رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محلل إسرائيلى: إسرائيل يجب ألا تنسى فظائعها بالشرق الأوسط

بوابة الوفد الإلكترونية

نشرت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية مقالا للمحلل الصحفي اسحق ليئور قال فيه إن المشكلة الاساسية في قضية الكاتب والشاعر الالماني جونتر جراس الذي اعرب عن خشيته مما يمكن ان يصيب الشعب الايراني في حال قيام اسرائيل بقصف مفاجئ للاراضي الايرانية ليست في الطريقة التي تبتز بها اسرائيل كل ألماني، وانما تكمن في عدم قدرة الاسرائيليين على فهم هذا البلد الا من خلال الطريقة التي تصورها بها وسائل الاعلام الاسرائيلية. وفيما يلي ترجمة لهذا المقال:

"لقد اثار الرجل الذي كان رمزاً لـ "المانيا الاخرى" اكثر من اي شخص اخر في المانيا الغربية، والذي ظل يعتبر ضمير المانيا طوال حياته الادبية، جنون المؤسسة الاسرائيلية وأتباعها. ورد هؤلاء الاشخاص بحمق وعنف. ان خدمة جونتر جراس في قوات العاصفة الالمانية المعروفة باسم بـ"وافن إس إس" عندما كان في السابعة عشرة من العمر لا صلة لها بمواقفه. ويحتاج المرء الى كثير من الوقاحة وربما الجهل اذا كان يعتقد ان الالمان لا علم لهم بعدد النازيين الكريهين الذين سايرتهم اسرائيل طالما وقفوا الى جانب سياساتها.
ان جراس، مثل كثيرين غيره في هذا العالم، يعرب عن مشاعر القلق.
ولا يحتاج ثنائي رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه ايهود باراك بعد الان الى اقتحام طائرة يسيطر عليها خمسة من المختطفين مثلما فعلت وحدة الكوماندو المختارة التابعة لهما ذات يوم. فما لديهما من اسلحة يلهوان بها اكثر خطورة، ويعلنان امام العالم كما لو كانا من خاطفي الطائرات: "سنكون الدولة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط. ماذا عن اقتصادكم؟. ونحن نقوم بمراقبة الشرق الاوسط نيابة عنكم كما لو اننا مقاولون من الباطن لخدمة امنكم. لذا اخرسوا".
تلك هي رسالة المؤسسة الاسرائيلية، حتى وان كانت الاشارة الى المحرقة تحيط بتلك الرسالة. اذ ليس هناك من يجعل المحرقة رخيصة اكثر من السياسيين الاسرائيليين.
لكن الذين ينأون بانفسهم عن اجواء الاعلام الاسرائيلي لا يتذكرون متى اختطفت طائرة "سابينا"، او الحكايات الاخرى التي اُتخمنا بها مثل الاوز في مصنع للكبد. ثم انهم ربما يعتقدون ان هناك مطالب اسرائيل مثيرة للشبهات، وليس بسبب التمثيلية العاطفية وحدها. صحيح ان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لا يتوقف عن الحديث عن "ازالة اسرائيل عن الخارطة"، ولكن هل توافق اسرائيل على ان تنتج مصر او ربما تركيا او المملكة السعودية اسلحة نووية؟
يكفي ان نتذكر الضجة التي افتعلتها اسرائيل بشأن بيع طائرات "اواكس" الى السعودية لندرك ما الذي سيحدث في حالة مثل هذه، حتى من دون "تهديدات التدمير". ولكن هل كان جراس اول من ادعى ان العناد الاسرائيلي حول استمرار الاحتلال سيؤدي الى صراع عريض وعنيف يهدد الاستقرار في المنطقة؟ انه شيء تحدث عنه الناس لعدة سنوات، سواء داخل اسرائيل او خارجها، من دون مشاعر الذعر المخزي التي اندلعت هنا.
المشكلة الرئيسة في قضية جراس لا تكمن في

الطريقة التي تبتز بها اسرائيل كل مواطن الماني. ولا هي في الاسلوب الوقح تجاه كاتب اسهم في ادبياتنا – من خلال مؤلفاته المترجمة. وانما في عدم قدرة الاسرائيليين على ان يفهموا هذه الدولة الا من خلال الصورة التي ترسمها وسائل الاعلام لدينا.
وعلى خلاف ذاكرة الاسرائيليين القوية في ما يتعلق بالعمليات البطولية التي تجد وسائل الاعلام متعة فيها، فاننا نغفل تماما مدى الاعمال الوحشية اتي ارتكبتها اسرائيل في كل مواجهة مع احدى دول الشرق الاوسط.
وعندما يعرب جراس عن اهتمامه بالشعب الايراني ويثير ذهول الاسرائيليين، فان ذلك لا ينبع من مجرد الصدق الذاتي، حتى وان كان الصدق الذاتي هو اكثر الترانيم الطبيعية التي تتكرر في جوقة التنهدات القومية.
وعلينا ان نتذكر ما فعلته اسرائيل بالمدن القريبة من قناة السويس، وما قامت به من قصف داخل مصر خلال حرب الاستنزاف، فقتلت وتسببت في اعاقة الالاف من المدنيين – وكانوا اطفال مدرسة دمرت باكملها وعمال مصنع كبير جرى قصفه اثناء فترة الغداء. او على سبيل المثال، بيروت حين قام سلاح الجو الاسرائيلي خلال الحرب اللبنانية الاولى بقصف القسم الغربي من المدينة يوميا. ترى كم بلغ عدد القتلى في بيروت وصيدا وصور؟ هل كان 10 الاف أم 20 الف نسمة؟ وتكرر الاسلوب ذاته في "الحروب" التالية- الحرب اللبنانية الثانية والاعمال الوحشية التي صاحبتها وعملية "الرصاص المسكوب" وما صاحبها من اعمال وحشية.
فهل بالغ جراس في ما شعر به من خشية على ما يمكن ان تقوم به اسرائيل تجاه الايرانيين؟ ذلك انه اذا ما اندلعت نيران الحرب، فان محطاتنا التلفزيونية ستتساءل بلهجة ساخرة عن "ادعاءاتهم المبالغ فيها في ما يتعلق بالخسائر". وبعد ذلك سيصيبها داء النسيان. ولكن ما الذي سيقولونه عن خسائرنا؟ سيدعون الحزن ويذيعون اغاني عاطفية. ولا يحتاج المرء لان يكون في دولة فاشية ليربك الناس. اذ تكفي اسطورة الضحايا الابدية.