رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رحيل الأسد طوق نجاة لاقتصاد تركيا ومستقبل أردوجان ولكن الخسائر كثيرة

 الاسد ،اردوجان
الاسد ،اردوجان

تعد سوريا‮ "‬رمانة الميزان الاستراتيجي العربي‮" ‬لموقعها الجغرافي المتميز ورعايتها دعوة القومية العربية سواء علي مستوي الفكر أو الحركة،‮ ولذلك فإن الازمة التي تشهدها الآن من شأنها أن يكون لها تأثيرات وتداعيات كثيرة على منطقة الشرق الأوسط سواء بسقوط الرئيس السوري "بشار الأسد" أو بقائه، وسيكون هناك مكاسب وخسائر لكل دولة على حدا..ونتناول في هذا المقال تأثير الأزمة السورية على تركيا....

في عام 2011، قطعت الحكومة التركية جميع علاقاتها الدبلوماسية مع حكومة الرئيس السوري "بشار الأسد"، وبدأت في دعم جماعات المعارضة السورية التي تسعى للإطاحة به, إلا أن هذه السياسة فشلت حتى الآن ولم تجدي ما كانت تشتهيه تركيا ولكن يمكن للتدخل العسكري الذي بات قريبا أن يحقق لتركيا ما كانت ترجوه.


تدهور علاقتها بجيرانها بسقوط الأسد:
لقد قوّض الصراع الدائر في سوريا سياسة "اللا مشاكل مع الجيران" التي ينتهجها حزب العدالة والتنمية الحاكم بتركيا، مما اضطر أنقرة إلى اتخاذ موقف بشأن الصراع في سوريا، وهو ما أدى إلى توتر علاقاتها مع إيران وبسقوط الأسد سيزداد حدة هذا التوتر، هذا بالإضافة إلى مخاوفها بشأن هوية من يسيطر على الجانب الآخر من الحدود
الخسائر الاقتصادية:
من المؤكد تأثر الدول المجاورة اقتصاديا بالحالة الأمنية والفوضى التي تنتشر بإحدى الدولتين، ولكن أهمية استقرار الأوضاع لدى الجيران بالنسبة لتركيا يعد أمرا حتميا حتى لا تنتهي المعجزة الاقتصادية التركية.
فقد نعمت تركيا على مدى العقد الماضي بسمعتها كبلد مستقر في منطقة غير مستقرة. وهو ما جعلها تجني الكثير من المكاسب الاقتصادية وكان التكامل الاقتصادي لجنوب تركيا مع العراق وسوريا أحد نجاحات أنقرة الكبرى في العقد الماضي. ورغم أن حجم التجارة الكلي للمنطقة كان طفيفاً بالمقارنة مع الحجم التجاري الكلي لتركيا، إلا أنه كان عاملاً هاماً في التنمية الاقتصادية لجزء من البلاد عانى من الفقر لفترات طويلة.
وقد أدى الصراع في سوريا إلى عكس هذا الاتجاه بشكل كبير. فمع تدهور الأوضاع الأمنية على الحدود الجنوبية أغلقت أنقرة الحدود مع سوريا أمام حركة المرور التجارية. وفي الوقت نفسه، منعت بغداد بين الحين والآخر التجارة مع تركيا للاحتجاج على تقارب أنقرة مع أكراد العراق. وكل ذلك كان يعني وقف تجارة كانت مزدهرة بين جنوب تركيا وشمال الهلال الخصيب. على سبيل المثال، في نوفمبر 2012، تراجعت صادرات "هاتاي" التركية إلى سوريا إلى أقل من نصف مستواها من عام 2010، كما حدثت تراجعات مماثلة في كل محافظة جنوبية.
خسائر الصراع الطائفى:
نظرا لوجود ما يقرب من 500 ألف شخص من العلويين العرب في تركيا، الذين لهم قربى عرقية مع مجموعة مشابهة في سوريا كانت قد أيدت، مع استثناءات قليلة، نظام الأسد ضد الثوار الذين تترأسهم قيادة سنية. ففي حال سقوط الأسد فإن هذا سيهدد هذا الصراع الطائفي

وتسريبه عبر الحدود إلى تركيا، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تأليب الثوار السوريين والأتراك السنة ضد العلويين الموالين لنظام الأسد، خاصة في مقاطعة "هاتاي" الواقعة في أقصى الجنوب حيث تتركز الطائفة العلوية.
كما يساور تركيا قلق من إمكانية انهيار الدولة السورية، خاصة وأن فراغ السلطة بعد سقوط الأسد قد يدفع المناطق الكردية السورية في الشمال إلى إعلان الاستقلال، مما سيعزز النزعات الانفصالية للمجتمعات الكردية الكبيرة الموجودة في تركيا.
الخسائر الأمنية:
نظرا للمزاعم المنتشرة حول استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية، وإمكانية استخدام الغرب نفس السلاح في تدخلها العسكري، فإن ذلك سيزيد خطر نشر الأسلحة الكيميائية وانتشار المواد السامة فوق الأراضي التركية؛ كما أن قرب مقاتلي تنظيم "القاعدة" في سوريا يشكل تهديداً خطيراً على الاستقرار التركي المعروف سواء بقي الأسد أو سقط.
صعود الجماعات الماركسية:
ولعل من الأشياء التي ستزعزع الاستقرار الأمني في تركيا في حال سقوط الأسد هو إيقاظ الحرب السورية للجماعات الماركسية المتشددة التي كانت خاملة سابقاً في تركيا. وتعارض هذه الجماعات بشدة أي سياسات حكومية تعتقد أنها تخدم مصالح الإمبريالية الأمريكية، وشنت عدداً من الهجمات من ضمنها الهجوم على السفارة الأمريكية في أنقرة في 2 فبراير. وتفيد تقارير وسائل الإعلام التركية أن هذه الجماعات الماركسية، بالتعاون مع عناصر تابعة لنظام الرئيس الأسد، قد تكون وراء هجوم 11 مايو الذي راح ضحيته 51 شخصاً في الريحانية.
وفي النهاية....يبدو أن الأمر الذي بات أكيدا، أن رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" أصبح مدركا تماماً أنه ما لم ينجح التدخل العسكري ضد نظام الأسد، فيمكن أن تصبح تركيا الخاسر الأكبر في سوريا.
ولعل المكسب الوحيد لتركيا من سقوط الأسد والتدخل العسكري هو إنقاذ تركيا من جرها إلى مزيد من الصراع الذي يهدد بتبديد التقدم الذي أحرزته نحو حل الصراع الكردي، ويقّوض الإنجازات الاقتصادية الهائلة التي حققتها.