رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

زواج القاصرات.. جريمة اغتيال البراءة

بوابة الوفد الإلكترونية

«انتبهوا لأولادكم وبناتكم».. كلمات قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى احتفالية التعداد السكانى، معربًا عن دهشته من أن عدد المتزوجات فى سن 12 عاماً ليس قليلاً.

 يعرف القانون القاصر بأنه كل إنسان فى مرحلة الطفولة و تحت وصاية والده ويعجز عن تولي مسئولية نفسه القانونية ولا يزال مرتبطًا بعائلته، وفي كل دول العالم يعرف الفرد الذي دون سن 18 عاماً بأنه قاصر قانونيًا.

وتشهد مصر منذ سنوات طويلة ظاهرة زواج القاصرات، حيث تتزوج البنات دون السن القانونية، وفي بعض المناطق الريفية تحديدًا إن تجاوزت الفتاة سن 18 عامًا دون زواج، فإن هذا يعني أنها دخلت مرحلة «العنوسة».

الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء اشار إلى ارتفاع نسب الزواج المبكر في مصر، إذ بلغ عدد المتزوجين دون سن 17 عامًا أكثر من 117 ألف فرد، أى أن ما يعادل 0.8%  من مجمل عدد السكان الذين تتراوح أعمارهم من 10 إلى 17 سنة يحملون صفة «زوج أو زوجة»، ومن بينهم أرامل ومطلقون.

وطبقا للإحصائية فإن محافظات الصعيد سجلت أكبر عدد لحالات زواج القاصرات، بنحو 59 ألف حالة من إجمالى حالات الزواج المبكر فى مصر، تلاه فارق طفيف فى إقليم وجه بحرى، والذى بلغ عدد حالات الزواج المبكر به 49.7 ألف حالة، فى حين جاءت محافظات الحدود الأقل عددًا بـ1771 حالة فقط.

المجلس القومى للطفولة والأمومة يبذل محاولات للتصدى دائمًا لزواج القاصرات، من خلال خط نجدة للطفل برقم 16000، كان آخرها محاولة تزويج طفل 17 عامًا لطفلة تبلغ من العمر 15 عامًا،  والأمر المحزن أن تلك الواقعة كشفت عن أن الطفل نفسه تزوج منذ عام من طفلة أخرى وأنجب منها.

الخبراء وضعوا روشتة لوقف تلك التجاوزات المستمرة فى حق الأطفال وعلى رأسها معاقبة المأذون، ورغم تلك العقوبات والبيانات المستمرة الصادرة عن لجنة الفتوى بالأزهر الشريف بعدم زواج القاصر إلا أن ألاعيب المحامين والأهالى أحالت دون الوقوف ضد تلك القوانين.

الوفد تفتح ملف زواج القاصرات وترصد حكايات لفتيات تزوجن فى عمر الزهور.

 

زواج قبل السن وبيع مقابل الفلوس

طفولة بريئة فى فراش الزوجية

الفستان الأبيض والطرحة، حلم يراود الفتيات، خاصة بعد أن يكثر حديث الأقارب والجيران عن بلوغ الفتاة وأنها أصبحت عروسة حتى يبدأ الآباء فى البحث عن زوج للصغيرة ومعها يبدأ كابوس مؤلم يدمر حياتها إلى جحيم فهى فى غضون أشهر معدودة تحصل على لقب مطلقة.

تحكى «س.م» من الجيزة ما حدث منذ عامين حينما كانت تلعب مع بنات حارتها بإحدى القرى التابعة لمركز العياط، تمارس طفولتها بكل براءة، لتستمع لصوت والدتها تطالبها بأن تأتى إليها من أجل أن تلبسها ملابس العرائس وذلك لمقابلة العريس، لم أستوعب حينها ما يحدث ولكن كانت تعلو وجهى ابتسامة عريضة لأننى كنت أرى الكثير من أقاربى يتزوجون وعلامات الفرح على وجه العائلة كلها المفاجأة كانت حينما رأيت رجل تظهر على وجهه آثار تجاعيد الزمن والصبغة حولت شعره من الأبيض إلى سواد الليل يجلس فى انتظار ليفحصها قبل إتمام الزواج، أو بمعنى آخر «البيعة» وبعد أن خطفت أعين ذلك الكهل تم الاتفاق على المهر وكان مبلغ 80 ألف جنيه.

تكمل « س. م» بعد 3 أشهر من الزواج فوجئت بأن العريس قد اختفى، لا أعرف إلى أين ذهب، ولكن جاءنى اتصال من خالتى تخبرنى بأن أعود إلى منزل أبى مرة أخرى، وحينما رجعت أخبرتنى خالتى بأن العريس سيرسل ورقة طلاق، لم أكن أستوعب ما يحدث، إلا أننى أخبرتها بأننى أعانى من آلام بالظهر، وكانت الصدمة حينما علمت أننى حامل، وبعد أن وضعت طفلى ذهبنا إلى مكتب الصحة لتسجيل الطفل باسم والدى وحتى اليوم لا أعرف إلى أين ذهب العريس.

أما «هانم» فمن سكان مركز الصف التابعة لمحافظة الجيزة تبلغ من العمر 19 عامًا. المعاناة التى عاشتها أضافت 10 سنوات فوق عمرها، فعلامات الطفولة تاهت بين ملامح الأسى التى تظهر على وجهها وهى جالسة بين أبنائها، فرغم صغر عمرها إلا أنها عانت كثيرًا بسبب طمع والدها الذى كان يراها سلعة رخيصة تباع لمن يدفع أكثر، تروى قصتها قائلة: تزوجت مرتين من رجال يكبروننى فى السن بكثير، وتتابع: أول مرة تزوجت من رجل سعودى كان صديق عمى فى نفس سنه أو يكبره قليلًا، رفضت فى البداية إلا أن أبى أجبرنى على الزواج منه ولأن والدتى متوفية فلم يقف أحد بجانبى، وأثناء تلك الفترة كان عمرى 16 عامًا ولكن أبى لم يبل بذلك فما يشغله هو المال فقط وقال لى «يا بت العريس غنى وهيجبلك كل اللى انتى عايزاه وهيفسحك ويأخدك معاه فى كل مكان» ورغم رفضى فى البداية إلا أننى وافقت وفرحت بالهدايا والفساتين ولعب الأطفال اللى اشتراها لى العريس.

وتكمل «هانم» حكايتها علشان سنى صغيرة قام أبى بعمل شهادة تسنين حتى يتمكنوا من عقد القران، وتزوجت هذا الرجل الكبير وذهبنا إلى أحد فنادق القاهرة وتركنى أبى معه بمفردى وقتها شعرت بالخوف حتى أن أبى طلب منه أن يسقينى مخدرًا حتى لا أخاف فى الليلة الأولى واستمر هذا الزواج حوالى شهرين وأعادنى إلى أبى ودفع له المؤخر الذى اتفقا عليه وهو 100 ألف جنيه وطلقنى، وبعد أقل من ستة أشهر جاء المحامى الذى شهد على عقد القران الأول وعرض على والدى أن يزوجنى إلى أحد المشايخ على أن يدفع لى مهر 60 ألف جنيه، ومؤخر 60 ألف جنيه، ووافق أبى للمرة الثانية، وتزوجت الرجل الذى يكبرنى بـ50 عامًا، ولم يستمر هذا الزواج أكثر من 3 سنوات لأننى لم أستطع تحمل العيشة معه، فطوال تلك الفترة كنت أهرب كل يوم وأذهب إلى بيت أبى ويعيدنى أبى إليه مرة أخرى إلى جانب أنه دائم السفر للخارج فلديه زوجة وأبناء فى الخارج.

هند فتحى تروى حكايتها مع أبيها الذى كان السبب وراء معاناتها الحالية والمستمرة قائلة «زوجنى أبى وعمرى 16 عامًا من رجل عربى ثرى يكبرنى بـ20 عامًا فى البداية رفضت بشدة، إلا أنه كان يضربنى لأوافق على الزواج منه وأصبت بحالة نفسية جعلتنى كلما أرى زوجى أغيب عن الوعى، ومرت الأيام والشهور التى لا أعرف عددها وطلبت منه الطلاق، فرفض وكلما كنت أهرب منه وأذهب إلى بيت أبى يعيدنى أبى إليه، ولم يكن أمامى إلا القبول بالأمر الواقع وأنجبت منه بنتًا وبعد أن وضعت ابنتى أخذنى وسافرت معه إلى السعودية وهناك كانت الكارثة التى لم يخبرنى بها من قبل فقد كان زوجى متزوجًا من ثلاث نساء سعوديات غيرى ولديه خمسة أبناء منهن.

وتتابع هند حكايتها قائلة كنت أصغر الزوجات وكنت أعمل فى البيت كخادمة اشتراها لزوجاته من مصر، وكلما كنت أشكو من التعب يقولون لى «إنتى لسة صغيرة اشتغلى واتعلمى»، وكلما كنت أطلب منه العودة إلى بيت أبى أو حتى زيارته يرفض ويتحجج بأن عمله لا يسمح بالإجازات، وكلما جئت إلى بيت أبى أرجوه أن يطلقنى منه، إلا أنه يرفض ويصر على استمرارى فى الزواج.

 

ظاهرة تخالف الشرع والقانون

الأزهر والأوقاف: حرام شرعًا

تروج الجماعات الإرهابية لزواج القاصرات بزعم أنها سنة نبوية، ولكنها فى الحقيقة هى جريمة لإشباع رغبة جنسية إلا أنها فى الوقت الحالى انتشرت بصورة مخيفة بين المجتمع بسبب الأزمات المالية وطمع الأهالى فى الحصول على أموال مقابل زواج ابنتهم لفترة وجيزة ورغم أن دار الإفتاء المصرية، قد أصدرت بيانًا قالت فيه إن زواج القاصرات حرام شرعًا، كما أنه مخالف للقانون، لأنه يؤدى إلى الكثير من المفاسد والأضرار فى المجتمع، وأن الإسلام اعتنى بالأسرة أعظم عناية، واهتم بأسس تكوينها اهتمامًا عظيمًا، والتأكيد على تعميق أسس ترابطها، وما يؤدى إلى تماسكها واستمرارها، وأنه بالنظر إلي مقاصد الشريعة الإسلامية من الزواج، يتبين أن ما يقدم عليه البعض من تزويج البنات القاصرات هو عمل مناف لهذه المقاصد وتلك الحكمة، ويمثل جريمة في حقهن، وذلك لعدم قدرة الفتاة القاصر على تحمل مسئولية الحياة الزوجية والقيام بالأعباء المادية والمعنوية اللازمة لاستمرارها فالظاهرة مازالت منتشرة .

وزير الأوقاف محمد مختار جمعة أعلن أكثر من مرة فى عدة مناسبات مختلفةعن أن زواج القاصرات مخالف للشرع، ويجب معاقبة ومحاسبة كل من يشارك فيه أو يساعد عليه، وحذر وزير الأوقاف من عقد القران دون المأذون الشرعي الرسمي، مشددًا على أن أى عقد زواج دون ذلك بأنه مخالف للشرع والقانون، فالشرع يجرم زواج القاصرات ويجب الالتزام بالزواج الصحيح واتباع الشرع، وحرص الأسرة على مستقبل أبنائها وأحفادها، ومن يفتي بغير ذلك يضلل المجتمع.

المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم أشار إلى أن فتاوى «زواج القاصرات» بين مجالات فتاوى العنف ضد المرأة، جاءت بنسبة (18%) من إجمالي الفتاوى المرتبطة بقضايا العنف ضد النساء ورصد المؤشر فتاوى زواج القاصرات لدى التنظيمات الإرهابية، موكدًا أنها حصرت ذلك في العلاقات الجنسية فقط، وأن (90%) من أحكام فتاويها تُبيح الظاهرة وأن من أباحوا زواج القاصرات اعتمدوا على أدلة من الكتاب والسنة مجتزأة من سياقاتها الزمانية والمكانية، مفيدًا بأن أهم أسباب انتشار تلك الظاهرة، تتمثل في الجهل والفقر والعادات والتقاليد الخاطئة الموروثة.

الدكتور الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أكد أن هناك تحايلًا على الشرع والقانون وزواج القاصرات إساءة للشرع. وتساءل الجندى، قائلًا: «أين القدرة العقلية التي تجعل القاصرة مسئولة عن رعيتها وتخرج أطفالًا مثلها، فنسبة الطلاق الكبيرة ترجع نسبتها إلى زواج القاصرات؟».

وأكد الشحات أن الإسلام وضع أسسًا وضوابط للأسرة المسلمة منها القدرة والاستطاعة وأمور أخرى، مضيفًا أن اللاتي لم يبلغن سن الرشد لا يجب عليهن الزواج، فالزواج لمن لم تبلغ سن الرشد والتي لا تستطيع أن تؤدي الواجبات الزوجية والشرعية والحياتية له من مخاطر ومفاسد كثيرة، والتي ستتم مناقشتها خلال ندوات عديدة بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.

النائب شكرى الجندى، عضو لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، أكد أن الزواج المبكر وزواج القاصرات من المشكلات المجتمعية والدينية التى يجب التصدى لها، موضحًا أن دار الإفتاء المصرية أكدت أن زواج القاصرات حرام شرعًا، علاوة علي مخالفته للقانون، لأنه يؤدى إلى الكثير من المفاسد والأضرار فى المجتمع.

وشدد «شكرى» على أن معالجة هذه القضية تتطلب تكاتف مؤسسات المجتمع ككل، خاصة المؤسسات الدينية (الأزهر والأوقاف والكنيسة)، والمؤسسات التعليمية (المدارس والجامعات)، ووزارة الصحة، والمجتمع المدنى والإعلام، بأن يتم تدشين حملة قومية كبرى تصل لكل أنحاء الجمهورية، للتوعية بخطورة الزواج المبكر وزواج القاصرات، وشرح وتوضيح آثاره السلبية ومخاطره الطبية والصحية خاصة على الفتاة.

 

تغليظ العقوبة على كل الأطراف

ألاعيب لا يكشفها القانون

زواج القاصرات جريمة يعاقب عليها القانون، وتخالف الدستور المصرى وكل المواثيق الدولية.. فالمادة 80 من الدستور نصت على أنه

«يعد طفلًا كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره..»، وطبعًا لا يجوز زواج الأطفال، وهذا ما نصت علية صراحة المادة الخامسة من قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008،  وقضت بأنه ألا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين 18 سنة ميلادية، أى بمنع الزواج لمن هو دون الـ18 عامًا.

صحيح أن هذه المادة تم الطعن عليها بعدم الدستورية، ولكن المحكمة الدستورية قطعت قول كل خطيب ورفضت الطعن، فى حكمها الصادر عام 2017، وبهذا الحكم يكون قد تم غلق الباب تمامًا أمام أي مطالبات بإلغاء أو عدم تطبيق هذا النص، وبالتالى يصبح النص قائمًا وهو وحده الحاكم والضابط لعمليات الزواج وتوثيق عقوده.

المواثيق الدولية التى صدَّقت عليها مصر، والتى تعد جزءًا من قانونها الداخلى، تعارض زواج القاصرات وتحظر الفقرة الثانية من المادة 21 من الميثاق الإفريقى لحقوق الطفل، زواج الأطفال وخطبة الفتيات لكل من لا يتجاوز ثمانية عشر عامًا، نفس الأمر نصت عليه اتفاقية الطفل التى حددت سن الطفولة بثمانية عشر عامًا.

 ورغم ذلك لا يزال زواج القاصرات فى مصر والعالم العربى يلقى الكثير من الرضا لدى عامة الناس، والغريب أنه يحظى بهذا القبول رغم أنه ينتهى فى الغالب بالطلاق وفشل الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية رغم أن أغلب هذه الزيجات تنتهى بأزمات فى محاكم الأسرة، مؤكدًا أن الأمية المنشرة فى مجتمعاتنا تجعل من تجريمه صعوبة كبيرة، على الرغم من الأضرار البدنية والنفسية التى يسببها للفتاة القاصر، فضلًا عن كونه جريمة فى حق المرأة والمجتمع لما يمثله من مخاطر كبيرة، سواء فيما يتعلق بالأم أو الجنين.

وكشف «عامر»، عن الأساليب الملتوية للتحايل على القانون فى ذلك الشأن، قائلًا: «فى أغلب الأحيان يقوم المأذون الشرعى بتحرير عقد جواز عرفى للفتاة دون ١٨ عامًا، ولا تحدث أى أزمات إلا عندما يرفض الرجل الذهاب للمأذون مرة أخرى ليقوم بعمل تصادق على العقد العرفى الذى كتبه المأذون، أو أن يتوفى هذا الرجل قبل عمل التصادق على هذا العقد العرفى عند بلوغ الزوجة السن القانونية، فهنا تكمن المشكلة، حيث إن محاكم الأسرة مليئة بقضايا إثبات الزواج والنسب أو نسب الطفل إلى والد الزوجة.

وأضاف أن هناك عوارًا تشريعيًا من معالجة هذه الأمور بشكل جذرى، موجهًا رسالته لمجلس النواب، بالحاجة إلى تعديل تشريعى لمضاعفة العقوبات التى تقع على كل من اشترك فى سلب طفولة وبراءة هذه الفتاة التى تتزوج تحت السن القانونى، رغم أن زواج القاصرات مخالف للدستور والمعاهدات الدولية التى وقعت عليها مصر.

وطالب «عامر» مجلس النواب بتغليظ العقوبات الخاصة بتجريم زواج القاصرات لمن هم أقل من سن الـ18 عامًا، باعتباره إحدى جرائم العنف ضد المرأة، وتغليظ العقوبة بالسجن لأكثر من 15 سنوات والغرامة، وذلك لكل من اشترك فى الجريمة سواء المأذون أو أحد أقارب الضحية أو أقارب الزوج، وكذلك أئمة المساجد الذين يقومون بتزويج الفتيات القاصرات.

 

أكثر الحالات فى القرى

خبراء: العقوبة تصل إلى السجن

تعد ظاهرة زواج القاصرات، من القضايا المهمة التى تتطلب وقفة حقيقية من جانب الجميع، نظرًا لدورها فى إحداث خلل واسع فى المنظومة الأسرية. ويعتبر هذا النوع من الزواج مخالفة واضحة لنص القانون الذى يمنع تسجيل عقد الزواج دون الـ18 عامًا، حيث تعد الفئة العمرية ما بين الـ15 والـ17 هى الأكثر عرضة لجريمة هذا الزواج.

النائبة إليزابيث شاكر، أكدت أن أغلب زواج القاصرات يكون فى القرى الريفية، موضحة أن الظروف الاقتصادية هى أحد أهم عوامل زواج الفتيات فى سن صغيرة، والعامل الآخر هو التعليم وغياب الوعى والثقافة، مشيرة إلى أنه يتم التحايل على القانون من خلال المأذون لأنه يمتلك أكثر من عقد زواج، ويتم توثيقه، وعقد آخر يتم التزويج بدون تاريخ حتى بلوغ السن القانونية، وبعد ذلك يتم التسجيل، موضحة أن الفتاة عندما تصل سن البلوغ يقوم الأهل بتزويجها، بحجة الستر.

وأشارت إليزابيث إلى أن القانون المصرى يحظر من الزواج دون 18 عامًا والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية أكد أن زواج الفتيات دون 18 عامًا مخالف للشريعة الإسلامية، لافتة إلى أن البنية الجسدية للفتاة اختلفت عن الماضى، فكان فى زمن الرسول عليه السلام، بنيان الفتيات بعد سن البلوغ يصلح للزواج، أما الآن فالوضع اختلف.

ودعت المجتمع إلى التصدى لجواز القاصرات، لما يتسبب فى مشكلات جمة أغلبها فى ساحات المحاكم، ويؤثر على الحالة الصحية للفتاة والنفسية أيضاً، إلى جانب مشكلات للأبناء بسبب عدم وجود قسيمة زواج لاستخراج شهادة ميلاد.

النائبة مايسة عطوة وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب أكدت أهمية وجود وقفة حاسمة من قبل مؤسسات الدولة تجاه مشكلة زواج القاصرات والزواج المبكر، فهو من ناحية يضر الفتاة والشاب، ومن ناحية أخرى سبب من أسباب الزيادة السكانية، مطالبة بتطبيق القانون ضد أولياء الأمور والمأذونين الذين يشاركون فى هذه الجريمة.

وأضافت، أن الفتاة القاصر لا تستطيع تحمل مسئولية الزواج وأعباء وضغوط الحياة نظرًا لصغر سنها، مما يترتب عليه حدوث الطلاق وتفكك الأسرة بسبب فشل الزواج المبكر والأضرار الناتجة عنه.

مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء أصدر تقريرًا، أكد فيه أن نسب الطلاق ارتفعت فى مصر من 7% إلى 40% خلال نصف القرن الماضى، ليصل إجمالى المطلقات فى مصر إلى 4 ملايين مطلقة، وتؤكد الإحصاءات الرسمية أن المحاكم المصرية تداولت نحو 14 مليون قضية طلاق عام 2015، أطرافها 28 مليون شخص، أى نحو ربع تعداد سكان المجتمع المصرى، حيث تشهد محاكم الأسرة طوابير طويلة من السيدات المتزوجات والراغبات فى اتخاذ القرار الصعب فى حياتهن، يلجوئهن إلى المحكمة المتخصصة فى الأحوال الشخصية.

الدكتورة هبة العيسوى أستاذة الطب النفسى بجامعة عين شمس، تشير إلى أن زواج القاصرات كان سائدًا فى الستينيات والسبعينيات، ثمَّ قل فترة من الزمن، وزاد مرة أخرى فى الـ15 سنة الماضية. وزواج القاصرات نوعان، زواج عادى، وزواج من أجل المال بواسطة السماسرة، وقد يتسبب ذلك فى القضاء على الفتاة اجتماعيًّا ونفسيًّا، فمراحل النمو البشرى تحدث تدريجيًّا، والفتاة صاحبة الـ15 عامًا تعتبر طفلة لأنها لم تصل إلى مرحلة النمو الكامل نفسيًّا وجنسيًّا واجتماعيًّا، فلا تستطع أن تقوم بتأدية الدور الأسرى بشكل صحيح.

وأكدت أستاذة الطب النفسى، إلى أن الفتاة القاصرة تتعرض لمشكلات عديدة منها: الإحساس بالأنانية، وممارسة السلطة عليها تضيف الكثير من الضغوط النفسيَّة، والتعرض لمشكلات جنسية.

وأشارت إلى أن الحل، تغيير معتقدات الناس عن طريق المعرفة الصحيحة والتوعية، وتغليظ العقوبة على من يسهمون فى الزواج المبكر.

وقالت الدكتورة إنشاد عزالدين، أستاذ علم الاجتماع، إن زواج القاصرات موجود منذ فترة طويلة خاصة فى الأرياف، ولكن يصعب تطبيقه فى الحضر، وعلى الأسر إدراك مدى خطورة هذا الزواج.

وأوضحت عزالدين، أن زواج القاصرات يؤدى لاختلاط الأنساب فى حالة الإنجاب ووفاة الزوج، وأيضاً سبب فى زيادة حالات الطلاق لأن الفتاة غير ناضجة، فلا تستطع أن تقوم بواجباتها الزوجية بالشكل الصحيح.

وشددت أستاذ علم الاجتماع، على ضرورة تغيير الموروث الثقافى، لأن الجهل والفقر من الأسباب الرئيسية فى انتشار زواج القاصرات، ولابد من تفعيل القانون بشكل أكبر لوجود اختراق وتحايل على القانون من بعض الأسر.