عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يهود إيران.. تعايش مع الحجاب وحذر من إسرائيل

«نجاد» يستقبل عدداً
«نجاد» يستقبل عدداً من حاخامات اليهود

صمت الشارع ينبه إلى غموض قاطنيه.. فخامة بنايات الحى على عكس باقى أحياء العاصمة تشير إلى أن ثمة شىء مختلف بين سكانه.

المارة قليلون للغاية، فقط بعض السيارات ذات الماركات العالمية نادرة التواجد بالمدينة تمر بسرعة لتكسر صمت الشارع.
المعبد اليهودى المتوارى خلف أشجار بإحدى النواصى يبرر ذلك الصمت والثراء، فشارع «يوسف أباد» المتفرع من شارع «بيروزه» بالعاصمة الإيرانية طهران غالبية سكانه يهود.
70 ألف يهودى يعيشون فى الجمهورية الإسلامية ويتركزون فى ثلاث محافظات هى طهران وأصفهان ويزد، بحسب احصائية منظمة الاحصاء الايرانية لعام 2010.
ويعد تعدادهم بإيران أكبر تجمع لليهود خارج اسرائيل بمنطقة الشرق الأوسط.
يعمل معظم يهود طهران بتجارة الأقمشة ويمتلكون 30% من محلات الملابس بشارع «ولى عصر» الذى يبلغ طوله 35 كيلو متراً، ويتركزون فى شرق ووسط العاصمة.
وتوجد لليهود معابد فى المناطق التى يتركزون بها خاصة فى طهران حيث هناك 11معبداً بالعاصمة، إلى جانب مطعمين يقدمان الطعام اليهودى «الحلال»، ومستشفى ودار للعجزة «المسنين» خاصة بالطائفة، بالإضافة إلى مكان واحد لدفن موتاهم.
وفى مقابل ذلك ترفض السلطات بالجمهورية الاسلامية بناء مساجد لأهل السنة بالعاصمة، ما يضطرهم للصلاة بالمحلات أو الأماكن المغلقة بحسب تأكيدات المولوى اسحاق مدنى مستشار الرئيس الايرانى لشئون أهل السنة فى حوار شامل أجرته «الوفد» معه.
يهود إيران لهم ممثل واحد فى مجلس الشورى الاسلامى، فالأقليات الدينية «السنة، والأرمن ، والزرادشت ، واليهود» بالجمهورية الإسلامية لها خمسة مقاعد من اجمالى  290 مقعداً بالبرلمان.
وتعد الطائفة اليهودية في إيران من بين المجموعات الأقدم في العالم، وشُكلت من أفراد منحدرين من اليهود الذين فضلوا البقاء فى المنطقة بعد النفي إلى برشلونا ثم سمح الملك كورش بعودتهم إلى أورشليم في عام 528 ق.م.
ومع المراحل التاريخية المختلفة، انتقلت المجموعات المتواجدة في بابل بالعراق نحو المناطق والمدن الفارسية.
وعاش يهود ايران فى تقلب بين حكام يرفضون وجودهم وآخرين يمنحوهم بعض المزايا، وفى القرن العشرين وتحديداً فى عام 1925 مع بداية الحكم البهلاوى تحسن وضع الطائفة اليهودية فى البلد الفارسى خاصة من الناحية الاقتصادية إلى جانب السماح لهم بالتجنيد.
ومع سقوط الحكم البهلوى باندلاع الثورة الاسلامية المعادية لدولة اسرائيل، ساد الرعب بين يهود ايران، إلا أن الدستور الجديد اعترف بكونهم أقلية دينية ومنحهم مقعداً بمجلس الشورى الاسلامى.
ويعتقد البعض أن مقبرة النبى دانيال «من أنبياء بنى إسرائيل» موجودة بمدينة سوسة بإقليم الأحواز بإيران.
ممارسة العبادة فى إطار القانون
ملابسه والإكسسورات التى يرتديها فى يديه وعنقه ترجح ديانته المختلفة.. بحذر مختلط بابتسامة لكسر التوجس منى سألته عن ديانته، أكد ترجيحى بإجابته التى سبقها أسئلة عن هويتى وسبب السؤال.
كونى من «مصر» زاد الأمر تعقيدا بالنسبة لمواطن يهودى يعيش فى بلد اسلامى علاقته مقطوعة بدولتى، مكالمة تليفونية أجراها بصوت منخفض، تبعها ترحيب بالحديث معى، «اسمى مسعود فرمند 27سنة» هكذا عرف نفسه لى.
يصنف نفسه باليهودى غير المتدين، لكونه لا يمارس باستمرار الشعائر الدينية لذا فوالداه دائما الانتقاد له بحسب قوله.
ويؤكد فرمند أن ممارسة اليهود لشعائرهم الدينية تكون فى اطار قانون الجمهورية الاسلامية المحدد لهم، لافتاً إلى عدم قانونية ممارسة أى طقوس خارج المعابد.
ويوضح أن المسلمين يحاولون التبشير بدينهم بين اليهود وفى المقابل هناك تجريم إذا حدث العكس، وأضاف أن لديه الكثير من الأصدقاء المسلمين ولا يواجه أى مشكلة فى التعامل معهم.
وعن مدى تقبل يهود ايران لدولة اسرائيل يشير إلى أن أكثريتهم يرفضون ممارسات الكيان الصهيونى، والدليل عدم هجرتهم إلى الدولة العبرية وتفضيلهم العيش فى دولة مسلمة.
ولا يجد فرمند أى مشكلة فى فرض الدولة الإسلامية الحجاب على النساء اليهوديات، فيقول «جميع النساء فى إيران من كل الطوائف محجبات بحكم القانون فإذا لم يكن القانون يفرض علي المرأة اليهودية الحجاب فسيكون مظهرها مختلفاً ومميزاً فى الشارع وهو ما لا ترغبه»، ويضيف «ليس صعباً على المرأة اليهودية ارتداء الحجاب بعد الثورة الاسلامية فهى تعيش فى مجتمع اسلامى قبل الثورة وتتعايش معه».
ويؤكد الشاب اليهودى أن الحجاب تفضله نساؤهم خاصة وأنه يتميز فى ايران بعكس الخليج بتنوع طرق ارتدائه وألوانه المختلفة .
فرمند لا يشارك فى تظاهرات ايرانية ضد اسرائيل فالأمر

لا يهمه بحسب وصفه، ولكنه يرى أن الاعتراض قد يكون مجدياً بوسائل أخرى غير الاحتجاجات فى الشارع ومنها الانترنت.
فرمند رفض تصويره لإلحاق صورته بالتحقيق الصحفى «لم أتحدث عن اسرائيل سيئاً لذا أخاف أن يسبب لى ذلك مشكلة» هكذا برر موقفه.
ممثل واحد بالبرلمان يكفى
أمام محل فخم لبيع الحلوى بالشارع توقفت سيارته، خرج مع سيدة ترتدى حجاباً يظهر أكثر مما يخفى من خصلات شعرها، عرفت نفسى للسيدة أولاً ثم إلى الرجل الذى علمت بعد ذلك أنه زوجها.
رفضت الزوجة الحديث معى بينما زوجها «بنيامين» رحب بحذر.
لم يرغب فى ذكر اسمه كاملاً، مشيراً إلى تعايش اليهود بشكل طبيعى داخل ايران «مثلنا مثل أى أقلية دينية داخل طهران بل نحن أفضل من أهل السنة المحرمين من مساجد داخل العاصمة لذا يندر تواجدهم هنا».
وعن وجود ممثل واحد لهم فقط داخل مجلس الشورى الاسلامى، يؤكد بنيامين أن نائباً واحداً يعبر عن قضايا ومشكلات اليهود بشكل جيد أفضل من عشرين نائباً لا يخلصون إلى قضية طائفتهم.
ويرى أن الممارسات الاسرائيلية بالتأكيد تؤثر على التقارب بين اليهود والمسلمين داخل ايران، ويضيف «كثير منا لا يرغب فى الافصاح عن ديانته داخل المجتمع بصفة عامة تحسباً لأى مضايقات نتيجة العنف الاسرائيلى تجاه الفلسطينيين فهناك حساسية من الديانة اليهودية لكنها لا ترقى لفعل ضد الطائفة».
بنيامين يشير إلى أن كثيراً من اليهود يسمون أبناءهم أسماء فارسية « لا توجد مشكلة فى هذا الأمر فنحن مواطنون ايرانيون ونرى ذلك مظهراً من مظاهر التعايش مع المسلمين».
مسلمون يصفوهم بالطيبين
قامته قصيرة ويبدو من شعره الذى كساه البياض أنه يعرف خبايا تلك المنطقة جيداً.
اسمه «أصغر مدوت دار» مسلم لكنه عاش مع اليهود لفترة طويلة لاقامته بشارع يوسف أباد.
« طيبون ولديهم قدرة عجيبة على التعايش مع المسلمين بشكل طبيعى» هكذا وصف الطائفة اليهودية.
يؤكد مدوت دار الذى يبلغ من العمر خمسين عاما، أن يهود ايران راضون تماما عن حجم الحريات التى تمنحها لهم الحكومة الاسلامية ، ويبرر تأكيده بقوله « إذا كانوا غير راضين عما تقدمه لهم الحكومة ويشعرون بالكبت لكانوا هاجروا إلى اسرائيل حيث كل الحريات لهم».
الرجل الخمسينى الذى يعمل فى شركة للبناء بها موظفون يهود، يوضح أن أكثر اليهود المتواجدين بالجمهورية الاسلامية إيرانى الأصل ويكرهون اسرائيل، موضحا أن ديانتهم لا تؤثر مطلقا على عملهم « فاليهود ماهرون جدا فى العمل» بحسب وصفه.
حاولت لقاء ممثل اليهود فى المجلس الشورى الإسلامى للتعرف أكثر عن مشكلات الطائفة التى يمثلها ومدى تجاوب البرلمان فى حلها، لكن تعقيدات إدارية واجهتنى، حيث يتطلب الحديث معه إرسال جريدتى رسالة لمؤسسة روح الله وهى المؤسسة التى كانت مسئولة عن ترتيبات زيارتى لايران، وهو ما لم يتثن لضيق فترة الزيارة.