رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

انتظار وقلق وتحقيق للخروج من قطاع غزة

بوابة الوفد الإلكترونية

أمام غرفة صغيرة تقابلها صالة انتظار، جلس عامر أحمد  29 عاما على كرسي خشبي إلى جانب عدد من المسافرين شارد الذهن بانتظار سماع اسمه لينتقل إلى الجانب الإسرائيلي من معبر بيت حانون/ايرز شمال قطاع غزة لمرافقة شقيقة المريض إلى أحد مستشفيات الضفة الغربية.

    وتشخص عيون المسافرين بمن فيهم أحمد نحو غرفة موظف الارتباط الفلسطيني التابع للسلطة الفلسطينية الذي كان ينتظر الإشارة عبر جهاز لاسلكي متصل مع الارتباط الإسرائيلي ليخبره بمن عليه المرور والتوجه إلى الحاجز عبر ممر مسيج يبلغ طوله نحو كيلو متر ليبدأ إجراءات التفتيش والفحص الأمني.
    ويضطر الكثير من الفلسطينيين في ظل عدم وجود علاج متطور في قطاع غزة إلى التوجه للمستشفيات الإسرائيلية أو مستشفيات الضفة الغربية والقدس بعد حصولهم على تحويلة طبية تصدرها وزارة الصحة في السلطة الفلسطينية ويجري على أساسها التنسيق بين الارتباط المدني الفلسطيني والإسرائيلي لتمكينهم من المرور عبر معبر بيت حانون/ايرز إلى وجهتهم.
    وعلى الرغم من تخوف أحمد من الإجراءات الأمنية الإسرائيلية مع الفلسطينيين الراغبين بالانتقال من قطاع غزة إلى إسرائيل أو الضفة الغربية إلا أن ليس بإمكانه التراجع لأنه مضطر لمرافقة شقيقه، بحسب ما يقول.  
ويضيف أحمد الذي بدت عليه علامات القلق والتوتر " إنه يفكر في لقائه مع أجهزة الأمن الإسرائيلية وما ستئول إليه الأمور تارة، والعودة أدراجه كي لا يتعرض لهذا الموقف تارة أخرى ".
ويشير أحمد إلى أنه يعود ويتذكر شقيقه المريض الذي يحتاج أن يكون بجانبه في الطريق إلى الضفة الغربية والمشفى أثناء تلقيه العلاج مما يضطره إلى تحمل المعاناة التي قد يواجهها أثناء التحقيق رغم أنه حاصل على تصريح إسرائيلي خاص يسمح له بالمرور.
ويخلو الجانب الفلسطيني من معبر بيت حانون/ايرز من أي نشاط باستثناء حركة المسافرين، فهو ساحة واسعة ينتشر فيها الكثير من الركام وأكوام التراب، من مخلفات أعمال التجريف والهدم التي تنفذها الجرافات الإسرائيلية.
ويعد المعبر الذي يسيطر عليه الجيش الإسرائيلي المنفذ الوحيد المؤدي لمحافظات الضفة الغربية وإسرائيل والقدس.
ويقول المريض شاهر عزام (38عاما) " لا يهم الانتظار بقدر ما يهمنا هو تسهيل مرورنا عبر المعبر إلى المستشفى ".
ويعاني عزام من سرطان في الدم، ويتلقى علاجا في مستشفى (بلنسون)، وكان عائدا لتلقي الجرعة الثانية من علاجه الكيماوي في إسرائيل.
وتتنوع فئات المسافرين عبر معبر بيت حانون/ايرز ما بين مرضى ومرافقين وموظفي المنظمات الدولية أجانب ومحليين، وموظفي السفارات والسلك الدبلوماسي، صحفيين أجانب، وكبار رجال الأعمال وتجار، وفلسطينيين يحملون جنسيات إسرائيلية، ومسافرين محليين إلى معبر الكرامة مع الأردن في أريحا بالضفة الغربية.
ورغم سيطرة حركة (حماس) على قطاع غزة منذ منتصف يونيو عام 2007 إثر قتال مع أفراد الأجهزة الأمنية وعناصر حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) الموالية للرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلا أن تنسيق مرور الفلسطينيين عبر معبر بيت حانون/ايرز بقي خاضعا لمكتب الارتباط المدني التابع للسلطة الفلسطينية.
    ويقول ماهر أبو عوف مدير مكتب الارتباط المدني " نعمل هنا منذ عدة سنوات لخدمة المرضى والمسافرين، لكن ظروف عملنا معقدة وصعبة ".
ويضيف أبو عوف "نقوم بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي من أجل تنظيم دخول المرضى ومرافقيهم، وتسهيل عبورهم إلى إسرائيل للعلاج، بعد حصولهم على تصاريح مرور إسرائيلية".
ويمضي أبو عوف قائلا، إن التعامل مع الجانب الإسرائيلي لهذا الغرض تشوبه بعض الصعوبات والعراقيل، فنحن جهة تنسيق وارتباط ولسنا ممن يصدر التصاريح للمواطنين، لذا نبذل جهودا مضاعفة من أجل ضمان مرور جميع ممن حصلوا على التصاريح.
ويوضح أن مكتب التنسيق والارتباط يقوم يوميا بتسهيل مرور ما بين 70 إلى 100 فلسطيني غالبيتهم من المرضى، إضافة إلى الأجانب الذين يأتون إلى قطاع غزة ويغادرونه.
ويشير أبو عوف إلى أنه في كثير من الأحيان يقوم الإسرائيليون بإغلاق المعبر لأسباب يقولون إنها أمنية وأسباب أخرى مثل الأعياد اليهودية، وأيام السبت والجمعة من كل أسبوع.
ويضطر المرضى لاستخراج تصاريح جديدة في حال تزامن وقت مرورهم عبر الحاجز مع إغلاق المعبر، وهو ما يوقعهم بمتاعب أخرى نظرا لصعوبة حجز مواعيد جديدة في المستشفيات الإسرائيلية.
ولفت أبو عوف إلى شكل آخر من الصعوبات التي تواجه عملهم، موضحا أن مكتب التنسيق والارتباط يقع في مكان نائي وسط مناطق مجرفة، وهو ما يعرض موظفي المكتب وأحيانا المرضى والمسافرين للخطر عند قيام قوات الاحتلال بإطلاق نار لأي سبب كان.
ويشير إلى أن مكتب الارتباط كان قد تعرض عدة مرات لعمليات اقتحام ليلية من قبل مجهولين سلبوا منه أجهزة كمبيوتر وأوراق خاصة بالمسافرين مما زاد من أعباء عملهم.
وفي طريق العودة إلى قطاع غزة يواجه المسافرون وخاصة الفلسطينيون منهم ذات إجراءات الفحص الأمني الإسرائيلي قبل أن يمروا عبر الممر المسيج ومن ثم على حاجز يبعد نحو 500 متر عن المعبر يتبع لشرطة الحكومة المقالة التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة للتدقيق الأمني في هوياتهم.
ويقول أحد العائدين من رحلة علاج داخل إسرائيل إلى قطاع غزة، إنه مكث في الجانب الإسرائيلي من الحاجز قرابة ساعة إلى أن بدأت قوات الجيش بإجراءات الفحص الأمني، مشيرا إلى أن المعاملة التي تلقاها خلال استجوابه كانت "سيئة ومهينة".
وتعد إجراءات التفتيش والفحص الأمني المتبعة عند معبر بيت حانون/ ايرز "وسيلة سهلة للقوات الإسرائيلية لابتزاز الفلسطينيين ومساومتهم، إضافة إلى الاعتقالات والتحقيق"، وذلك بحسب ما يقول الفلسطينيون.
وتشير إحصاءات حقوقية فلسطينية، إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي اعتقلت منذ بدء العام الحالي على معبر بيت حانون/ايرز أربعة فلسطينيين كان آخرهم إيهاب أبو الجديان (35 عاما) الذي استدعي لإجراء مقابلة أمنية منتصف الشهر الجاري بعد تقدمه بطلب للتوجه إلى الضفة الغربية لمصاحبة طفليه المكفوفين.
أما الثلاثة الآخرين فهم التاجر أحمد الكحلوت، والمريض كامل الترامسي الذي أفرج عنه لاحقا، وبسام ريحان أثناء توجهه إلى المستشفى للعلاج.
وكان مركز (الميزان) الفلسطيني لحقوق الإنسان وثق قيام السلطات الإسرائيلية باستدعاء نحو 164 من المرضى ومرافقيهم من أصحاب طلبات تصاريح المرور لإجراء مقابلات أمنية معهم.
يقول الحقوقي سمير زقوت من مركز (الميزان)، إن السلطات الإسرائيلية تواصل "سياسة ابتزاز المرضى واعتقالهم"، من خلال استدعاء العديد منهم لإجراء مقابلات أمنية بداعي البحث في منحهم تصاريح مرور عبر حاجز بيت حانون/ايرز.
ويضيف زقوت إن المركز وثق العديد من الحوادث التي جرى خلالها "ابتزاز" فلسطينيين من قبل أفراد الأمن الإسرائيلي "للحصول على معلومات أمنية وساموا بعضهم للعمل كمتعاونين".
وحذرت مؤسسات حقوقية أخرى من بينها (عدالة) و (أطباء) لحقوق الإنسان اللتان تعملان داخل إسرائيل خلال بيانات لها بهذا الخصوص من مخاطر الفلسطينيين عند المعابر والحدود، معتبرة أن في ذلك استغلال للحاجات الطبية والإنسانية.
ورأت تلك المؤسسات أن في استخدام نظام التصاريح والفحص الأمني "لاستدراج سكان غزة واعتقالهم وابتزازهم من أجل الحصول على معلومات منهم أو حتى تجنيدهم للتعامل مع الاحتلال، انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وحاجاته الإنسانية التي كفلها القانون الدولي".
وأضافت أن المسافرين الأجانب من الصحفيين والشخصيات الدبلوماسية التي تعمل أو تزور قطاع غزة تتعرض أيضا للتفتيش والإجراءات الأمنية المعقدة، وهو ما عبر عنه عدد منهم أثناء وصولهم إلى قطاع غزة.
وتطالب تلك المؤسسات السلطات الإسرائيلية بوقف هذه الإجراءات بحق الفلسطينيين، معتبرة أنه من حقهم المرور عبر المعبر من دون مضايقات، وفقا لما تنص عليه الاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.