رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية الخان الأحمر: مخطط الهدم بدأ منذ 40 عامًا باقتراح لوزير الزراعة الإسرائيلي

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

 

 

إعداد: صلاح صيام

في نهاية السبعينيات اقترح اوري اريئيل وزير الزراعة الإسرائيلى- الآن- طرد البدو من المنطقة التي تقع شرقي القدس، هذا ما يتبين من وثيقة بتوقيعه باسم «اقتراح لتخطيط فضاء معاليه ادوميم واقامة مستوطنة جماعية باسم معاليه ادوميم ب». عمليا، هذا كان مخططا لتحويل منطقة فلسطينية مساحتها 100 إلى 120 ألف دونم تقريبا إلى مجال يهودي إسرائيلي مأهول، وتطويره كـ«رواق يهودي»، حسب تعبير اريئيل، من الغور وحتى نهر الأردن.

 التدقيق في المخطط يبين أن جزءا كبيرا منه تم تنفيذه، وإن لم يتم طرد كل البدو, وفي هذه الاثناء، تسرع الإدارة المدنية والشرطة الاجراءات قبيل هدم بيوت التجمع البدوي في قرية الخان الأحمر، المحاذية لمستوطنة كفار ادوميم. في وقت سابق من هذا الأسبوع.

وأعلنت إسرائيل للمحكمة العليا أنها مستعدة لهدم البيوت خلال ايام معدودة، رغم الامر المؤقت الذي جمد هذه الخطوة, الأمر يتعلق بواحد من أصل 25 تجمعا للبدو في المنطقة.

حدود المجال الذي يرسمه اريئيل في خطته، هي القرى الفلسطينية «حزما وعناتا والعيزرية وأبوديس» من الغرب، سلسلة التلال التي تشرف على غور الأردن من الشرق، ووادي القلط من الشمال، ووادي قدرون وغور اوركانيا من الجنوب. واعترف اريئيل بأن  كثيرا من البدو يعملون في فلاحة الأرض.

وهذا خلافا للادعاءات التي تسمع الآن في اوساط المستوطنين، وكأن البدو سيطروا فجأة على الاراضي وظهروا فقط مؤخرا. ولكن الوزير اقترح حلا أيضا: «بسبب أن المنطقة تستخدم ضمن الاستخدام العسكري وجزء كبير من الصناعة فيها يخدم جهاز الامن، يجب إغلاق المنطقة أمام سكن البدو واخلاؤهم».

الوثيقة وجدها د. يارون عوفاديا في ارشيف كفار ادوميم، في اطار كتاب يؤلفه عن صحراء يهودا.

رسالة الدكتوراه كتبها عوفاديا حول عشيرة الجهالين التي تعيش في قرية الخان الأحمر. «لكون (الفضاء) فارغا من السكان، يمكن اليوم تخطيطه بصورة كاملة كوحدة واحدة، كتب اريئيل عن المنطقة التي هي احتياطي للأرض، من اجل البناء والصناعة والزراعة والرعي لبلدات وقرى فلسطينية شرق بيت لحم والقدس ورام الله. «استيطان عربي، حضري/ قروي، يمتد بوتيرة مدهشة على طول المحور من شرق القدس... يجب وقف هذا التمدد على الفور».

حلول اريئيل هي: «بناء احياء حضرية تكون جزءا من القدس و«اغلاق اداري لمجال القرى العربية عن طريق خطة مناسبة». في «اغلاق اداري عن طريق خطة مناسبة» يمكن ايجاد بذرة للواقع الذي خلد الاتفاق المؤقت من العام 1995 (اوسلو ب)، حيث قسم بصورة مصطنعة الضفة الغربية إلى مناطق ادارة فلسطينية، مناطق (أ) و (ب)، ومنطقة ادارة إسرائيلية في معظم الضفة، مناطق (ج). هكذا تم خلق جيوب فلسطينية محددة ومقيدة من ناحية المنطقة التي فيها مسموح لهم التطور داخل فضاء يهودي.

الخطة كتبت كما يبدو في نهاية العام 1978 وبداية العام 1979. وحسب ما يذكر الوزير اريئيل، تم نقلها إلى رئيس قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي في حينه العميد ابراهام تمير. «نحن نعيش منذ ثلاث سنوات في المستوطنة القائمة في ميشور ادوميم»، كتب اريئيل. وقد قصد نواة المستوطنين التي عرضت على أنها معسكر عمل قرب المنطقة الصناعية في ميشور ادوميم، الذي بدأت اقامته في 1975. وحتى قبل اقامة معاليه ادوميم أ رسميا، اقترح اريئيل بناء «معاليه ادوميم ب»- كفار ادوميم. وهذه اقيمت في ايلول 1979.

اقتراحات اخرى قدمها اريئيل تحققت: توسيع وشق طرق (إن لم تكن جميعها) من اجل تقصير وقت السفر إلى القدس، الإعلان عن وادي القلط محمية طبيعية. طبقا لحلم اريئيل حول «فضاء ادوميم»، مجال اختصاص معاليه ادوميم وحدها – بدون أي مستوطنة تابعة لها – هي 48 ألف دونم تقريبا (للمقارنة، مجال اختصاص تل ابيب هو 51 ألف دونم).

عدد من عائلات عشيرة الجهالين تم طردهم من اماكن سكنهم في 1977 و1980 لصالح مستوطنة معاليه ادوميم. في 1994 تم اصدار اوامر اخلاء ضد عشرات العائلات البدوية الاخرى. وتم تنفيذ طردهم في نهاية التسعينيات بمصادقة المحكمة العليا. ولكن آلاف البدو واغنامهم بقوا في المكان، وإن كان ذلك

في ظروف قاسية أكثر فأكثر. لأن مناطق الرماية، المستوطنات والشوارع، ضاءلت فضاء الرعي لهم وكذلك وصولهم إلى المياه.

منذ بداية سنوات الألفين تخطط الإدارة المدنية لإخلائهم وتجميعهم بالقوة في منطقة في بلدات ثابتة. في السنوات العشر الاخيرة، جهات مثل جمعية «رغافيم» اليمينية، واللجنة الفرعية لشئون الاستيطان التابعة للجنة الخارجية والامن، تضغط من اجل اخلاء كل البدو من المنطقة عن طريق تنفيذ اوامر هدم للمباني السكنية البسيطة والحظائر. كفار ادوميم، المستوطنة التي اقامها اريئيل والتي يعيش فيها حتى الآن، كانت من بين الضاغطين الاساسيين من اجل هدم قرية الخان الأحمر والمدرسة المبنية فيها من الاطارات.

من المثير عرض اقتراح اريئيل منذ اربعين سنة على أنه مثال على التصميم الشخصي والسياسي، الذي يميز الكثير من نشطاء الصهيونية الدينية، والذي اصبح يمكن تطبيقه بعد فوز الليكود في انتخابات 1977. ولكن حكومة رابين الاولى هي التي قررت انشاء منطقة صناعية في الخان الاحمر تخدم القدس، والتي مساحتها هي 4500 دونم.

في العام 1975 قررت الحكومة أن تصادر من البلدات والقرى الفلسطينية في المنطقة مساحة كبيرة تبلغ 30 ألف دونم تقريبا، وبناء مستوطنة تحت غطاء معسكر عمل للمنطقة الصناعية. في البحث الذي كتبه نير شليف من جمعية «بمكوم» والذي نشر بصورة مشتركة مع «بيتسيلم»، يشير إلى أن شلومو كوهين الذي شغل منصب مدير لواء القدس في وزارة الاسكان عند اقامة معاليه ادوميم في 1975، قال إن هدف اقامتها «كان سياسيا. ولكن اذا كان الهدف سياسيا فمن الواضح أن نية كوهين لم تكن بسبب الخطر العسكري، بل التكاثر الطبيعي المرتبط بتوسيع البناء.

المخططات لإقامة معاليه ادوميم بدأت في فترة حكومة جولدا مائير. وحكومتا جولدا ورابين تعاملتا مع الاستيطان المستهدف كجزء من الفضاء الإداري للقدس. وفي ولاية حكومة رابين الثانية، في فترة اوسلو، تم طرد بدو من المنطقة، بموجب روح اقتراح اريئيل. وبالأساس: في ظل حكومة غولدا اصدر غليلي وموشيه ديان في 1971 أمرا عسكريا رقم 418، الذي أدخل تغييرات كبيرة على جهاز التخطيط في الضفة الغربية. الامر صادر من المجالس المحلية الفلسطينية حقها في التخطيط والبناء، والتي تم تشجيعها عن طريق بنية تحتية بيروقراطية لإنشاء مستوطنات كانت قائمة قبل العام 1948. الآن، في الحكومة التي فيها حزب اريئيل هو المسيطر بشكل كبير، فإن حصة الأسد في اقتراح اريئيل نجح لأنه خلية في سلسلة من المخططات والافكار التي وضعت قبل ذلك في فترة حكومة المعراخ الطرد العلني للفلسطينيين، بدون محاولة للاختباء، هو أمر ممكن، لكن «الحل» المتمثل بطرد فلسطينيين أو «اخلاء» بلهجة مخففة، ليس غريبا على إسرائيل وليس اختراعا للبيت اليهودي.