رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تونس: جولة الحوار الثانية بين فرقاء الصراع فى ليبيا يضع مستقبل الشعب الليبى أمام مسارين

الحوار الليبى فى
الحوار الليبى فى تونس

تأتي الجولة الثانية للحوار الليبي بتونس التي بدأت لتضع المشهد الليبي أمام مسارين، إما التوافق على حكومة موحدة، وإما تستمر الخلافات ولا يصل المتحاورون إلى توافق، وتأتى كذلك محادثات تونس وسط آمال وطموحات بتجاوز تحديات الجولة الأولي والتي عقدت في التاسع من نوفمبر الجاري، ضمن مسار مؤتمر برلين الذي تبناه مجلس الأمن بموجب القرار 2510.


وانطلقت الجولة الثانية من الحوار "الليبي- الليبي" في تونس بالأمس بمشاركة 75 شخصية ليبية يمثلون مختلف أطياف الشعب الليبي، لاستكمال جولة المفاوضات الأولى التي توصلت إلى "خارطة طريق" لإجراء انتخابات في 24 ديسمبر العام المقبل، وفى حالة فشلها ستقوم بعثة الأمم المتحدة بإجراء انتخابات سريعة حيث أكدت ستيفاني ويليامز أنه سيتم إجراء انتخابات السلطة التنفيذية في أقصر وقت ممكن أيا كانت نتيجة الحوار.

كما تم الاتفاق بين الأطراف المتحاورة ـ برعاية الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز ـ على ثلاثة ملفات تشمل اختصاصات السلطة التنفيذية ومعايير الترشح وخريطة الطريق، والفصل بين المجلس الرئاسي ورئاسة الوزراء،ورغم الاتفاق الذي تم بين الأطراف في الجولة الأولى على عدة نقاط محورية، إلا أنه كان هناك عقبات وعراقيل كثيرة ما زالت ماثلة أمام إنهاء الأزمة في ليبيا بشكل كامل.

فما زالت الرؤية الموحدة حول إطار وترتيبات الحكم التي تمهد لإجراء انتخابات وطنية خلال مدى زمني قصير لاستعادة سيادة ليبيا والشرعية الديمقراطية للمؤسسات الليبية، غير قابلة للتحقق على أرض الواقع في ظل انعدام الثقة بين كافة القوى المشاركة في الحوار، تعتبر هذه الجولات الأولى والثانية للحوار الليبي ـ الليبي، استكمالا للمفاوضات التي تمت في مونترو بسويسرا وبوزنيقة والقاهرة والغردقة، وإعلان اتفاق وقف إطلاق النار في جنيف بشكل دائم.

وكانت مفاوضات طويلة وشاقة قد عُقدت بين الفرقاء الليبيين في مصر وتونس والمغرب على مسارات ثلاثة: سياسي، وأمني عسكري، واقتصادي، وتوصلت إلى وقف دائم لإطلاق النار، والاتفاق على آلية اختيار المناصب السيادية.

ولا شك أن التوصل لحل حاسم خلال الجولة الثانية ليس بالأمر الصعب أو المستحيل شريطة إخلاص النوايا وتوافر أجواء الثقة بين جميع المشاركين، وإعلان البعثة الأممية عما تم أو استجد لديها بشأن التحقيقات حول جدية ما تردد عن وجود فساد سياسي ورشى مالية كبيرة لتزكية أسماء بعينها للمناصب القادمة والتي كانت سببًا في عدم حسم القضايا خلال الجولة الأولى من الحوار.

وثمة شكوك ومطالبات عاجلة وآجلة تعوق عملية إتمام المصالحة بين كافة القوى السياسية والقبائل الليبية، ويأتي في مقدمتها، أنه لابد من ضرورة فهم حركة عناصر المشهد السياسي الليبي المركب بكل تشابكاته وتعقيدات، وفهم الإرث السياسي ما بعد القذافي وتبعاته المستقبلية الداخلية والخارجية، فقد أكدت ترتيبات تقاسم السلطة برعاية الأمم المتحدة والتي أنتجتها اتفاقية الصخيرات الموقعة في 17 ديسمبر 2015 عدم قدرة الهيئات المختلفة على اكتساب الشرعية والقدرة على العمل مع الميلشيات المسلحة التي تمثل السلطة الحقيقية.

ويعتقد كثير من المحللين الليبيين، أن التوصل إلى آلية صنع سلام شامل تنتج اتفاق يعالج مصادر وأسباب الصراع بين مختلف الأطراف الليبية، يؤسس لعملية صناعة دستور توافقية وتقلل خطر الانحدار نحو المزيد من التشرذم والانقسام المجتمعي.

ويرى يوسف محمد الصواني أستاذ السياسة والعلاقات الدولية، بجامعة طرابلس، أن تحديد العقبات التي تعوق تحقيق هدف بناء الدولة أولوية يجب ترجمتها ضمن اتفاقية سلام شاملة ليصبح ممكنا تكليف أي حكومة يتفق عليها بتنفيذ مقترحات واضحة لحل الأزمة والاستجابة للتحديات المتعددة التي تميز المرحلة التي تلى الصراع مباشرة.

ويؤكد أن الإجابة على السؤال المركزي المتعلق باستعادة الاستقرار والأمن وإعادة تدوير عجلة الاقتصاد، يجب أن تكون مترابطة استراتيجيا بما يشكل برنامج إنقاذ وطني تصالحي، ويستجيب لتطلعات الناس التي ينبغي أن تعبر

عنها اتفاقية شاملة للسلام والمصالحة تراعى أيضا العلاقة بين المركز والأطراف وتستجيب لتطلعات السكان في المشاركة في إدارة شئونهم مباشرة وتقليص دائرة المركزية.

وتتمثل ثاني العقبات من وجهة نظر المراقبين في عدم ثقة كثير من السياسيين الليبيين وتحديدا بالشرق الليبي من أن تكرر ويليامز تجربة المبعوث الدولي الأسبق برناردينو ليون، عندما " رشح فائز السراج لرئاسة المجلس الرئاسي خلال مفاوضات اتفاق الصخيرات الموقع نهاية 2015 بالمغرب دون الاتفاق عليه " وهوما يراه المحلل السياسي محمود المصراتي الضى أن الأزمة الحقيقة لا تكمن في عقد الجولة ثانية أو تأجيلها، وإنما " في تعمد البعثة الأممية تكرار ما حدث باتفاق الصخيرات بالتعامل بذات المفردات والمعطيات من محاولة فرض فصيل معين على المشهد السياسي دون وجود ما يوازي ذلك من حاضنة شعبية أو ثقل لهم على الأرض ".

أما ثالث العقبات التي تقلل من الفرص والآمال المعلقة على الجولة الثانية من الحوار الليبي، ذيوع حالة الشكوك والريبة بين قيادتى غرب وشرق ليبيا ففي خضم الترتيبات لعقد الجولة الثانية من الحوار، اقتحمت عناصر من الميلشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق عدة مقرات حكومية بشكل مفاجئ، بما فيها مقر المؤسسة الوطنية للنفط، وحاصرته بآلياتها الثقيلة، وبالتالي استمرار القضايا محل الخلاف كما هي، والتي من أهمها وجود حكومة موحدة.

ولأنه من أولويات وأهداف الحوار الليبي، اختيار مجلس رئاسي جديد من رئيس ونائبين يمثلون الأقاليم الثلاثة: وتشكيل حكومة موحدة لكل ليبيا، بحيث يتم نقاش مسألة توحيد الحكومتين الموجودتين في ليبيا حكومة الوفاق في الغرب ومقرها طرابلس وحكومة الغرب ومقرها بنغازي، علي أن تكون سرت مقر مؤقت للحكومة الليبية ولمؤسسات الدولة، وذلك بعد تنفيذ اتفاق جنيف بإخلاء سرت من السلاح.

وهنا يظل الخلاف قائما، بشأن ماهية وشكل وصلاحيات المجلس الرئاسي الجديد، وهل ستكون انتقالية لحين إجراء انتخابات بعد مدة 18 شهر كما نص اتفاق مونترو في سويسرا، أم ستكون حكومة دائمة بحيث يتم إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية على الفور.

فضلًا عن الأوضاع الحالية لا تسمح بإجراء انتخابات في أقصر مدى زمني ممكن، في ظل وضع أمني متدهور ووجود مرتزقة وميليشيات عسكرية في ليبيا وحتى رغم التوصل إلى اتفاق حول خروجها فإنه يعتمد على عوامل أخرى منها رغبة القوى الخارجية الفاعلة في الأزمة، بالإضافة إلى استمرار الاختلاف علي الدستور، فهناك من يرغب في العودة لدستور 1591، وهناك من يريد الاستفتاء على مشروع مسودة الدستور ويوجد من يرغب في تعديل الإعلان الدستوري.