رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأسد يقرع طبول معركة "القلمون" ولبنان يدفع الثمن

بوابة الوفد الإلكترونية

مع قرع طبول معركة جبال القلمون السورية بدأ لبنان يدفع الثمن، إذ شهدت بلاد الأرز تدفقا غير مسبوقا من اللاجئين السوريين خلال الأيام الماضية خاصة على بلدة عرسال الحدودية اللبنانية الواقعة شمال شرق البلاد.

وبلغ حجم التدفق حدا جعل من الصعب توفيرا إحصاءات دقيقة عنه ، ففيما تتحدث وزارة الشئون الاجتماعية اللبنانية عن أن 1700 عائلة سورية نزحت إلى قرية عرسال الأيام الماضية انتهت الوزارة من عملية تسجيل 600 منها وتم تسليمها المساعدات الأولية الضرورية.
قال مختار بلدة عرسال عبد الحميد عز الدين إن عدد اللاجئين السوريين الذين نزحوا خلال الأيام الماضية بلغ نحو 22 ألفا ليصل إجمالي اللاجئين بالقرية نحو 80 ألفا بينما عدد سكان البلدة نحو 35 ألف نسمة وفقا لتقديراته.
الأنباء التي وردت مع النازحين تفيد بوقوع معارك خاصة في بلدة قارة التي تعد أكبر بلدات جبال القلمون السورية ، ولكن الواضح أن جزءا من أسباب حركة النزوح لايتعلق بضخامة المعارك التي تقع حاليا ، بل المخاوف من وقوع معارك مستقبلية أكثر ضخامة.
ودأبت وسائل الإعلام التابعة للنظام السوري وحلفاءه في لبنان على الحديث عن معركة القلمون باعتبارها أم المعارك التي سيتم بها تطهير سلسلسة جبال لبنان الشرقية التي تضم القلمون وتأمين الطريق بين الساحل السوري والعاصمة دمشق ، كذلك قطع طرق التهريب من شمال لبنان عبر بلدة عرسال البقاعية ذات الاغلبية السنية المتهمة من قبل نظام الأسد وحلفائه في لبنان بالقيام بدور كبير في تهريب السلاح إلى المعارضة السورية، والعكس أي تسهيل دخول معارضين سوريين ولاسيما من المجموعات المتطرفة إلى داخل لبنان لتنفيذ عمليات تفجير ضد حزب الله أو مناطقه.
والتداخل بين سوريا ولبنان ليس في الجغرافيا فقط ، ولكن سكاني أيضا ، فكثير من أبناء القرى الحدودية اللبنانية هم من أهل السنة ، ويتشاركون المذهب مع أبناء القرى السورية المجاورة ، بل أحيانا تتداخل أراضيهم ودماءهم وأنسابهم، فتجد لبنانيا يمتلك أرضا في سوريا أو العكس ، وتجد سوريا أمه وزوجته لبنانيتان والعكس.
أما في جنوب لبنان في منطقة شبعا وحاصبيا ، فيزداد التداخل تعقيدا إذ تتواجد في هذه المناطق على الجانبين اللبناني والسوري على السواء قرى سنية ودرزية، وعندما حدث منذ عدة أيام اشتباكات بين مسلحين سنة وقرى درزية في سوريا انتقل التوتر إلى المناطق اللبنانية ، رغم أن العلاقة بين السنة والدروز جيدة في لبنان ، خاصة أن الزعيم الدرزي الأكبر وليد جنبلاط كان حليفا قديما ووثيقا لتيار المستقبل، ورغم أنه غير موقعه السياسي من 14 آذار إلى الخط الوسطي، إلا أنه يؤكد أنه لن يشكل حكومة دون تيار المستقبل، كما أن موقفه من الأزمة السورية على تقلبه أقرب إلى تيار المستقبل منه إلى حزب الله.
التداخل الجغرافي والبشري بين المناطق اللبنانية والسورية يجعل تطبيق سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية أمرا صعبا للغاية، ولكن المشكلة أنه ليس هناك إرادة حقيقية للأطراف اللبنانية الرئيسية في تطبيق هذه السياسية فعلا ، فحزب الله لم يعد يخفي أن قواته تحارب في سوريا بل إن التسريبات التي أطلقها الحزب لوسائل إعلام دولية تؤكد أنه أنقذ النظام السوري من الوقوع .. وهي معلومات أكدها مطلعون على سير المعارك في سوريا لوكالة أنباء الشرق الأوسط إذ قالوا أن الحزب تحمل عبء معركة القصير الشهيرة بنسبة 80 % على الأقل مقابل 20 % للنظام ، ولكن الأهم في نتائج تدخل حزب الله ، هو أنه أوقف مسلسل الانهيار في الجيش السوري ، إذ أن الشعور العام لدى أفراد جيش الأسد بقرب إنهيار النظام كان يشجع الكثير منهم على الانشقاق أو الاستسلام أو أحيانا التخلي عن المناطق التي يسيطرون عليها مقابل المال ، ولكن تماسك الجيش السوري بفضل تدخل حزب الله ، أوقف الانشقاقات ، كما سمح للجيش السوري باستخدام وحدات عسكرية كان ينأى بها عن المعركة خوفا من انشقاقها ولكن هذه المخاوف لم تعد موجودة.
على الجانب الآخر ، فإن تشرذم المعارضة المسلحة وعدم تنظيمها ساهم بشكل كبير في هزائمها الأخيرة، ويلفت هؤلاء المطلعون على الشأن السوري إلى أن الجيش السوري الحر مثل الجيش النظامي يعاني من ضعف العزيمة ووجود مظاهر للفساد، بينما الجماعات الإسلامية تتسم بالصلابة في القتال ، وعدم

الفساد ، ولكنها مشكلتها في تشرذمها الشديد، وعنفها وتطرفها الذي جعل جزء من السكان السوريين ينفرون منها .
حرارة المعارك السورية خاصة القلمون تنتقل بسرعة إلى الساحة السياسية اللبنانية، فتيار المستقبل حذر على لسان نائبه في البرلمان جان أوجاسابيان من ان أي تدخل لحزب الله في معركة القلمون السورية سيؤدي بلبنان الى حرب مذهبية كاملة.
وتشكل حدود عرسال مع سوريا مساحة 10% من مساحة لبنان وهذه الحدود تسيطر عليها المعارضة السورية بينما يسيطر النظام السوري على باقي الحدود واذا ارتاح النظام في بعض المناطق الداخلية في سوريا سيفك الحصار عن دمشق وسيحشد في القلمون التي تضم مجموعة من القرى يقيم فيها أكثر من مليون نسمة.
ولذلك فإن هناك مخاوف من أن يشارك حزب الله في المعارك من الجهة اللبنانية بحيث سيصطدم مع اهالي عرسال وبعض المعارضة السورية وهو ما سيأخذ لبنان الى معركة مذهبية.
التراشق السياسي تحول إلى تراشق مذهبي وصل إلى درجة أن مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو اعتبر أن ما يحدث في سوريا والعراق ولبنان يؤكد تحول ماوصفه بالسلاح الشيعي وفي مقدمته سلاح حزب الله الى سلاح لقتال أهل السنة بينما لم يطلق رصاصة واحدة ضد اسرائيل منذ حرب 2006.
ورأى الجوزو أن ظاهرة عاشوراء اصبحت ظاهرة لعرض العضلات وتعبيرا عن تكتل الشيعة العرب الى جانب شيعة ايران ضد أهل السنة في المنطقة كلها على حد قوله.. داعيا سنة المنطقة إلى التحرك.
في المقابل ، فإن حزب الله يلمح إلى أن تحالف 14 آذار هو من تنكر أولا لاعلان بعبدا الذي ينأى بلبنان عن الصراعات الخارجية، ويمثل هذا الإعلان إحراجا لحزب الله نظرا لأنه تم بحضور محمد رعد رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الله وبرعاية من الرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي ينظر له الكثيرون على ان شخص غير منحاز .
ولهذا لم يكن غريبا أن يلمح محمد رعد إلى تيار المستقبل بأنه هو الذي تنصل من إعلان بعبدا قبل أن يصل إلى الإعلام ، وذلك في إشارة لاتهامات متكررة من قبل حزب الله لتيار المستقبل أنه يمد المعارضة السورية المسلحة ومنها التكفيرية بالمال والسلاح الذي يهرب وفقا لاتهامات حزب الله عبر موانئ لبنان الشمالية إلى سوريا عبر قرية عرسال البقاعية.. وهي الاتهامات التي ينفيها تيار المستقبل ، الذي يؤكد أنه لايمتلك السلاح في لبنان ولايستعمله فكيف يهربه إلى المعارضة السورية ، مؤكدا أنه يدعم الشعب السوري إنسانيا وإعلاميا فقط.
ويبدوا أن لبنان سينتظر جهود الرعاة الدوليين والإقليميين لحل المشكلة النووية الإيرانية ، ليلتفتوا إلى مأساة شعب اسمه الشعب السوري ، بعد أن يكون القتال قد أنهك الجيش السوري وحزب الله والمعارضة المسلحة بشقيها لصالح إسرائيل بطبيعة الحال ، ساعتها يمكن حل الأزمة السورية التي باتت حجر الزاوية في المعضلة اللبنانية باعتراف كل الفرقاء اللبنانيين تقريبا.