«الانضباط» شعار دول الخليج فى عيد الفطر

يطل عيد الفطر المبارك بعد ساعات بالبهجة والفرحة فى ظروف استثنائية ومرحلة فارقة من تاريخ البشرية عنوانها الحذر والالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية من الجميع لأجل الجميع للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19».

وفرضت الظروف الراهنة التى يمر بها العالم واقعا جديدا فى طريقة التعامل بين البشر حتى بين أفراد العائلة الواحدة يتطلب التخلى عن العادات والتقاليد التى ارتبطت بالتزاور والتجمعات وإقامة الولائم خاصة فى موسم الأعياد، وذلك من أجل الحفاظ على صحة وسلامة المجتمع فى هذه الظروف التى يمر بها العالم.

ويشكل الالتزام بكل الضوابط والتدابير اللازمة والإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعى خلال هذه المرحلة واجبا وطنيا ومسئولية أخلاقية والتزاما دينيا، فحفظ النفس وصيانتها من مقاصد الشريعة الإسلامية.

تزامنا مع انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) فى عواصم وبلدان العالم، ومع اقتراب أيام عيد الفطر المبارك، اتخذت دول الخليج بعض الإجراءات الجديدة.

الإجراءات الاحترازية والاستباقية، جاءت لمنع التجمعات خلال هذا الأيام، ضمن جهود دول الخليج لمكافحة انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد.

فى السياق، شملت الإجراءات التى أعلنتها دول خليجية حظر التجوال، ومنع الحركة بشكل كامل طوال أيام العيد، مع التحذير من تنفيذ عقوبات تصل إلى السجن وغرامات مالية بحق المخالفين للقرارات الرسمية، وإلزام المواطنين والمقيمين بارتداء الكمامات الطبية فى حالة الخروج من المنزل.

هذا، وتسعى دول الخليج من خلال وقف الحركة خلال العيد ومنع إقامة الصلاة إلى الحد من انتشار الفيروس بين سكانها وحماية أمنهم الصحى، خاصة مع زيادة الإصابات المسجلة بفيروس كورونا بشكل يومي.

وواصلت غالبية الدول إغلاق الأماكن الترفيهية، والمطاعم، والمطارات فى مدنها، وهو ما يتطلب من الخليجيين قضاء العيد داخل منازلهم، وإيجاد برامج تبعدهم عن حالة الملل.

وكانت الكويت أولى دول الخليج التى أعلنت استمرار حظر التجوال خلال أيام عيد الفطر، حيث فرضته حتى نهاية الشهر الحالى، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشى فيروس «كورونا» المستجد فى البلاد.

ووفق تقارير لوسائل إعلام عربية، فلن تسمح السلطات الكويتية لأى من العائلات أو الوافدين بالخروج خلال العيد، مع السماح فقط لشخص واحد فقط دون مرافق بالتسوق فى الجمعيات التعاونية كل 6 أيام.

كذلك قررت السعودية استمرار جميع الإجراءات الاحترازية المتصلة بمنع تفشى فيروس كورونا المستجد حتى نهاية شهر رمضان المبارك، بالإضافة لمد منع التجول الكامل بين 30 رمضان والرابع من شوال، وهى أيام عيد الفطر.

ويشمل قرار الحظر -وفق الداخلية السعودية- منع التجول الكامل طوال أيام العيد فى مدن ومناطق المملكة.

أعلنت السعودية أنها ستفرض منع تجول كامل خلال فترة عيد الفطر التى تستمر لخمسة أيام، حسبما أفادت وزارة الداخلية، فى خطوة تأتى فى ظل تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد.

وتحاول المملكة التى سجلت أعلى معدل من الإصابات فى منطقة الخليج بلغ 42925 بينها 264 حالة وفاة، وقف تمدد الفيروس على أراضيها.

وقالت الوزارة فى بيان الأربعاء الماضى أن الفترة الممتدة بين 23 مايو و27 مايو ستشهد «منع التجول الكامل طوال اليوم فى مدن ومناطق المملكة كافة». وتتزامن هذه الفترة مع عطلة عيد الفطر.

وكانت السعودية فرضت الشهر الماضى حظر تجول شامل لكنها عادت وخففت إجراءات الحد من التنقل، باستثناء منطقة مكة المكرمة، مع بداية شهر رمضان قبل نحو ثلاثة أسابيع.

وسمحت بإعادة فتح المراكز التجارية والمتاجر باستثناء مكة حيث يقع المسجد الحرام، وسط تزايد للحالات فيها على الرغم من حظر التجول الشامل المفروض عليها منذ أسابيع.

ومن جانبه، قال مفتى عام المملكة العربية السعودية، رئيس هيئة كبار العلماء، الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، إن «صلاة العيد، إذا استمر الوضع كما هو الحال عليه فى هذه الأيام، من عدم إقامة الجمع والجماعات فى المساجد والجوامع، فإنها تصلى فى البيوت، بدون خطبة بعدها».

ووفقا لما نقلته صحيفة «الجزيرة» السعودية، أنه سبق صدور فتوى من اللجنة الدائمة للفتوى السعودية، جاء فيها: «ومن فاتته صلاة العيد، وأحب قضاءها، استحب له ذلك، فيصلها على صفتها، من دون خطبة بعدها»، فإذا كان القضاء مستحباً فى حق من فاتته الصلاة مع الإمام الذى أدى صلاة العيد بالمسلمين، فمن باب أولى، أن تكون إقامتها مشروعة فى حق من لم تُقم صلاة العيد فى بلدهم، لأن فى ذلك إقامة لتلك الشعيرة حسب الاستطاعة.

وفى سلطنة عُمان سيكون العيد مختلفاً عن أى عيد مضى، وفقاً لما جاء فى تصريح لوزير الصحة أحمد بن محمد السعيدى، الذى أكد أن موضوع الحظر الكلى سيكون مطروحاً من قبل اللجنة.

ومددت السلطات العُمانية، فى 5 مايو 2020، إغلاق محافظة مسقط حتى الـ29 من الشهر ذاته، أى خلال أيام عيد الفطر المبارك.

وستفعل السلطنة خلال فترة الحظر قانون الأمراض المعدية الجديد، الذى تصل عقوبته إلى سنة سجن على المخالفين وغير المتقيدين.

ورصدت وكالة أنباء الإمارات «وام» أهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية والتباعد الجسدى خلال عيد الفطر المبارك بما يعزز جهود خط الدفاع الأول فى التصدى لفيروس «كوفيد 19».

وأظهر سكان الإمارات مواطنين ومقيمين التزاما كبيرا بالمسئولية الوطنية والأخلاقية فى الحفاظ على سلامة المجتمع من خلال التقيد بالإجراءات المتبعة خلال شهر رمضان المبارك باستثناء عدد من الأشخاص والعائلات

غير المسئولة التى تسببت تصرفاتها فى إصابتها بالفيروس وتعرض حياة أفرادها للخطر والسماح بانتشار الفيروس وإصابة ووفاة العشرات ما يفرض على الجميع خلال الفترة الحالية تجنب التجمعات والالتزام بالتعليمات لعبور المرحلة الراهنة بأمان.

وتمثل صحة الجميع فى مجتمع الإمارات أولوية للخروج من المرحلة الراهنة ما يتصلب الاستغناء عن بعض العادات والتقاليد الاجتماعية التى اعتاد عليها أفراد المجتمع فى عيد الفطر المبارك الذى سيكون مختلفا هذا العام بينما تواصل الجهات المختصة تأكيدها على ضرورى الاستمرار فى الإجراءات الوقائية كالتباعد الجسدى وتعقيم الأسطح وغسل الأيدى بالماء والصابون والابتعاد عن التجمعات لتفادى الإصابة بالفيروس.

وفى سياق متصل - أكد علماء دين ضرورة الالتزام بإجراءات «التباعد الجسدي» التى فرضتها متطلبات مواجهة فيروس كورونا المستجد وعدم الاستهتار والاستهانة لما لهما من مخاطر على سلامة المجتمع مضيفين أن الأخذ بأسباب الوقاية الصحية واجب شرعى وضرورة حياتية والتزام وطنى مقدس فى ظل ما يمر به العالم من انتشار فيروس «كوفيد 19».

وحث مجلس الإمارات للإفتاء الشرعى المسلمين على أن يصلوا العيد فى بيوتهم فرادى أو جماعة مع أهل بيتهم دون خطبة العيد منبها إلى الحذر من الدعوة إلى التجمع فى مثل هذه الظروف لما فيه من خطر ومهالك وأن مثل هذه الدعوات حرام شرعا.

ونصت فتاوى المجلس على أفضلية تعجيل الزكاة لمساعدة الناس على قضاء حوائجهم الشديدة والمستعجلة، وكذلك تعجيل زكاة الفطر مذكرا أن الأصل فى الزكاة - سواء كانت زكاة المال أو زكاة الفطر - أن تصرف داخل الوطن للمستحقين عبر القنوات الرسمية.

كما حث المجلس المواطنين على الالتزام بالإرشادات الصحية والبقاء فى المنازل وضرورة التباعد الاجتماعى للحد من انتقال العدوى مثمنا ما جسدته الإمارات من القيم الإنسانية وما قامت به من اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية للحفاظ على حياة الناس ووقايتهم من الوباء.

وفى السياق ذاته، أجازت هيئة كبار العلماء بالأزهر أداء صلاة عيد الفطر المبارك فى البيوت بالكيفية التى تُصلى بها صلاة العيد، وذلك لقيام العذر ألمانع من إقامتها فى المسجد أو الخلاء.

كما أجازت أيضاً أن يُصليها الرجل جماعة بأهل بيته وأن يُؤديها المسلم منفردا وذلك انطلاقا من أن أعظم مقاصد شريعة الإسلام حفظ النفوس وحمايتها ووقايتها من كل الأخطار والأضرار.

الجدير بالذكر أن المسئولية أصبحت على كل فرد وعائلة فى المجتمع فى ظل الظروف الراهنة التى يمر بها العالم حفاظا على سلامة الجميع وذلك من خلال الاستغناء عن بعض العادات والتقاليد هذا العام وعدم التهاون فى تطبيق التباعد الجسدى وتجنب التجمعات والتى تمثل جميعها مبدأ أساسى فى الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.

وأمام هذه الوضعية الاستثنائية يعول المجتمع الخليجى على دور الأم فى بث الفرحة بين صغارها الذين حرموا من الخروج للحدائق والملاهى، وذلك باعتبار أن الأم هى الأصل الذى يبدأ منه المجتمع والأسرة والدولة والوطن، وهى مربية الأجيال، وهى كل المجتمع إذ إنّها من تلد الذكور وتربيهم ليصبحوا رجالاً، وهى نصفه الآخر من النساء بالعمل على تقديم الخير لمجتمعها وأسرتها والعالم كله، إنها سر الوجود الذى حملنا فى جسده ورعانا بلطف وتحمل ألمنا وألم ولادتنا، وكانت الحريصة على بقائنا والحفاظ على حياتنا حتى أصبحنا بهذه القوة التى نحن عليها، فسهرها طوال تلك الليالى لأجلنا، وكل ذلك الذى قدمته من أجل أن نحيا حياة سعيدة آمنة لا نخاف من البرد ولا الجوع ولا الضياع، لا تقدر بثمن.