن القلاقل التى أثارها بعد أن تعهد بسحب قوات بلاده العاملة فى أفغانستان بحلول نهاية العام الجارى.
ورأت (فاينانشيال تايمز) فى الختام أنه على الرغم من أن أزمات منطقة اليورو المالية تتصدر عناوين الصحف ونشرات الأخبار العالمية فى الوقت الراهن غير أن المخاطر التى باتت تحدق بمستقبل حلف الناتو تظهر أن القارة الأوروبية مهددة بأن تخسر كفاءاتها وأهميتها العسكرية على المدى البعيد.