عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

انعكاسات أزمة كورونا على الدول النفطية

بوابة الوفد الإلكترونية

 على الرغم من الجهود الكبيرة التى تبذلها الدول لمواجهة تداعيات أزمة كورونا إلا أن تلك التداعيات قد تستمر سنوات طويلة، وقد يصعب معها التنبؤ بنتيجة أى خطط اقتصادية مستقبلية. وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن السنوات المقبلة قد تكون أكثر صعوبة فى ظل استمرار جائحة كورونا، مع إجبار الكون كله على تغيير النمط الاستهلاكى سواء على مستوى الحكومات أوعلى مستوى الشعوب.

تراجع حاد

ومؤخراً كشف تقرير صادر عن موقع مبادرة كربون تراكر أن عائدات النفط والغاز فى الدول الغنية بمصادر الطاقة ستشهد تراجعاً بواقع 13 تريليون دولار وبنسبة 51%، بسبب التحول العالمى نحو المنتجات منخفضة الكربون خلال العقدين المقبلين. وأفاد التقرير بأن الاعتماد المالى على عائدات النفط والغاز، الذى يحسب بناء على نسبة عائدات النفط والغاز من إجمالى الإيرادات الحكومية، يصل فى الكويت على وجه الخصوص إلى 67%، مضيفا أن أكثر الدول اعتمادا على النفط والغاز كنسبة مئوية من الناتج المحلى الإجمالى، تتركز فى الشرق الأوسط وشمال وغرب افريقيا وأمريكا الجنوبية. وتوقع التقرير أن تنخفض عائدات النفط والغاز فى الكويت خلال الأعوام العشرين المقبلة بنسبة 38%، مشيرا إلى أن الكويت ستكون من بين أشد الدول المنتجة للنفط تأثرا بتحول الطلب العالمى على الطاقة منخفضة الكربون.

مأزق

وأشار التقرير إلى أنه مع التحول نحو الطاقة النظيفة فى العقود المقبلة، ستكون هذه الدول النفطية فى مأزق كبير ما لم تنوع اقتصاداتها بسرعة. وبالتالى، فإن عائدات النفط والغاز التى يحصل عليها أكبر منتجى فى العالم ستضعف فى ظل سيناريو «كربون تراكر» الذى يتوقع تراجع الطلب العالمى على النفط والغاز بدرجة كبيرة عما هو عليه اليوم. وفى النموذج الذى يقيم مدى تأثر الاقتصادات المختلفة بانخفاض الطلب على النفط والغاز على مدى العقود المقبلة، من المتوقع أن تكون البحرين وسلطنة عمان من بين الأكثر تضرراً، حيث يتراكم النقص المتوقع ليبلغ 40% من الإيرادات بسبب اعتمادهما الشديد على النفط والغاز كمصدر للإيرادات الحكومية.

شح الموارد

وفى الكويت أغلق وزير المالية خليفة حمادة باب التفاؤل الذى ساد فى الأيام الأخيرة مع الارتفاع الملحوظ فى سعر برميل النفط، الذى لامس 70 دولاراً، مبيناً أن ارتفاع أسعار النفط فى الأسبوعين الماضيين لا يغطى التزامات الدولة، حتى إن استمر على مستواه الحالى طوال السنة المالية المقبلة، التى تبدأ فى الأول من أبريل المقبل. وأشار إلى أن الارتفاع النسبى والمرحلى للإيرادات النفطية لا يؤجل أو يقلل من العزم للدفع نحو مشاريع القوانين التى تهدف إلى توفير السيولة، ومبيناً أن «سعر التعادل فى موازنة 2021/2022 هو 90 دولاراً». وجدد التأكيد على ضرورة معالجة شح الموارد المالية ونفاد السيولة فى الخزينة «صندوق احتياطى العام» فى أقرب وقت ممكن، لتوفير السيولة والوفاء بالالتزامات المالية الفورية على الدولة التى تتمثل بالرواتب والدعم الذى يشكل أكثر من 71% من إجمالى المصروفات فى موازنة 2021/2022.

طمأنينة

وأكد وزير المالية أن من «حق أهل الكويت أن يشعروا بالطمأنينة تجاه التزامات الدولة لهم، وواجب علينا أن نوفر لهم هذه الطمأنينة وأن نمكن الجميع من القدرة على التخطيط المالى من خلال توفير السيولة الكافية فى خزينة الدولة وبشكل مستدام، وليس يوماً بيوم أو شهراً بشهر»، معرباً عن الثقة بتعاون مجلس الأمة لتجاوز العقبة ودعم الإصلاحات الاقتصادية والمالية. وعن مدى صحة ما يتردد عن إمكانية لجوء الحكومة إلى تخفيض الرواتب من خلال مشروع البديل الاستراتيجى أشارت المصادر إلى أن الحكومة لا تملك تخفيض الرواتب، حيث أن الرواتب والمزايا المالية التى يحصل عليها الموظفون الآن تعتبر حقوقاً ومراكز مالية لا يجوز إجراء أى تعديل عليها. وقالت المصادر إن الهدف من البديل الاستراتيجى للرواتب تحقيق العدالة والمساواة فى المراكز القانونية للتعيينات الجديدة على مستوى كل الجهات الحكومية، وأن يحمى صغار الموظفين الجدد الذين سيحصلون على المزايا المالية نفسها التى يحصل عليها العاملون فى التخصصات ذاتها بعد بلورة البديل بشكل نهائى.

نمط استهلاكى

يبدو أن استمرار أزمة «كورونا» وتداعياتها الاقتصادية على مدى عام كامل أسهمت فى تغير النمط

الاستهلاكى للمجتمع الكويتى، الذى اتسم على مدى سنوات طويلة بـ«النهم» نحو الحرص الشديد. ووفقاً لإحصائية بنك الكويت المركزى فقد تراجعت قيمة القروض الاستهلاكية الجديدة التى منحتها البنوك المحلية بنسبة تتجاوز 99% فى شهر يناير 2021، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضى، حيث ارتفعت بواقع 3 ملايين دينار فقط فى شهر يناير الماضى، فى حين كانت الزيادة فى يناير 2020 بقيمة 371 مليون دينار. وبالرغم من زيادة القروض الاستهلاكية فى عام 2020 بالكامل بقيمة 144 مليون دينار، بمتوسط 12 مليون دينار شهرياً، فإن بداية العام الحالى شهدت تحولاً جذرياً عن بداية العام الماضى.

تقليص انفاق

ويبدو أن الخوف من المستقبل فى ظل أزمة السيولة التى تعيشها الموازنة العامة للدولة، دفع المواطن والمقيم إلى اتخاذ سبل تؤمن متطلباته تحسباً للمقبل من الأيام. وساهمت الإجراءات والقيود الاحترازية فى مواجهة أزمة «كورونا»، والتى شملت إجراءات الحظر وفرض القيود المشددة على السفر فى تقليص نفقات السفر، بما فيها السفر للعلاج بالخارج والدراسة، كما انخفضت مشتريات السلع غير الضرورية، فضلاً عن توافر السيولة لدى الكثيرين بسبب انخفاض مصروفاتهم، وبالتالى لم يعد بحاجة للحصول على قروض جديدة، بل بالعكس هناك من اتجه لسداد قروضه القديمة.

قيود

من ناحية أخرى، فرضت العديد من البنوك قيوداً أكثر تشدداً على القروض الاستهلاكية، وبالنسبة للوافدين خاصة، تحسباً لإنهاء خدماتهم سواء فى القطاع العام أو الخاص. يذكر أن حصة غير الكويتيين من القروض الاستهلاكية فى الكويت قبل الأزمة كانت تمثل 40٪ من إجمالى قروض البنوك، فى حين تصل نسبتهم من القروض المقسطة نحو 28٪، وذلك وفقاً لتقديرات مصرفية.

القطاع الخاص

من جهة أخرى، شهدت القروض الجديدة الممنوحة إلى القطاع الخاص فى يناير 2021 تراجعاً حاداً لتبلغ نحو 134 مليون دينار، مقارنة مع 924 مليون دينار فى الشهر ذاته من بداية العام الماضى. وإن كان تراجع القروض الاستهلاكية يبدو إيجابياً كسلوك اجتماعى، فإن تراجع التسهيلات الائتمانية الجديدة الممنوحة للقطاع الخاص بنسبة 85٪، يعكس ركوداً اقتصادياً واضحاً. ويعزى التراجع القياسى فى التسهيلات الائتمانية الممنوحة للقطاع الخاص إلى انخفاض الإنفاق الاستثمارى للحكومة، ووقف أو تأجيل العديد من المشروعات التنموية، وتأخير مستحقات شركات المقاولات، علماً أن القطاع الخاص فى الكويت يعتمد بشكل شبه كلى على الإنفاق الاستثمارى نظراً لسيطرة القطاع العام المطلقة على الاقتصاد.

تراجع الودائع

من جانب آخر، انخفضت الودائع فى البنوك المحلية بقيمة 445 مليون دينار إلى 45,2 ملياراً فى يناير الماضى، بحصة بلغت 7,6 مليارات دينار للحكومة و37,1 مليار للقطاع الخاص. وفى الوقت الذى تراجعت فيه ودائع القطاع الخاص بنحو 500 مليون دينار فى يناير الماضى، ارتفعت ودائع الحكومة بقيمة 60 مليون دينار.