رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بالفيديو.. «الوفد» تخترق مستشفى سيد جلال.. وتكشف كارثة صحية تهدد المرضى

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق وتصوير –محمود هاشم:

في واقعة تطلب تحقيقًا عاجلًا من الدكتور أحمد عماد راضي، وزير الصحة، حيث تعانى مستشفى السيد جلال إهمالًا وفسادًا ينذر بكارثة محققة.

 

البداية عندما اخترق" محرر الوفد" أروقة مستشفى سيد جلال، متخفيًا في زي شاب عاطل يرغب في العمل وبسرعة استجابة إدارة المستشفى ليصبح أحد العمال القائمين على أعمال المطبخ داخلها.

 

اليوم الأول

 

فور دخول المستشفى لبدء العمل اكتشفت أن الغرفة الخاصة بتبديل الملابس لعمال المطبخ بالمستشفى "مُشتركة" بين الرجال والسيدات، ويتم تبديل الملابس داخلها للسيدات والرجال دون نظام ودون تحديد مواعيد خاصة بالسيدات وأخرى للرجال، ويضع الجميع رجالًا ونساًء ملابسهم وحتى "الداخلية" منها داخل خزانات حديدية أو أعلاها أو يكتفون بتعليقها على الباب فى بعض الأحيان.

 

وفي اليوم الأول لعملي (محرر الوفد) بمطبخ المستشفى استقبلني أمن المستشفى بوصلة من النوم على الباب الرئيسى تاركًا الحرية لمن أراد الدخول والخروج كيفما شاء، وبعد عبوري البوابة الرئيسية وجدت "تابوت" مخصص لنقل الموتى يستند إلى أحد الجدران وسط الموطنين دون وضعه فى مكانٍ مخصص له، فيما تتجول القطط داخل المستشفى بحرية تامة على مرأى ومسمع من مراقبي السلامة والجودة داخل المستشفى.

 

واستقبلنى الشيف "هـ" والشيف "س" في أول أيام عملي بعملٍ شاق، وتم تلكليفي بحمل أجولة من البصل على كتفى،  ونقل أقفاص من الخيار والخس "في حالة سيئة جدًا"، علاوة على تقشير وتقطيع 40 كيلو  من البصل يوميًا، وتقطيع الخيار للسلاطة بما يعادل الـ70 كيلو من الخيار، بالإضافة لمساعدة الجزار بتنظيف الدواجن المجمدة وتنظيفها من الداخل، وإزالة القطع التالفة من الدواجن.

 

في اليوم الثاني

 

وفي اليوم الثاني لعملى بمطبخ المستشفى استقبلتنى غرفة الطهى بالصراصير ذات ألوان ذهبية غريبة الشكل، وحشرات أخرى لم أرها من قبل ولا أعرف لها أسماء فالمستشفى عامر دائمًا بكافة أنواع الحشرات بداية من الصراصير، مرورًا بالفئران وصولًا لحشرات غريبة، ولا تختلف حالة أوانى الطهى عن حالة المكان العامة من القذارة، والتي تتجول الحشرات داخلها.

 

أما طاولات وسكاكين تقطيع اللحوم والخضر فشكلها يصيب بالاشمئزاز، وتعلوها طبقات الصدأ ومصنعة من خامات مضرة بصحة الإنسان.

 

ولا تختلف حالة الخضر والفاكهة واللحوم داخل مطبخ المستشفى العريق عن حالة آوانى الطهى وأدوات المطبخ، وصباح اليوم الثاني لعملى قبل موعد وجبة الإفطار أحضر "أ أ" أحد عمال المطبخ بالمستشفى، أقفاصًا من الخضروات نصف المتعفنة، لطهيها ضمن وجبات الغداء للمرضى، ويمكن بسهولة شديدة أن ترى بقع التعفن تنتشر بثمار القرع "الكوسة" وبثمار الطماطم، وحضرت للعمل فى الخامسة والنصف صباحًا، وكانت مهمتى فى هذا اليوم، تقميع مايقرب من 70 كم من الخيار، وتقشير جوال ونصف جزر و 6 أقفاص خس وإعدادها للسلطة ورغم حالة الخضروات المزرية، إلا أن شعار مطبخ المستشفى كل شىء يصلح للطهى، ولاتلقى بشىء إلى القمامة مهما كان.

وتستخدم الكوسة المتعفنة بعد بَشَرها بإضافتها للسلطة الخضراء، ويضاف إليه خضر "الكابتش"، والذى يمكنك بكل سهولة رؤية الدود والطفيليات تمرح بين أوراقه الملتفة حول بعضها البعض بحرية، وأنهيت مهمة عملى الشاقة باليوم الثانى وعدت لمنزلى مفكك الأوصال، أفكر بيوم عملى الثالث وكيف سيكون؟.

 

يوم العمل الثالث

وفي يوم عملى الثالث كُلفت بالعمل مساعدًا لأحد الطباخين، ويدعى "ع" والذي انهمك وقت وصولي في إعداد وجبة الإفطار، ويمسك الطباخ بالخضر الغير صالح للإستهلاك الآدمي، ويقطعه لقطع صغيرة بسكينه الرفيعة في سرعةٍ ومهارة، ليصنع للنزلاء سلطة خضراء بالعفن والطفيليات، ويحاول أن يغير من طعم الخضر عن طريق إضافة البهارات، وبعد الانتهاء من السلطة، انتقل الطباخ ليشرع فى تجهيز لحوم الغداء، مستخدمًا لحوم مضاف إليها طماطم مصابة بالطفيليات، عقب فرمها بآلة فرم اللحوم، وإضافتها للحوم المفرومة، التي تخرج من آلة تغطيها الحشرات التي تتغذى على بقايا اللحوم المفرومة، لصناعة حلقات "الهامبورجر" لوجبات المرضى كوجبة جديدة "ترفيه" كما يقولها الطباخ، وبعد انتهائي من تقطيع مايقرب من 150 كيلو جراما من الخضر المختلفة الأنواع، فى ساعات عمل أمتدت لـ11 ساعة، عدت لمنزلى وفكرت فى إنهاء التحقيق لما أصابنى من تعب، إلا أن فضولى الصحفى تغلب على تعبى وقررت العودة من جديد للعمل.

 

اليوم الرابع

 

وفي اليوم الرابع، حصلت على تكليف جديد بتحضير وجبات المرضى، واكتشفت أن المستشفى تستخدم نوعًا غريبًا من الدواجن، يحمل اسم علامة تجارية غير معروفة، تعبأ داخل أجوال متهالكة من البلاستيك، وتبقى خارج الفريزر 48 ساعة، وهي فترة كافية ليسودها العفن.

 

والأمر اللافت في الموضوع، أن الدواجن التى لاتستخدم فى عملية الطهى يتم إعادتها من جديد للفريزر لتُجمد بإناء من الألومنيوم. 

 

ولاحظت أن الاهمال يسيطر على سلوك العاملين داخل المطبخ، حيث يسير العمال مرتدين "الشباشب" المطاطية، ويسير بعضهم حاف القدمين، وسط أمواج الماء والصابون التى تكتسى بها أرضية المطبخ، يضع العمال طعام الغداء بآوانى تمهيدًا لتوزيعه على المرضى.

 

وفى إناء صدىء من الألومنيوم، وصلت حصة المستشفى من اللحوم، صباح اليوم الرابع لعملى بمطبخ المستشفى، وبلغت كمية اللحم 130 كيلو، وحرص مستلموه على وزنه جيدًا دون النظر لكم الحشرات التى تغطى فوهة الإناء، ولا الصدأ الذى اكتست به جوانب الإناء من الداخل، والحشرات التى تمرح بنشاط على قطع اللحم والحشرات الميتة.

 

ولاحظت أن تلك التجاوزات لاتطال الأطباء، فطعامهم مختلف ويتم انتقاؤه بعناية فائقة من بين طعام المرضى، وتُخصص يوميًا 28 قطعة دجاج منتقاة بعناية لطعام الغداء للأطباء، تطهى بعيدًا عن طعام المرضى بآوانى مخصصة لها، ويخرج طعامهم ليقدم بشكل فندقى.

 

ويستخدم عمال النظافة، دلاء "جرادل" الطلاء الفارغة لغسيل المعدات والأوانى المستخدمة في الطهى دون عناية، حيث يسكبون الماء فقط فوق الآوانى، ولايشطفون الآنية جيدًا، الأمر الذى يؤدى لاستخدامها فى الطهى وهى مازالت تحمل بقايا الصابون والمنظفات.

 

ويبدو أن الإهمال والتسيب قد انتقل من داخل المستشفى لخارجها حيث رصدت أحد الممرضين يجلس مرتديًا زي التمريض الأخضر ليدخن سيجارة ويحتسى كوبًا من الشاى  على "نصبّة" بجوار الرصيف خلال أوقات العمل الرسمية، مهملًا واجبات وظيفته، ومساهمته فى إنقاذ أرواح المواطنين.

 

اليوم الخامس

 

وباليوم الخامس وخلال عملى كمساعد لطباخ بادرته بسؤال حول سبب استخدام الخضراوات المتعفنة بالمطبخ فأجاب:"هو أنا يعنى هَمرِض المرضى زيادة؟ مهما كدا كدا مرضى وبيتعالجوا مش هتفرق كتير".

 

وخلال عملنا اشتكت أحدى عاملات النظافة من انتهاك حقها قائلة:"أنا بساعد الشيفات حال غياب مساعديهم من الساعة 12 ظهرًا، ولا أحصل على أجر إضافي، ولا أحمل شهادة صحية تؤهلني للعمل بالمطبخ".

 

وأكد "أ .أ" مساعد طباخ، أن أجنحة الدواجن ورقابها تكون من نصيب العاملين بالمطبخ، كهدية بشكل شخصى بعيدًا عن المسئولين بالمستشفي، بدلًا من إعادتها إلى مسؤل الثلاجة العمومية.

 

وخلال توزيعى لوجبات الغداء على المرضى، اشتكى أحد المرضى من رداءة الوجبات المقدمة داخل المستشفى قائلًا:" أنا لاقيت صرصارا في الوجبة إمبارح ومرضيتش أكل لحد ولادي مييجوا يزوروني وحصلى هبوط فى الدورة الدموية".

 

والتقطت طرف الحديث، بائعة شاى أمام المستشفى لتضيف،" الممرضين بييجوا عندي بلبس العمليات يشربوا شاى وهم لابسين "الجوانتى"، ومش عارفة هل بيتعقموا تانى ولا بيدخلوا كدا العمليات مرة تانية؟.

 

وأمام باب المستشفى صرخ أحد المرضى وبمعصمه "الكانيولا" الخاصة بتناول المحاليل الطبية قائلًا:"حسبى الله ونعم الوكيل فى إهمال المستشفى اللي بيحصل فيا، أجيب منين فلوس علشان أتعالج فى مستشفي خاصة؟".

 

وكنت أنتوى الاستمرار أكثر فى رصد السلبيات داخل المستشفى، إلا أنى خلال عملى باليوم الخامس بمطبخ المستشفى إصبت بجرح فى ساقى الأيسر خلال حملى لآنية طهى عملاقة، وأرتطمت بأحد المواسير الخارجة من أحد "حلل" الطهى العملاقة، مما كلفنى تقطيب الجرح بـ"3 غزر" جراحية، وهو الأمر الذى دفعنى لإنهاء التحقيق، مكتفيًا بما رصدته داخل وخارج المستشفى.

 

شاهد الفيديو ...