رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رحيل الصادق المهدى حكيم السودان

 الصادق المهدى
الصادق المهدى

عاش مناهضاً للانقلابات العسكرية وخصماً لخلط الدين بالسياسة

 

غيب الموت حكيم السودان رجل السياسة والمواقف الوطنية الصادق المهدى بعد مجالدة مرض كورونا الذى أصيب به الشهر الماضى، ليفارق الحياة فى أحد مستشفيات دولة الإمارات عن عمر يناهز الـ84 عاماً.

عرف المهدى بمواقفه الوطنية المناهضة للتيار الدينى، وكان خصماً شرساً لخلط الدين بالسياسة فى السودان، وخاض معارك صعبة فى سبيل الديمقراطية وفى مقاومة القمع والاستبداد، وبرحيله يسقط أحد أركان المشهد السياسى فى السودان الشقيق.

ينتمى المهدى المولود فى حى العباسية بمدينة أم درمان سنة 1935 لعائلة صوفية، ارتبطت بالإصلاح، وكان جده الأكبر محمد المهدى قائد الثورة المهدية إبان الاحتلال البريطانى، وكان والده قائداً لحركة الأنصار بقيادة حزب الأمة.

درس الصادق المهدى الاقتصاد، وحصل على درجة الماجستير فيه من جامعة أكسفورد بإنجلترا، وتولى بعد وفاة والده قيادة حركة الأنصار، وقاد فى مطلع الستينيات الجبهة القومية المتحدة التى عارضت الانقلاب العسكرى بقيادة إبراهيم عبود، ما أسهم فى صناعة شعبية واسعة له أهلته فيما بعد لرئاسة الوزراء فى السودان وعمره 31 عاماً فى حكومة ائتلافية.

ولم يلبث الصادق المهدى أن تعرض للاعتقال نهاية الستينيات، ثم أفرج عنه بعد انقلاب جعفر نميرى واستيلائه على السلطة، وتم نفيه إلى القاهرة. وتعززت صلات الرجل برموز الحركة الوطنية فى مصر، وتوسعت علاقاته بالأوساط الثقافية والفكرية، وصار داعماً لقوى الليبرالية السودانية، فشارك فى الانتفاضة الشعبية ضد حكم نميرى سنة 1973، ثم شارك فى الانتفاضة الثانية ضد الحكم سنة 1976.

وعارض الصادق المهدى قوانين تطبيق الشريعة فى السودان التى اتخذها نظام نميرى وسيلة لقمع معارضيه والسيطرة على الحكم فى ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، واعتبر الثائرون ضد حكم «نميرى» الصادق المهدى أيقونة للحرية. وبالفعل استغل الفريق سوار الذهب وزير الدفاع السودانى سفر جعفر نميرى سنة 1985 ليعلن الإطاحة بحكمه استجابة للشعب وتعهد بإجراء انتخابات نزيهة واعتزال العمل السياسى، وهو ما حدث بالفعل، وفاز الصادق المهدى برئاسة الحكومة سنة 1986 وظل فى منصبه حتى قام عمر البشير بانقلابه سنة 1989، وأطاح بالحكومة، واعتقل الصادق المهدى،

ثم خفف السجن إلى الإقامة الجبرية. وظل الصادق المهدى مراقباً ومحاصراً حتى نجح فى النهاية من الخروج من البلاد نهاية 1996 لينشط معارضاً ضد حكم البشير.

فى سنة 2000 عاد الصادق المهدى إلى السودان مرة أخرى، وأعيد انتخابه إماماً لحركة الأنصار ورئيساً لحزب الأمة، ومع اندلاع الاحتجاجات مرة أخرى ضد نظام البشير شارك أنصار المهدى فى الانتفاضة وكانت له مواقف شديدة القوة فى مواجهة تسييس الدين وتغلغل الإخوان فى السودان.

وأواخر عام 2018 اندلعت المظاهرات والاحتجاجات ضد حكم البشير وزادت حدتها واتسعت وشارك فيها أنصار المهدى إلى جانب طلبة الجامعات والنقابات المهنية، ودعا المهدى «البشير» فى يناير 2019 إلى التنحى عن الحكم، وأعرب عن تأييده المظاهرات المناهضة لحكم البشير داعياً أنصاره إلى المشاركة فيها.

وفى خطوة أثارت العديد من التساؤلات، عارض الصادق المهدى، بشدة اتفاقاً بين حكومة البشير والرئيس التركى رجب طيب أردوغان بخصوص استثمار تركيا فى جزيرة «سواكن» الواقعة فى البحر الأحمر، وخلال الأشهر الأخيرة نشط المهدى فى تشكيل تحالف بين القوى الوطنية السودانية لحماية البلاد من الإخوان وتشكيل حكومة ديمقراطية تحافظ على وحدة السودان واستقلالها، خاصة بعد تأكد وجود علاقات قوية تربط بين الجماعات الإسلامية بالقوى الأجنبية.

وخلال مشواره السياسى كتب الصادق المهدى عشرات المؤلفات، كان أبرزها «مستقبل الإسلام فى السودان»، و«السودان إلى أين»، و«تحديات التسعينيات»، و«جهاد من أجل الاستقلال».