رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأنفاق اليهودية تحت "الأقصى" تزييف للتاريخ

الحفريات تحت المسجد
الحفريات تحت المسجد الأقصي

"مدينة أسفل مدينة" وصف يمكن إطلاقه بكل ثقة على الحفريات اليهودية تحت المسجد الأقصى، تلك الحفريات التي بدأت منذ احتلال القدس في يونيو عام 1967، بفعل مشروع تبنته وزارة الشئون الدينية الإسرائيلية منذ ذلك الوقت واستمرت حتى يومنا هذا.

ولا تفوت السلطات الإسرائيلية أي فرصة دون استغلالها لتوسيع وتعميق تلك الحفريات، التي تصل إلى نحو 250 مترا تحت الأرض بعمق 4 مستويات، بل إنها قامت بتنظيم جولات سياحية لمن يرغب من زوار حائط البراق (حائط المبكى) نظير 30 شيكلا (الدولار يساوي 7.3 شيكل).
تستمر الجولة داخل الأنفاق، التي دخلها موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط برام الله، لنحو 80 دقيقة، يصح برفقة مرشد يرتدي غطاء الرأس اليهودي الشهير باسم (الكيباه)، وتتكون كل مجموعة من 20 شخصا، وتلاقي تلك الجولات إقبالا منقطع النظير حتى أن السائح قد يضطر إلى حجز تذكرة قبل موعد جولته بأكثر من ثلاث ساعات، وأحيانا تنفذ جميع تذاكر جولات اليوم قبل الحادية عشرة صباحا.
مدخل تلك الأنفاق يقع على يسار حائط البراق، الذي تطلق عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلية اسما سياحيا هو "الحائط الغربي" ولكي تصل إلى شباك حجز التذاكر على الزائر أن يمر عبر ممر ضيق بين بابي السلسلة والمغاربة، اللذين تسيطر عليهما السلطات الإسرائيلية، وأن يعبر بوابة الكترونية لكشف المعادن يصاحبها تفتيش دقيق، وممنوع على العرب أو المسلمين دخولها.
تبدأ الجولة بقيام المرشد بشرح طبيعة المنطقة على نموذج مصغر للجبل الذي يقع فوقه المسجد الأقصى وقبة الصخرة الذي يطلقون عليه اسم (جبل الهيكل)، ولكن دون أن يظهر أي منهما في النموذج، فمكانها، وضع المرشد نموذجا مصغرا للهيكل المزعوم الذي تريد إسرائيل إقامته مكان المسجد الأقصى.
وبدأ المرشد بشرح سبب قدسية المكان لدى اليهود، وهو حسب زعمه، أنه عندما طرد الرومان اليهود من القدس كان مكانهم بجوار الحائط الغربي للمسجد الأقصى، وظلوا يبكون ويتضرعون لله في هذا المكان ليعيدهم إلى داخل القدس.
ويزعم المرشد السياحي أن اليهود هم أول الناس الذين اعتلوا جبل الهيكل قبل 3 آلاف عام وأزالوا قمته وأقاموا مكانها هيكلهم المزعوم، في نفس المكان الذي يوجد فيه حاليا مسجد قبة الصخرة، وأحاطوه بأربعة أسوار ضخمة، وعقب انتهاء الشرح النظري على المجسم، تبدأ الجولة في ممر يطلقون عليه اسم "الممر السري" يهبط بالزائر إلى أول مستوى تحت الأرض يمر أسفل طريق باب السلسلة، ويقول المرشد إن سبب إقامة هذا الممر هو توسيع قاعدة الجسر الذي كان يقود إلى الهيكل المزعوم.
وتستطيع خلال السير في هذا الممر أن ترى نوافذ أرضية تظهر أحجار ضخمة على عمق عشرات الأمتار، ويقول المرشد السياحي أن سبب صنع مثل هذه النوافذ هو رؤية إلى أي عمق وصلت إليه الحفريات بحثا عما أسماه "الجذور اليهودية في الأرض".
وفي هذا الممر يمكن ملاحظة طاولة وعدة مقاعد وضعت كاستراحة للزائرين، وخلف الطاولة أقيم لوحة عرض زجاجية وضع بها نصوص قديمة من التوراة وأواني فخارية يزعم اليهود أنهم عثروا عليها خلال الحفر.
ولكي تهبط إلى المستوى التالي سيكون عليك أن تمر عبر باب حديدي ضيق أقيمت حول دعامات قوية، لتحمي الأحجار القديمة من تساقط مياه من السقف تسببت في رائحة رطوبة قوية، وفي هذا المستوى ستجد مسرحا صغيرا يسمى "القاعة الكبيرة" يسع لنحو50 شخصا عليه مجسم متحرك للمنطقة، يعلوها الهيكل المزعوم، ويشرح المرشد السياحي تاريخ المنطقة من وجهة النظر اليهودية، وكيف بني الهيكل من طابقين وكانت قمته مرصعة بالذهب والجواهر والأحجار الكريمة على حد زعمه، وبجوار الحائط الغربي كان هناك شارع تجاري اسمه شارع الحائط، في نفس مكان حائط البراق حاليا، قبل أن يطرد الرومان اليهود من القدس، على حد زعمه.
وعقب الاستماع لهذا الشرح، يهبط الزائرون إلى مستوى جديد عبر درج واسع، إلى ما يسمى "أكبر حجر" يزعم اليهود أنها أكبر حجر في الحائط الغربي وهي موجود منذ أكثر من ألفي عام، وزنها 600 طن وطولها 45 قدما وعرضها 15 قدما، إلا أن المستفز في الأمر هو أن المرشد السياحي وصفها بأنها سادس أكبر كتلة حجرية في العالم، واصل ادعاءاته ومزاعمه التي عبر بها الحدود حين قال "أكبر خمس أحجار في العالم موجودة في الهرم الأكبر "خوفو" في مصر، الذي بناه اليهود أيضا قبل خروجهم من مصر ويبدوا أنهم استفادوا من تجربة بناء الأهرامات في بناء هذا الهيكل".
ووصف هذه الصخرة بأنها صمدت أمام الرومان الذين حاولوا تحطيمها والزمن الذي مر عليها لأكثر من

2000 عام، لتبقى شاهدة على عظمة بناء الهيكل، هلى حد زعمه، وتابع قائلا "إذا كان اليهود القدامي بنوا حائط الهيكل بهذه الضخامة فلكم أن تتخيلوا كيف كان الهيكل ذاته".
وعلى يسار تلك الصخرة تقع "بوابة وارين" وهي حسب ما قاله المرشد السياحي، كانت إحدى بوابات الحائط الغربي التي يعبر الناس منها للوصول إلى الهيكل، إلا أن الرومان أغلقوها بالحجارة، وهي بحسب ادعاءات المرشد السياحي، أقرب نقطة للهيكل المزعوم إذ يقع خلفها بنحو 300 قدم فقط، صخرة الوجود التي بدأ من عندها خلق الكون بحسب المعتقدات اليهودية.
وبعد المرور بجانب تلك البوابة، سيعبر الزائرون نفقا شديد الضيق، يتسع عرضه لمرور شخص واحد بصعوبة، يطلق عليه "نفق الحائط الغربي"، وبحسب المزاعم اليهودية، فإنه عند ذلك الجزء من الحائط الذي يمر بجواره النفق، طلب الله من نبيه إبراهيم أن يذبح ابنه إسحاق حسب المعتقدات اليهودية، بينما في الدين الإسلامي فإن الذبيح هو نبي الله إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام .
ويمتد النفق لنحو 500 قدم، وفي ذلك الممر يوجد نوافذ زجاجية في الأرض تتيح رؤية ما يقول اليهود إنه الأرض الأصلية التي كانت موجودة عند بناء الهيكل، وعبر نوافذ أخرى، نرى ما يقولون إنه أحجار الحائط التي هدمها الرومان.
وعقب الخروج من ذلك النفق سيجد الزائر غرفة متسعة قليلا يقول المرشد السياحي أنها تحوي الأرض الأصلية لشارع الحائط الذي كان مركزا تجاريا، ويوجد في تلك الغرفة أيضا عمودين من الرخام، قال المرشد عنهما إنهما ما تبقى من مجموعة أعمدة كانت موجودة في ميدان كبير يقطع ذلك الشارع التجاري المزعوم.
وبجوار تلك الغرفة، يوجد ما يطلق عليه اليهود "المحجر"، وهو حسب ادعاءاتهم ما تبقى من طرق بناء المعبد، إذ يضم بقايا لما يقولون إنه المعدات المستخدمة في بناء الهيكل المزعوم وحوائطه، بالإضافة إلى بقايا أحجار ضخمة قالوا إنها من الأحجار المستخدمة قبل أكثر من 2000 عام.
وعقب الخروج من المحجر سيجد الزائر طريقا يصعد به إلى أعلى في طريقه للخروج، هذا الطريق عبارة عن ممر جبلي ضيق للغاية، يقول عنه اليهود إنه كان يستخدم كقناة مائية لتوصيل المياه من أسفل إلى أعلى ، وتنتهي هذه القناة المائية المزعومة ببحيرة قال المرشد السياحي إن الهدف منها كان حماية الهيكل المزعوم من جهة الشمال، وتنتهي الجولة عند تلك البحيرة، ويصعد الزائرون درجا معدنيا قصيرا ليخرجوا من عند باب حطة في شمال حائط البراق، وقبل الخروج يوجه لهم المرشد السياحي تحذيرا قال فيه "سنخرج من ناحية الأحياء العربية في البلدة القديمة، وسيتولى اثنين من جنود الجيش حمايتنا حتى نعود للحائط الغربي، لا تحاولوا الاحتكاك بأي شخص.. إنهم عدائيون جدا".
رحلة كشفت الكثير من المزاعم والأكاذيب اليهودية وفي نفس الوقت أظهرت التقصير العربي والإسلامي تجاه القدس والمسجد الأقصى وما يحاك من مؤامرات لتهويد تاريخ تلك المدينة والسطو على أولى القبلتين وثالث الحرمين، مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج.