رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العُنصرية والأعمال المتدنية تُحاصر الأجانب فى هولندا

لا يحتاج المرء لأن يُدقق النظر كثيراً كى يعرف نوعية أعمال يمتهنها الأجانب فى هولندا ، حيث اول ما يلفت النظر فى الشوارع الهولندية ان الغالبية العُظمى ممن يقومون بأعمال النظافة وجمع القمامة هم من الأجانب ، البالغ عددهم 3,36 مليون نسمة وفقا لمعلومات المكتب المركزى الهولندى للإحصاء .

ولا يقتصر الأمر على مُمارستهم أعمال تنظيف الشوارع ، بل مهن خطيرة فى مصانع الكيماويات والموانىء والسكك الحديدية والمزارع ، وتعرضهم للإصابة بالأمراض نتيجة التلوث وإختلاف درجات الحرارة من بروده وحراره .

على الرغم ان حقوق العمل والعمال لكافة المواطنين في هولندا مُحددة في الدستور العام للبلاد ، دون تفرقة او تمييز بين لون أو عرق أو جنس او دين ، الا ان أرباب العمل الخاص وكثير من المؤسسات الحكومية والشركات تضع الأجانب فى مواقع الأعمال المتدنية ، بينما تمنح فرص العمل الأعلى مرتبة للهولنديين الأصل .

يأتى ذلك فى الوقت الذى تعلن فيه الحكومة الهولندية عن امكانية قيام المهاجرين المتعلمين تعليما عاليا المساهمة في أعمال الابتكار والمعرفة بالقطاعات الحكومية والمؤسسات الصناعية ، وانها على استعداد لجذب العمالة الأجنبية لسد احتياجات سوق العمل الهولندى ، وانها تتخذ اجراءات لضمان عدم تعرض العمال الأجانب لسوء المعاملة أو تنافس غير عادل مع الأيدى العاملة هولندية الأصل ، وهى بذلك تعترف ضمنياً بواقع العُنصرية وعدم المساواة بين الأجانب والهولنديين فى سوق العمل .

 وفى هذا الاطار يؤكد زعيم حزب العمل " يوب كوهين " العمدة السابق للعاصمة أمستردام " ان المسلمين في هولندا يُستبعدون ويُهمشون " .

يؤكد الواقع ان المواد القانونية الواضحة فى الدستور الهولندى لا تمنع العُنصرية فى المُجتمع ، ولا تحمى الأجانب من الضغوط عليهم وتحقيرهم فى سوق العمل ، ففى الوقت الذى تتاح فيه الفرص لكل من يعانى من العنصرية حق الشكوى ومقاضاة المتهمين بممارستها سواء من الهولنديين او غيرهم ، وتكفل القوانين حقوق ضحاياها ، الا انه فى حالات كثيرة يتحول ضحايا العنصرية عامة وفى سوق العمل بشكل خاص الى مذنبين ، حيث يعانى هؤلاء من الآثار السلبية نتيجة شكواهم .

 

وقد أكدت دراسة هولندية صدرت عن المكتب الوطني لمُكافحة التمييز العُنصري تحت عنوان " التمييز العنصرى في العمل ماذا بعد ..؟ " اشترك ايضا فى هذه الدراسة الشبكة الأوروبية لمكافحة العنصرية ، كشفت فيها النقاب موضحة انه : " لم يعُد سراً حدوث عنصرية فى أماكن العمل ، فهذا يحدُث منذ سنوات طويلة ، وتأثير الشكاوى ينعكس سلبياً على الضحايا ، ليس من رؤسائهم فحسب بل ايضا من زملاءهم الهولنديين ، باستخدام اساليب التخويف ومضايقتهم بعبارات عُنصرية تخص اصولهم ومعتقداتهم

، وتستطرد الدراسة : " الأمر على هذا النحو ليس وردياً ، فعلى العكس تماماً تأتى معظم ردود الأفعال فى الاتجاه الآخر ، حيث يعانى الضحايا من أمراض نفسية وضائقة مالية نتيجة للتضييق عليهم ، ويذهب الجناة دون عقاب رادع ، ولا تملك النقابات العُمالية ولا أرباب العمل اتخاذ اجراءات او قرارات حاسمة للحيلولة لوقف تلك المُخالفات الجسيمة .

تضيف الدراسة انه تم اجراء مُقابلات متعمقة حول ضحايا العنصرية مع عدد 24 من العمال الأجانب ، اكدوا ان الضحايا سلكوا كل الطرق القانونية للشوى والحصول على حقوقهم ، الا ان النتيجة كانت صادمة ويأس هؤلاء لأن مرتكبى العنصرية لم يوجه لهم اى لوم او عقاب على افعالهم ، حتى ان احد المشاركين فى عمل الدراسة من الهولنديين وصف حوادث العُنصرية بانها مقززة .

المثير للدهشة ان ممثلى الحكومة الهولندية لهم ايضا شكواهم من ضيق ذات اليد " وفقا لتعبيراتهم " فى تأكيد على ان التشريعات والمواد القانونية لا تحقق العدالة فى سوق العمل ، ولا تمنع العنصرية ، ولا تخفى الحكومة هذا الأمر ، ويعلن بعض المتخصصين عن رغبتهم فى توسيع صلاحيات التفتيش على ارض الواقع فى أماكن العمل .

القوانين الهولندية عادلة . . مؤسسات مُكافحة العُنصرية تملك مبادئ ومواثيق انسانية . . الحكومة الهولندية تعلن صراحة رفضها شتى انواع العنصرية . . الا ان واقع حياة كثير من الأجانب فى المجتمع وسوق العمل مرير للغاية ، حيث المعاناة لمن يعمل نتيجة العنصرية واجهاض الحقوق ، اما من يعمل من الأجانب فهو يمارس الأعمال المتدنية فى سوق العمل ، ومن لا يعمل فهو ضحية اخرى للبطالة ، وطريد مؤسسات التأمين الاجتماعى التى تلزمه بالبحث عن عمل لا يجده .