عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صراع الكبار يحرق بغداد

بوابة الوفد الإلكترونية

في عام 2005، أصبح إبراهيم الجعفري أول رئيس وزراء في العراق الجديد والمستقل والديمقراطي. إلا أنه أجبر بعد وقت قريب على ترك السلطة بسبب القيادة غير الفعالة، وحل محله نوري المالكي، وبدلًا من العمل لتصحيح أخطاء الماضي وبناء مستقبل العراق الذي كان لا يزال واعدًا آنذاك، اختار المالكي توطيد السلطة بيده والتحالف مع إيران.

اضطهد المالكي الشيعي، السنة، وحتى أولئك الشيعة الذين اعتبرهم خصومه. حرمهم من فرص العمل، وتمويل البنية التحتية، وحقهم في محاكمات عادلة، وحقهم في التعليم، وهو ما جعل حياتهم في حالة بؤس ثابتة. مشكلة العراق الحالية مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، تعرض للخطر كل التقدم الذي دفعت القوات العراقية والأمريكية ثمنه من دمائها، وعرقها، ودموعها، وفي كثير من الأحيان، حياتها. الخطأ يكمن في المالكي. داعش منظمة إرهابية فظيعة مذنبة بارتكاب جرائم حرب، ولكنها أعطيت الدعم من قبل العراقيين السنة، وتمت مساعدتها من قبل قوات الجيش العراقي في المناطق السنية، بسبب أن السنة يتعرضون إلى استبداد هذا الرجل.
في تقرير لها، اعتبرت صحيفة «الفاينانشال تايمز» البريطانية أن التحرك الذي قام به الرئيس العراقي فؤاد معصوم بتعيين حيدر العبادي رئيسا للوزراء بدلا من المالكي يعمق أزمة العراق ويضيف أبعاد خطر اخرى تحوم حول مستقبل هذا البلد العربي الكبير. أشارت الصحيفة إلى أن المالكي كان يطمح في ولاية ثالثة له في هذا المنصب، ولم يستلم لقرار الرئيس العراقي وادعى أن الرئيس معصوم اخترق الدستور بتجاوز حق ائتلاف دولة القانون بزعامته في تشكيل الحكومة، وتقدم بشكوى إلى المحكمة الاتحادية للفصل في الامر، إلا أن الصحيفة أكدت أن الخطر لا يكمن في ذلك، وإنما في وجود مخاوف من إقدام المالكي على استخدام القوة والقيام بانقلاب عسكري للسيطرة على السلطة، خاصة أنه سيطر على الأجهزة الأمنية خلال السنوات الثماني لوجوده في السلطة ونوهت إلى أن قيامه بهذه الخطوة يمكن أن يحرق العراق.
المالكي فقد الدعم السياسي من أغلب حلفائه، حيث رجحت المساعي الأمريكية مع محور أربيل النجف في الإطاحة برئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، نوري المالكي، من داخل بيته السياسي. فقد أدت الضغوط التي مارستها المرجعية الدينية الشيعية، في النجف، وتحركات السفير الأمريكي في بغداد، ستيف بيكروفت، بإقناع 38 عضواً في كتلة «ائتلاف دولة القانون» بالانقلاب على المالكي، والانضمام إلى «التحالف الوطني»، مع ضمان أن يكون المرشح منهم، وهو ما جرى، عبر اختيار القيادي في الائتلاف، حيدر العبادي، رئيساً للوزراء. وقاد الانقلاب الداخلي في كتلة المالكي، نائبه في رئاسة الحكومة، ومساعده الأيمن، حسين الشهرستاني، والذي وُصف بأنه «عراب الانقلاب». ليحصل بعدها التحالف الوطني الشيعي على الحق في اختيار رئيس الوزراء، وبتصويت 127

نائبا منهم للعبادي لرئاسة الوزراء، وبات المالكي من دون صلاحية قانونية أو دستورية له.
وتشير مصادر قريبة من المالكي إلى أن ما حدث معه يمثل انقلابا سياسيا جرى بعدما تم لي ذراع العراق بحاجته إلى دعم خارجي في مواجهة داعش، ومع تأكيد القوى الكبرى أنه لا دعم لبغداد في وجود المالكي، اضطر بعض أعضاء تحالفه للانشقاق عنه والاتجاه نحو ترشيح أي شخص آخر لخلافته. هذه المصادر نفسها تتخوف من أن يرد المالكي بمغامرة وخدعة تضمن له البقاء في السلطة، وتقول إن المالكي سيبقى رئيسا للوزراء حتى يتم تشكيل حكومة العبادي، وخلال هذه الفترة القصيرة يمكنه أن يسحب قوات الجيش المحيطة ببغداد، ليفسح المجال للفصائل المسلحة وداعش، لاقتحام جزء من المناطق الغربية والشمالية من العاصمة، ونقل المعركة الى داخلها بشكل يلغي الحراك السياسي وعملية التكليف، ويُناط بالمالكي كقائد عام للقوات المسلحة، مهمة إدارة شئون البلاد بشكل مؤقت تحت غطاء قانون الطوارئ لعام 2005.
وبالرغم من وجود تحذيرات أمريكية من استخدام المالكي القوة للتشبث بالسلطة ووجود ترحيب إيراني بالعبادي، مما يعني تخليها ضمنا عن رجلها في العراق، إلا أن التقارير القادمة من بغداد تؤكد أن المالكي يتمسك المالكي بموقعه الحالي، رافضاً عملية تنحيته، مستقوياً بنحو 120 ألفاً من قوات النخبة التابعة لمكتبه، والتي ينحدر أغلب أفرادها من مدينة طويريج، مسقط رأس المالكي، ويديرها بشكل مباشر نجله، أحمد.
ولعل نشر المالكي قوات من الجيش والميليشيات المسلحة في بغداد، وإحاطة مكاتب وكالات الأنباء العالمية والصحف ومجمع الإذاعة والتليفزيون العراقي، وتطويق مكاتب ممثلي المراجع الدينية، فضلاً عن فرض حظر تجوال يومي على بغداد، يبدأ من الساعة الحادية عشرة ليلاً وحتى الخامسة فجراً، يؤكد أن العراق مفتوح على كل الاحتمالات الكارثية التي يمكن أن تهدد وحدة هذا البلد واستقراره.