عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قصة خيانة "لحد" تتكرر فى الأراضى المحتلة على يد "نداف"

بوابة الوفد الإلكترونية

يبدو ان التاريخ سيعيد نفسه مع بعض الفوارق، فقصة الخائن اللبنانى الدرزى «أنطوان لحد» الذى كون ميليشيات درزية «جيش الجنوب» للحرب من أجل إسرائيل، تعود لتطل برأسها، ولكن داخل الأراضى الفلسطينية المحتلة، حيث تسعى إسرائيل وبقوة لتجنيد الفلسطينيين المسيحيين فى جيشها

بعد أن نجحت من قبل فى تجنيد الفلسطينيين الدروز، وذلك لتعويض رفض اليهود المتطرفين للتجنيد ودخول الجيش، ولم تعد فكرة تجنيد المسيحيين في الأراضي المحتلة عام 1948، فكرة نظرية تطرحها المؤسسة الأمنية في إسرائيل، رغم أن الغالبية العظمى منهم ترفض التجاوب مع مساعي جيش الاحتلال مع ذلك تجد تل أبيب، وللأسف، عدداً من المنسلخين عن أبناء جلدتهم، بدوا وكأنهم يؤدون دور أنطوان لحد فلسطيني، للدعوة للخدمة العسكرية أو المدنية، في صفوف الاحتلال.
تعود قصة تجنيد الفلسطينيين في صفوف جيش الاحتلال، رسمياً، إلى عام 1956، بعد صدور قانون التجنيد الإجباري لأبناء الطائفة الدرزية في فلسطين المحتلة، وللأسف، نجحت تل أبيب وإلى حد كبير جداً، في مساعيها لدى دروز فلسطين، ووصلت نسبة التجنيد في صفوف الاحتلال لتجاوز الـ 80٪، رغم أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعاً في هذه النسبة، وكانت تل أبيب فى حينها قد حصلت على توقيع 16 شخصية ممن رأت أنهم ممثلون عن الطائفة الدرزية لإجبار شباب الطائفة على الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، أنشأت لهم كتيبة خاصة بهم، باتت تعرف حالياً بـ «الكتيبة الدرزية»، أو «حورف» بالعبرية، تنتشر في كل مناطق الاحتلال مع الفلسطينيين أو على الحدود مع لبنان، تكريساً لسياسة «فرق تسد»، ولخلق صورة نمطية عن اندماج كافة الدروز في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
وكان هدف إسرائيل الأساسي، سلخ أبناء الطائفة الدرزية عن مجتمعهم الفلسطيني، لكن انخراط الدروز في السياسة الإسرائيلية، وتمثيلهم في أحزاب صهيونية، لم يمنعا استمرار مناهضة الخدمة الإجبارية في جيش الاحتلال من يوم ظهورها، وتستخدم إسرائيل وسائل بشعة لإجبار الرافضين للتجنيد على غرار مصادرة آلاف الاراضى والتهديد بهدم البيوت، لفرض جبروتها على كامل الأرض الفلسطينية وعلى شعب احتلته وأقليّات خلقتها بفضل سياساتها العنصرية، وقد ظهرت فى فلسطين حركة تناهض عمليات تجنيد الدروز الفلسطينيين فى جيش الاحتلال منها حركة «ارفض شعبك بيحميك»، التى تناهض هذا التجنيد، وتدافع عن الشباب الفلسطينى الذى يُزجّ به في السجون العسكرية لرفضهم الخدمة مع الاحتلال، وبحسب مؤتمر هرتسليا، فإن 50.4% من الشباب الدرزي مُتهرّب من الخدمة الإجبارية، ولا ينهي خدمته، وأن نسبة ولاء الشبان الدروز لدولة إسرائيل انخفضت من نسبة 4.4% سنة 2002 إلى نسبة 2.3% سنة 2012.
ووفقاً للتقارير التى تداولتها مواقع فلسيطينة وأيضا «بى بى سى»، فكما هو الحال مع الطائفة الدرزية في فلسطين، تحاول تل أبيب تكرار تجربتها على الطائفة المسيحية.. وبحسب معطيات ودراسات قام بها الباحث الفلسطينى يسري خيزران، وصل عدد المجندين من المسيحيين عام 2013، إلى ما يقرب من 650 شاباً وشابة، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر، أمام كل المعنيين والمتابعين والناشطين من فلسطينيي عام 1948.
وكارثة الكوارث هي قيام كاهن الطائفة الأرثوذكسية الأسبق في الناصرة، الأب جبرائيل نداف، بإطلاق وكالة أو منتدى لتجنيد الشباب المسيحي قبل عدة سنوات، ونجاحه في تسجيل المنتدى كجمعية عام 2012 دعمتها جمعيات إسرائيلية يمينية متطرفة، مثل «أيم ترتسوا» أي (إذا أردتم)، التي تسعى إلى نشر الأفكار الصهيونية، ليس فقط داخل اليهود الإسرائيليين، بل أيضاً لدى الفئات غير اليهودية، وتحول هذا الكاهن إلى ما يشبه العقل المحرّك الذي يتلقى أوامره من الاحتلال ومن وحدة خاصة أُنشئت في مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، تهدف لتجنيد المسيحيين، حتى إن نتنياهو سجّل رسالة أرسلها على شريط فيديو، مهنئاً القائمين على المبادرة بعيد الميلاد، ومطلقاً الوعود لهم بحمايتهم من أي اعتداء قد يواجهونه.
وفى هذا يقول الرئيس الأسبق لمجلس الملة الأرثوذكسي، عزمي حكيم: «إن إسرائيل تسعى من خلال نداف إلى الفلسطينيين إلى طوائف وملل، ولتنفيذ هذا المشروع كانوا بحاجة إلى ثوب وصليب بهيئة كاهن، وبعد

بحث ليس بطويل، وجدوه في نداف الذي لبى النداء من دون تردد لتنفيذ هذا المشروع الحكومي السلطوي الصهيوني، الذى أُعدّ بدقة داخل مكاتب وزارة الحرب والشاباك، وصولاً الى مكتب رئيس الوزراء.. و«نداف» لا يتعدى كونه دمية بأيدي هؤلاء النخبة، والسلطة هي التي جنّد له ولشركائه بعض المنظمات الصهيونية العنصرية لتدعمهم».
واختراق المسيحيين لم يأتِ من فراغ، فهو ناتج عن سياسة التفريق العنصري التي تتبعها سلطات الاحتلال تجاه المجتمع الفلسطيني، منذ احتلال أرضه، حيث كان الدروز والبدو والشركس أول الضحايا، والمأساة تكرر مجدداً، من خلال محاولة اختراق المسيحيين، والتركيز على تجنيدهم اليوم ليس إلا محاولة لعزل المسيحيين في مفهوم الطائفة.
ويقارن عزمي حكيم بين ما فعله اللبنانى الدرى أنطوان لحد وبين ما يفعله الآن الكاهن نداف، فيقول: «هناك بعض الفوارق في الجغرافيا والمكان والزمان، فلحد كان يقف على رأس ميليشيا مسلحة لحماية إسرائيل، أما كاهن فلا يستطيع أن يكون زعيم ميليشيا، لكنه يروج للشباب المسيحي بأن الخدمة في الجيش هدفها حماية المسيحيين المهددين من قبل اخوانهم المسلمين، برغم أننا بحاجة إلى حماية دولية جراء سياسة التمييز العنصري التى تمارسها اسرائيل مع كافة الطوائف الفلسطينية ، إسلاماً ومسيحيين ودروزا»، وإسرائيل تهدف من ذلك إلى زرع بذور الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، لتفتيتهم الى طوائف وملل.
وتستخدم إسرائل فى تجنيد المسيحيين الفلسطينيين دعاية خاصة يكشفها  مؤسس ومدير «جمعية الشباب العرب – بلدنا في حيفا»، نديم الناشف، موضحاً أن هذه الدعاية تقوم على ثلاثة ادعاءات: أولاً: أن المسيحيين ليسوا عرباً  بل هم آراميون، وبالتالي ليسوا جزءاً من المنطقة، ثانياً: ضرورة العمل على حماية المسيحيين في ظل المتغيرات في العالم العربي، لأن المسيحيين هم أول من دفع ثمن الحرب في العراق ومصر وسوريا وتنامي تيارات (التكفيرية) كجبهة النصرة وداعش، أمّا الادعاء الثالث: فهو استغلال البيئة الخصبة التي خلفتها خلافات عائلية وسياسية في بعض المدن والقرى، لتخويف المسيحيين واظهار الاحتلال كأنه هو الصدر الحنون الذي يفتح ذراعيه للمسيحيين، في عالم عربي متأسلم ومتطرف.
ومن المؤسف له أن بعض الشباب العرب فقد هويته الثقافية والقومية والتاريخية وانصهر في المجتمع الإسرائيلي، اعتقاداً منهم بأنهم قد يحصلون على المساواة وفرص عمل أفضل بتخليهم عن فلسطينيتهم.. والأدهى من ذلك هو عدم فهمهم للخدمة المدنية والفخ الجديد المنصوب لهم، ما أشبه اليوم بالأمس، كأن التاريخ يعيد ذاته، أو أن البعض لم يتعلم من التاريخ شيئاً، فدرس جيش أنطوان لحد «جنوب لبنان الجنوبي» العميل لإسرائيل لم يستوعبه البعض، لم تؤت العبر ثمارها. فماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ووطنه.