الهاربون .. من ثورات الغضب الشعبية
"بوتيرة متصاعدة ، أصبحت أحداث تونس الأخيرة تنتقل بشكل مباشر إلي كل دول المنطقة التي تعاني من أجواء تسلطية ذات شبه كبير بما كان تمر به تلك الدولة المنتفضة، فيما بدي ان الزعماء العرب لا يفهمون سوي لغة التهديد والخوف في التعامل مع شعوبهم.
فلقد ضرب الزلزال التونسي العالم أجمع وأعطي مثالاً صارخاً للحكام الذين يحكمون بلادهم منذ سنوات مديدة وحطم صورة الانظمة المتحصنة بالمؤسسات الأمنية في مواجهة الرفض الشعبي لهم ولسياساتهم المستبدة. ولا بد ان الصور التي بثتها القنوات الفضائية للانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس التونسي الهارب زين العابدين بن علي بعد أكثر من 23 عاما في السلطة قد هزت الزعماء العرب - من المحيط الي الخليج - والذين تلاحقهم سجلات مشابهة من الاستبداد وسياسة القمع المتواصل ضد شعوبهم. ويحذر المراقبون والمحللون السياسيون من ان الثورة التونسية قد تتجاوز حدود تونس، حيث ان الكثير من المواطنين العرب ، مثلهم في ذلك مثل التونسيين، يعيشون حياة يسيطر عليها اليأس بسبب ارتفاع الاسعار والفقر والبطالة وعدد السكان المتضخم وأنظمة حاكمة تتجاهل أصواتهم، وهناك نماذج كثيرة لرؤساء وزعماء لم تنجح قبضتهم الامنية وسياساتهم البوليسية في حماية انظمتهم الديكتاتورية والتي سرعان مانهارت امام الثورات الغاضبة لشعوبهم المقهورة.إيران .. "الديكتاتور" بهلوي
محمد رضا بهلوي .. الذي أدي به منهجه التغريبي الانفتاحي وحكمه الدكتاتوري إلي سقوطه في الثورة الإسلامية عام 1979. تلقي تعليمه الابتدائي والثانوي في سويسرا، وعاد في 1935 ليخدم في الأكاديمية العسكرية في طهران. بدأ محمد رضا شاه حقبة جديدة من الحكم وكان عليه أن يواجه فوضي عارمة في السياسة والاقتصاد. وفي بداية الخمسينيات تطور خلاف بينه وبين محمد مصدق أحد المتحمسين القوميين. مما اضطره إلي الهرب لفترة وجيزة عاد بعدها ليبدأ برنامجه الإصلاحي عام 1963 بالتعاون مع الولايات المتحدة أطلق عليه "الثورة البيضاء"، يتضمن إعادة توزيع الأراضي بين المواطنين، وعمليات بناء واسعة، والقضاء علي الأمية وتحرير المرأة. ولكن التنفيذ العملي للبرنامج أدي إلي مزيد من التمييز الاقتصادي بين الناس، وتوزيع عوائد النفط بشكل عادل، مما عرضه لمزيد من موجات الانتقاد الواسعة لا سيما من علماء الدين الذين غضبوا من سياسته المتعاونة مع الغرب. ومع تعالي أصوات الغضب الشعبية، خصوصا في بداية السبعينيات شدد محمد شاه من سياسته القمعية، وانتهج سياسة سرية وحشية (سافاك) لمحاولة قمع النزاعات الداخلية. أثارت تلك السياسة شغبا واسعا في إيرن، وفي عام 1978 تنامي التأييد الواسع للقائد الديني في المنفي روح الله الخميني. وفي صباح يوم 16 يناير 1979. هرب شاه بهلوي خارج البلاد بعد أن تخلي الجيش عن النظام، وعاد الخميني وتسلم القيادة. وفي يناير من العام نفسه هاجم مجموعة من الإيرانيين السفارة الأمريكية في طهران، وطالبوا بالشاه مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في السفارة، وبقي الشاه خارج إيران وتوفي في مصر عام 1980.
رومانيا .. إعدام "تشاوشيسكو"
نيكولاي تشاوشيسكو ..كان ديكتاتوراً شيوعياً حكم رومانيا من سنة 1965 حتي سنة 1989. وصل تشاوشيسكو في مارس 1965 لمنصب السكرتير الاول لحزب العمال الروماني الحاكم وأصبح الرئيس. وأول ما قام به أنه غير اسم الحزب وغير اسم الدولة الرسمي إلي جمهورية رومانيا الاشتراكية. نيكولاي علي الرغم من انه كان شيوعياً إلا انه كان علي خلاف مع الاتحاد السوفييتي واشتغل بشكل مستقل وحاول يجعل لنفسه استقلالاً للسياسة الخارجية لرومانيا بعيداً عن القبضة الحديدية لموسكو. وفي سنة 1960 خرجت رومانيا خارج حلف وارسو وعارض بشدة الغزو السوفيتي لتشيكوسلوفاكيا سنة 1968. وساد فترة حكمه الفقر في معظم قطاعات الشعب الروماني وضربت البطالة أرجاء البلاد في مختلف الأعمار وشهدت رومانيا واحدة من أسوأ فتراتها علي مدار تاريخ البلاد. وفي العشر سنوات الأخيرة من فترة حكم تشاوشيسكو تدهورت علاقاته أكثر وأكثر بالاتحاد السوفييتي، كما تدهورت علاقات رومانيا الخارجية بالغرب وبالعالم بشكل عام، ووصل الشعب لدرجة غير مسبوقة من الفقر الشديد. وفي ديسمبر 1989 قامت ثورة شعبية في مدينة تيميشوارا في غرب رومانيا ومنها انتشرت لمدن أخري مثل كلوج وبوخاريست وغيرها. وحاول تشاوشيسكو في البداية قمع المظاهرات ولكن عندما انضمت بعض وحدات الجيش للشعب حاول يهرب هو وزوجته في طائرة هليكوبتر وظهر علي التليفزيون ليستسمح شعبه للعفو عنه. وألقي القبض علي الديكتاتور وزوجته بينما كانا يحاولان الفرار إلا أنهما ما لبثا ان اعتقلا في داسيا قرب تبرجوفيست (شمال بوخارست)، وأعدما في 25 ديسمبر بعد محاكمة صورية.
الأسوأ "باكييف"
كرمان بك باكييف .. ثبت أن بديل أكاييف في قرغيزستان، الرئيس باكييف، كان أسوأ من خلفه في المجالات الشائكة نفسها، أي تزوير الانتخابات وفرض الرقابة علي وسائل الإعلام ونشر الفساد وعدم الاهتمام بالفقراء في البلاد ومسألة البطالة التي ضربت البلاد. ولقد تخلي عنه حلفاؤه الديمقراطيون القدماء وخاضوا معركة الانتخابات ضده في عام 2009، وواجهت إعادة انتخاب باكييف عام 2009، بنسبة 83٪ من الأصوات، إدانة واسعة. وبقي باكييف حليفاً مقرباً للولايات المتحدة، وربما أقرب من اللزوم، فقد اعتقل ابنه ماكسيم، في فارنبورو، مباشرةً بعد وصوله إلي بريطانيا، وصدرت مذكرة توقيف بحقه من الأنتربول وهي تتمحور حول ادعاءات تفيد بحصوله علي عقود مهمة من البنتاجون لنقلها إلي القاعدة الجوية الأمريكية في قرغيزستان.
وكانت شعبية باكييف ضئيلة جداً في العاصمة بيشكيك تحديداً، مع أنه حافظ ظاهرياً علي دعم سكان الريف القرغيزيين، ولا سيما في الجنوب.
وفي إبريل يسقط الرئيس المتهم بالفساد والتسلط بدوره إثر انتفاضة شعبية حاولت قواته قمعها فحصدت 87 قتيلا، وشكلت المعارضة حكومة برئاسة روزا أوتونباييفا التي تولت مهام الرئاسة، أما باكييف فقد اختار العيش في المنفي في بيلاروسيا.
هايتي .. الاستبدادي "اريستيد"
جان برتران اريستيد .. أعيد انتخابه في نوفمبر 2000 لولاية ثانية من خمس سنوات، ففي 1990 انتخب القس جان برتران اريستيد في اول اقتراع عام حر، لكن انقلابا عسكريا أطاح به في يناير 1991 فغادر البلاد. وعاد الي هايتي في 1994 بعد تدخل عسكري امريكي وتولي الرئاسة احد المقربين منه رينيه بريفال في 1996، ثم تولي اريستيد الرئاسة مجددا في فبراير 2001 بعد انتخابات قاطعتها المعارضة. وتحت ضغط الشارع والمجتمع الدولي شهدت البلاد شهراً كاملاً من التوتر بعد اندلاع ثورة مسلحة حصدت حوالي مائة قتيل ومائة جريح. وتحت ضغط الولايات المتحدة وفرنسا وكندا وعصيان مسلح استقال في فبراير 2004 وانتقل للإقامة في جنوب افريقيا. ويحاول حوالي تسعة آلاف من جنود حفظ السلام والشرطيين الدوليين منذ يونيو 2004 احلال الاستقرار في البلاد التي تقودها حكومة انتقالية، فقد تم حل الجيش الهايتي في 1994 ويبلغ عدد الشرطة نحو الفي رجل.
ليبيريا .. الدموي "تايلور"
تشارلز تايلور .. زعيم الحرب السابق المتهم باغراق جزء من افريقيا الغربية بنزاعات دموية فظيعة اضطر الي التخلي عن السلطة واختار العيش في المنفي في نيجيريا. وبرحيله، الذي حصل بضغوط من حركة تمرد والمجموعة الاقتصادية لدول افريقيا الغربية والولايات المتحدة والأمم المتحدة، انتهت حرب اهلية استمرت 14 عاما وحصدت 270 ألف قتيل. وفور هروبه من السجن عاد تايلور عام 1989 إلي غرب أفريقيا وقام بثورة من ساحل العاج ضد صمويل دو الذي استولي علي السلطة بانقلاب عسكري ضد الرئيس المخلوع وليام تولبرت عام 1980 وقام بإعدامه. وتحولت حملة تايلور إلي صراع عرقي مع سبعة فصائل تتقاتل جميعها للسيطرة علي الدولة وثرواتها خاصة خام الحديد والخشب والمطاط. وضمت قوات تايلور أطفالا يرتدون بزات وشعرا مستعارا أشقر اللون وكانوا تحت تأثير المخدرات في معظم الأحوال، مما جعلهم يتصفون بالوحشية حيث تشير بعض الإحصاءات إلي أن ما يقرب من 200 ألف شخص قتلوا في هذه المرحلة من الحرب وطرد أكثر من مليون شخص من منازلهم. وخرج فصيل تايلور من القتال كقوة مهيمنة اكتسحت انتخابات خاصة جرت عام 1997 فاز فيها الحزب الوطني الذي كان يتزعمه. أدين تايلور في
قرغيزستان .. المزور "أكاييف"
عسكر أكاييف .. عالم بصريات وإلكترونيات مشهور، عضو في اكاديمية العلوم الروسية، وعضو عامل في أكاديمية العلوم النيويوركية. وعمل آكاييف كبروفيسور وكبير الباحثين في معهد بروجوجين للبحوث الرياضية المتعلقة بالأنظمة المعقدة التابع لجامعة موسكو. ولسوء الحظ، طغي عاملا مرور الزمن ونشوة السلطة علي مبادئ أكاييف الديمقراطية، وسرعان ما عادت الرقابة لتتسلل إلي المجتمع، وترسخ الفساد في صلب عائلته، وتورط في نهاية المطاف في تزوير نتائج الانتخابات خدمةً لمستقبل أولاده السياسي، ولكن تمت الإطاحة بأكاييف خلال 'ثورة التوليب عام 2005، عاد ليكون مجرد عالم في موسكو. وفي 24 مارس ينهار نظام الرئيس عسكر اكاييف الحاكم منذ 15 عاما في غضون بضع ساعات لا غير تحت وطأة آلاف المتظاهرين الذين كانوا يحتجون علي نتائج الانتخابات وفساد السلطة، ويفر الرئيس من البلاد وتمنحه روسيا حق اللجوء السياسي للبلاد، ويتولي السلطة بالوكالة احد قادة هذه الثورة الخاطفة كرمان بك باكييف.
بوليفيا.. الإرهابي "سانشيز"
جونزاليس سانشيز دو لوزادا.. يستقيل ويغادر القصر الرئاسي تحت جنح الليل علي متن مروحية متجها الي الولايات المتحدة هرباً من حركة احتجاج شعبية قوية ضد مشروع غازي وضد سياسته الليبرالية للغاية. وبعد أربعة أسابيع من الانتفاضة الشعبية العارمة التي عمت مدن بوليفيا وقمعت بالحديد والنار، حيث راح ضحيتها أكثر من 80 قتيلاً، أرغم الرئيس جونزالو سانشيز دي لوزادا علي تقديم استقالته، وقد خلفه في منصبه هذا نائبه السيد كارلوس ميسا. وكان الرئيس البوليفي المستقيل يتهم المتظاهرين بالإرهابيين ، إذ قال إننا :"لا نقبل بأن تحل ديكتاتورية نقابية محل النظام الديمقراطي وأن ندمر ما بناه شعب بوليفيا لإنشاء نظام استبدادي جديد ونظام ديكتاتوري جديد سيثير النزاعات بين المناطق والطبقات والإثنيات"، غير أنه أمام سيف الضغط الشعبي غادر دي لوزادا إلي ميامي في الولايات المتحدة الأمريكية، وحل محله مؤسس مكتبة الأفلام البوليفية كارلوس ميسا جيسبير، لإنقاذ المؤسسات الديمقراطية من الفوضي السياسية. ويجمع المحللون في شئون أمريكا اللاتينية أن الأسباب التي قادت إلي هذه الانتفاضة الشعبية في بوليفيا تكمن في المسائل التالية: 1 ـ مشروع تصدير الغاز الطبيعي عن طريق تشيلي الدولة التي تسود مشاعر كره لها في بوليفيا بسبب نزاعات حدودية ماضية. وقد قمعت منذ البداية بعنف من قبل الجيش والشرطة.
2 ـ شعور المزارعين المنتجين للكوكا بالاستياء من سياسة الحكومة الهادفة إلي القضاء علي محاصيلهم، وخوف الطبقات الوسطي الميسورة من سياسة التصلب والقمع التي انتهجها الرئيس جونزال سانشيز دي لوزادا الذي رفض التفاوض مع قوي المجتمع المدني والنقابات.
3 ـ تقديم.
4ـ وزراء استقالاتهم من الحكومة احتجاجاوعلي قمع التظاهرات، بينهم وزير التنمية الاقتصادية خورخي توريس العضو المهم في حركة اليسار الثورية الذي كان من أهم حلفاء الرئيس البوليفي، وقيام حزب القوة الجمهورية الجديدة الذي أبرم أخيراً تحالفاً مع السلطة، بسحب وزرائه الثلاثة من الحكومة مطالباً باستقالة الرئيس.
يوغوسلافيا .. السفاح "ميلوسيفيتش"
سلوبودان ميلوسيفيتش .. أطيح به في أكتوبر 2000 إثر انتفاضة شعبية في بلجراد، فقد اعتقل ووضع في الإقامة الجبرية قبل أن يسلم إلي محكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة في لاهاي، حيث توفي في مارس 2006 في زنزانته. ولد الطاغية ميلوسيفيتش عام 1941. في بلدة بوزاريفاتش القريبة من بلجراد، وانتحر عمه الذي اعتاد أن يزورهم في بيته أمام عينيه، بعد أن أطلق النار علي نفسه، أما أبوه فقد ترك الأسرة عقب الحرب العالمية الثانية وانتحر في عام1962، في الجبل الأسود، وكذلك فعلت أمه الشيوعية بعد عشر سنوات من رحيل زوجها الذي انفصل عنها. وفي هذه البيئة المفككة نشأ ميلوسيفيتش وتعرف علي زوجته »ماريانا ماركوفيتش« وتزوجها، وهي التي قال عنها تقرير لشبكة سي إن إن إنها تمثل "الطموح اللامحدود". ويقول دوشان ميتفيتش المدير السابق للإذاعة اليوغوسلافية » في العقد الأخير بدا نجم ميلوسيفيتش في الهبوط، بينما ارتفعت أسهمها في صناعة القرار..سواء كان شخصيا أو سياسيا وكانت تقول : أنا المسئولة«. وفي 1998سخر آلته العسكرية للعمل في كوسوفا وتلقي ضربات الناتو لمدة 78 يوما متتالية،واضطر للاستسلام والتخلي عن كوسوفا التي كانت طريقه إلي سلم الحكم والرئاسة في صربيا، واضطر ميلوسيفيتش للاستقالة بعد مظاهرات المعارضة المناوئة له عقب قيامه بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في أواخر2000. وفي 2001 تم تسليم ميلوسيفيتش إلي المحكمة الدولية المختصة بالنظر في جرائم الحرب، وقد وجهت له لائحة اتهام بارتكاب جرائم بحق البشرية وخرق قوانين وقواعد الحرب في كوسوفا، بالاضافة الي جرائم قتل الأبرياء من النساء والأطفال وترحيل السكان.