عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سلطنة عُمان ومصر.. تاريخ من العلاقات المتميزة منذ آلاف السنين

السفير عبدالله بن
السفير عبدالله بن ناصر الرحبى يؤدى قسم اليمين أمام السلطان

 "مسقط" و"القاهرة": حرص مشترك على تعزيز التعاون الثنائى فى كل المجالات خلال الفترة المقبلة

السفير عبدالله الرحبى: مصر قدمت حالة عربية وإقليمية ودولية نادرًا ما يمكن الوصول لها لولا حكمة الرئيس السيسى ومساندة الشعب

 

تشهد العلاقات العُمانية المصرية دومًا دفعات قوية للأمام، بفضل الانسجام والتشاور والتفاهم والتنسيق المشترك والتعاون إزاء مختلف القضايا الثنائية والعربية والإقليمية والدولية، وتستمد هذه العلاقات قوتها من عمقها التاريخى والحضارى المتجذر، ومن تعدد جوانب التعاون بين البلدين وتشعبها وعدم اقتصارها على جانب واحد.

وتُعد العلاقات بين سلطنة عُمان ومصر نموذجية بامتياز، لأنها ترتكز على أبعاد تاريخية وحضارية تمتد لأكثر من ٣٥٠٠ عام، حيث التبادل التجارى بين القدماء المصريين وأهل عُمان من خلال تصدير اللُبان العُمانى الشهير إلى مصر، بل إن الملكة المصرية «حتشبسوت» قامت برحلة تاريخية إلى «ظفار» فى عصر الفراعنة، ما يدلل على حضارة البلدين وعلاقاتهما التى تضرب فى جذور التاريخ، وهو ما أدى إلى علاقات اقتصادية وتجارية واسعة، تطورت مع الوقت إلى علاقات سياسية واستراتيجية وروابط اجتماعية وثقافية كبيرة، ومن ثم فإن تلاقى الأفكار والمواقف بين الدولتين تجاه قضايا المنطقة لم يأت من فراغ، بل كان للتاريخ والجغرافيا الأثر الكبير فى بلورة مواقف مشتركة بين الدولتين الشقيقتين.

 

مراحل تاريخية

وتمر العلاقات بين السلطنة ومصر بثلاث مراحل تاريخية، الأولى: كانت بين مصر الفرعونية والحضارة العُمانية فى ذلك الزمان، حيث كان «اللُبان» العُمانى يستخدم فى المعابد الفرعونية، وكان المصريون القدماء يستوردونه من جنوب عُمان فى ذلك التوقيت.. والمرحلة الثانية: حينما فتح عمرو بن العاص مصر، جاء عدد من القبائل العُمانية فى ذلك الوقت، وأكدت المؤشرات التاريخية على بقاء أفراد من عُمان وشكلوا فيما بعد بعض القبائل.. أما المرحلة الثالثة فكانت فى سبعينات القرن الماضى، حينما تولى المغفور له السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه– حكم السلطنة فى سبعينات القرن الماضى، وبدأت العلاقة فى العصر الحديث واستمرت إلى الأفضل دائماً، وقد أكد السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان فى ١١ يناير ٢٠٢٠م حينما تولى مسئولية الحكم على استمرار نهج سياسة عُمان الخارجية، ويؤكد المسئولون العُمانيون دوما أن مصر لها الأولوية والاهتمام لدورها الريادى والأساسى فى قاطرة الأمة العربية.

 

المستوى المتميز للعلاقات

ومن أبرز مظاهر تعزيز العلاقات بين السلطنة ومصر مؤخراً، الاتصال الهاتفى الذى أجراه السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، بالرئيس عبدالفتاح السيسى خلال شهر يوليو الماضى، حيث تناول الاتصال موضوعات العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وذلك فى إطار المسيرة المتميزة للتعاون بينهما، فضلاً عن بحث تطورات عدد من الملفات الإقليمية المختلفة ذات الاهتمام المشترك.

وأشاد السلطان هيثم بن طارق بتميز العلاقات المصرية العُمانية، وأواصر المودة والأخوة التى تجمع بين الشعبين الشقيقين، معربا عن حرص السلطنة على تعزيز أطر التعاون القائمة بين البلدين وفتح آفاق جديدة للتعاون الثنائى بينهما، فضلا عن مواصلة التشاور والتنسيق بين الجانبين حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خصوصًا فى ضوء كون مصر محورا أساسيا فى الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، إلى جانب سعى مسقط للاستفادة من التجربة التنموية الرائدة والملهمة لمصر التى تحققت من خلال الرؤية الثاقبة والقيادة الحكيمة للرئيس السيسى.

ومن جانبه، أعرب الرئيس السيسى خلال هذا الاتصال، عن أطيب التمنيات للسلطان هيثم بن طارق بالتوفيق لاستكمال مسيرة التنمية الشاملة التى أرسى قواعدها وبدأها السلطان الراحل، والنجاح فى تحقيق رؤية «عُمان ٢٠٤٠»، وأشاد بالعلاقات الودية التاريخية التى تربط بين البلدين والتى تشكلت عبر عقود ممتدة من التضامن والتكاتف والوقوف صفا واحدا ضد الأزمات والتحديات، كما أكد حرص مصر على الحفاظ على تلك العلاقات المتميزة والارتقاء بها على نحو مستمر بما يحقق مصالح الشعبين الشقيقين ومصالح الأمة العربية بأسرها.

وأعرب «السيسى» عن التقدير للمعاملة الكريمة التى يلقاها أبناء الجالية المصرية فى السلطنة على المستويين الرسمى والشعبى، فى حين أكد سلطان عُمان أهمية مواصلة أبناء الجالية المصرية دورهم المساند لأشقائهم فى عُمان والداعم لمسيرة نهضتها وتقدمها.

كما أكد الجانبان خلال الاتصال، على حرص السلطنة ومصر على تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة فى كافة المجالات خلال الفترة المقبلة، خاصةً على الصعيدين الاقتصادى والاستثمارى وزيادة معدلات التبادل التجارى بما يحقق مصلحة الشعبين، بالإضافة إلى أهمية الارتقاء بتلك العلاقات لتصل إلى المستوى المتميز للعلاقات السياسية بين الجانبين.

 

جهود مكثفة

ولا تألو سفارة سلطنة عُمان لدى مصر جهداً فى سبيل تعزيز العلاقات العُمانية المصرية فى مختلف مجالات التعاون الثنائى.. ويحرص السفير عبدالله بن ناصر الرحبى سفير السلطنة لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، وأعضاء السفارة العُمانية بالقاهرة، على بذل كل الجهود فى سبيل تعزيز هذه العلاقات المتميزة.

وقد شارك السفير «عبدالله الرحبى» منذ أيام فى احتفالية إطلاق الرئيس السيسى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بمصر «٢٠٢١/٢٠٢٦م»، بالعاصمة الإدارية الجديدة.. وأكد أن مشاركة السلطنة فى هذه الاحتفالية تعكس العلاقات المتميزة بين السلطنة ومصر فى ظل قيادة السلطان هيثم بن طارق، وتقديراً للعلاقات المتميزة بين البلدين، ولتجربة السلطنة فى مجال حقوق الإنسان المُصانة من خلال منظومة قوانين وتشريعات سنتها الحكومة العُمانية بهدف حماية الفرد والمجتمع.. وقال فى تصريحات صحفية: «لقد تشرفت بتمثيل السلطنة فى هذه الاحتفالية المهمة التى رعاها الرئيس السيسى وحضرها عدد من الوزراء والسفراء العرب والأجانب والهيئات والمنظمات الدولية، التى تشكل مؤشرا مهما على حرص الرئيس المصرى على الاهتمام برعاية حقوق الإنسان».. وأضاف أن الاستراتيجية تضمنت عدة محاور تُعنى بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والمرأة والطفل والأشخاص ذوى الإعاقة والشباب وكبار السن، إضافة إلى محور التثقيف وبناء القدرات فى مجال حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن هذه الاستراتيجية أكدت النهوض بكل الحقوق والحريات الأساسية فى مصر المضمَّنة فى الدستور والتشريعات والاتفاقيات الدولية تحقيقا لمبادئ العدالة والمساواة والتسامح دون تمييز، وعلى المشاركة الاجتماعية التى تستهدف التغلب على الصعوبات التى تُعيق تحقيق عملية التنمية.

 

إنجاز تنموى فريد

كما شارك السفير «عبدالله الرحبي» الأسبوع الماضى أيضاً فى فعالية إطلاق تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فى مصر للعام الحالى، وأكد أن مصر فى عهد الرئيس السيسى حققت إنجازا تنمويا فريدا رغم كل الظروف التى مرت

بها ومختلف التحديات والصعاب التى واجهتها خلال السنوات القليلة الماضية.. وقال فى تصريحات صحفية عقب مشاركته، إن مصر تقدم للعالم نموذجا حضاريا وتنمويا استطاع تجاوز الصعاب وفق رؤى استراتيجية للقيادة السياسية حققت من خلالها مصر حالة عربية وإقليمية ودولية نادرا ما يمكن الوصول لها لولا حكمة الرئيس السيسى ومساندة الشعب المصرى العظيم.. وأشاد بفلسفة خطة التنمية فى مصر التى وضعت نصب أعينها البناء والاستدامة كمسارين متوازيين أمكن من خلالها تذليل الكثير من الصعاب، مشيرا إلى أن ثمار هذه الفلسفة سوف يجنى ثمارها الشعب المصرى والأجيال القادمة.. وأوضح أن الإشادات الدولية من خلال تقرير التنمية البشرية وما تم مشاهدته من ممثلى المنظمات الدولية يبعث على التفاؤل والارتياح، لافتا النظر إلى أن ما يتحقق فى مصر كفيل بنقل النموذج المصرى لباقى البلدان العربية.. كما أكد أن الرئيس السيسى لديه طموحات عظيمة لمصر خلال المرحلة المقبلة لا تحدّها حدود، وقال: «فقد وعد فخامته بأن ما يخطط له لعشر سنوات يأمل فى تحقيقه خلال الثلاث السنوات القادمة، خصوصًا فيما يتعلق بمبادرة حياة كريمة»، مشيرا إلى أن هذا عامل مهم فى مسيرة محاربة التطرف، ويسير جنبا إلى جنب مع الحفاظ على وطن مستقر آمن يحقق الرفاهية لكل مواطن ومقيم على أرض مصر العظيمة.

 

تعظيم التعاون الاقتصادى

وفى الجانب الاقتصادى، تبذل بعثة السفارة العُمانية لدى مصر جهودا مضنية أيضا فى سبيل تعظيم التعاون الاقتصادى بين البلدين وتعزيز حجم الاستثمارات المشتركة والتجارة البينية، وقد شهدت سفارة السلطنة بالقاهرة الأربعاء الماضى توقيع بروتوكول تعاون بين شركات عُمانية ومصرية فى عده مجالات، وذلك فى إطار الجهود التى تبذلها لدعم التعاون بين البلدين فى الاستثمار المتبادل، إذ تم توقيع اتفاقيات فى مجالات عدة أبرزها السياحة وإدراة المنتجعات والفنادق والرى ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بين مجموعة يعقوب بن كرم الإدارية بالسلطنة وشركات مصرية فى مجالات مختلفة.. وقد وقع الجانب العُمانى بروتوكول تعاون مع كل من شركة «صن رايز» لإدارة المنتجعات والفنادق العائمة وشركة «النخبة الدولية» لإدارة المشروعات ممثلة عن مصانع النخيل لأنظمة الرى الحديث ومصانع «ميجا جرين» للصناعات البلاستيكة وشركة «الفرعونية» للاستشارات ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

ويهدف هذا التعاون بين الشركات العُمانية والمصرية، إلى الإدارة المشتركة للمنتجعات السياحية المملوكة لمجوعة «بن كرم» العُمانية وفتح مصانع مصرية داخل السلطنة لتطوير منظومة الرى الحديث والتى تعود بالنفع على تطوير قطاع الزراعة داخل السلطنة وخارجها، وكذلك تصدير المنتجات الخاصة بأنظمة الرى من السلطنة إلى العالم، وإنشاء مكتب استشارات داخل السلطنة مقرها «البريمي» للاستشارات ودراسة الجدوى، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

 

تشجيع الاستثمار

ومن جهته، رحب السفير العُمانى بالقاهرة «عبدالله الرحبى»، بتوقيع البرتوكول بين الجانبين المصرى والعُمانى، حيث أعرب عن سعادته لتفعيل أُطر التعاون بين القطاع الخاص فى البلدين، وقال: «نعرب عن سعادتنا بتقديم كل الدعم والعون لتسهيل هذا النشاط، ويسرنا أن يتم توقيع الاتفاق بمبنى سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة، وهذا يأتى تأكيداً للدور فى التسهيل الذى تقوم به الحكومة تعزيزاً لزيادة حجم الاستثمارات بما يتناسب مع عمق العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وذلك فى إطار جهود الحكومة لتشجيع الاستثمار»، مؤكدا أن مصر تشهد حراكا اقتصاديا قويا.

فيما أكد يعقوب بن كرم رئيس مجلس إدارة مجموعة «بن كرم» العُمانية، على أهمية هذه الشراكة بين الجانبين حيث تهدف إلى تعزير العلاقات العُمانية المصرية فى مجال الاستثمار والسياحة والتى تعد نواة لمشاريع أكبر بين الجانبين سيتم الإعلان عنها مستقبلا.. كما أكد الجانب المصرى ترحيبه بالشراكة العُمانية المصرية لدعم الاستثمارات بين الجانبين، مؤكدين عمق العلاقات بين البلدين والشعبين والتى تمتد عبر التاريخ، وحرص الشركات المصرية على تفعيل وزيادة سبل التعاون بين الجانبين فى شتى المجالات.. وقد حضر توقيع البروتوكول أعضاء البعثة الدبلوماسية بالسفارة العُمانية وممثلون للشركة العُمانية والشركات المصرية.

ومن الجدير بالذكر، أن الفترة الماضية شهدت نشاطا ملحوظاً من قبل السفير «عبدالله الرحبى»، قاصدا منه توثيق العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين مسقط والقاهرة ودفعها خطوات إلى الأمام فى إطار توجه كلى يخدم العلاقات الثنائية المشتركة.