رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سكريبال يشعل الحرب الباردة بين بريطانيا وروسيا (تقرير)

سيرجي سكريبال
سيرجي سكريبال

تصاعدت الأزمة الدبلوماسية بين روسيا وبريطانيا على خلفية الاتهامات المتبادلة من الجانبين بشأن تسميم ضابط الاستخبارات الروسي السابق سيرجي سكريبال، وابنته يوليا، حيث تفاقمت الأزمة إلى حد يذكرنا بأيام الحرب الباردة.

 

من هو سيرجي سكريبال؟ 

 

سكريبال هو عقيد سابق في جهاز المخابرات العسكرية الروسي، قامت هيئة الاستخبارات البريطانية الخارجية بتجنيده عام 1990، وتم إلقاء القبض عليه في موسكو 2006، وحكم عليه بالسجن لمدة 13 عاما. 

 

وتم تجريده من جميع الأوسمة والألقاب التي منحت له خلال خدمته في المخابرات العسكرية الروسية.

 

وقالت روسيا آنذاك إن المخابرات البريطانية دفعت لسكريبال 100 ألف دولار مقابل خدماته وتجسسه لصالحها منذ 1990.

 

وأطلق سراحه في إطار أكبر صفقة تبادل جواسيس بين الغرب وروسيا منذ نهاية الحرب الباردة عام 2010 بعد أن أصدر الرئيس الروسي حينذاك ديميتري ميدفيديف عفوا عنه.

 

وتضمنت الصفقة إفراج روسيا عن 4 جواسيس مقابل إفراج الولايات المتحدة الأمريكية عن 10 جواسيس روس.

 

بداية الأزمة

 

البداية كانت في الـ 5 من مارس الماضي، وتحديداً في مدينة سالزبوري البريطانية، عندما وُجد سكريبال (66 عاما) وابنته يوليا (33 عاما) في حالة إغماء بعد تعرضهما لحالة تسمم باستخدام مادة غامضة.
 
ووجهت رئيسة الوزراء تيريزا ماي اتهاماً مباشراً إلى روسيا بالوقوف وراء محاولة اغتيال سكريبال وابنته يوليا باستخدام مادة مشلة للأعصاب مصنوعة في روسيا اسمها "نوفيتشوك".

 

ورفضت موسكو تصريحات ماي التي أدلت بها أمام البرلمان ووصفتها بأنها «مهزلة». وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن تصريح ماي هو جزء من «معلومات وحملة سياسية تقوم على الاستفزاز».

 

وأكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن بلاده بريئة من تهمة محاولة اغتيال الجاسوس السري، لافتا إلى أنه طلب عينة من غاز الأعصاب المستخدم في تسميم سكريبال وأن موسكو مستعدة للتعاون مع التحقيق البريطاني.

 

بريطانيا تخطو خطوة كبيرة
 
اتخذت رئيسة الوزراء البريطانية عدداً من الإجراءات تجاه موسكو، حيث قررت طرد 23 دبلوماسياً روسياً من بلادها، وزيادة إجراءات الأمن على الرحلات الخاصة والجمارك والشحن، وتجميد أصول لروسيا في بريطانيا، إذ وجدت أدلة على أنها قد تستخدم لتهديد حياة أو ممتلكات المواطنين أو المقيمين في المملكة المتحدة، ومقاطعة الأسرة المالكة والوزراء كأس العالم لكرة القدم في روسيا المقرر في وقت لاحق من هذا العام، بالإضافة إلى تعليق جميع الاتصالات الثنائية عالية المستوى المخطط لها بين المملكة المتحدة وروسيا.

 

وتصاعدت الأزمة الروسية البريطانية مع عدد من الدول الأخرى، حيث قامت الولايات المتحدة بطرد 23 دبلوماسيا روسيا وقامت بإغلاق القنصلية الروسية في سياتل، وأوكرانيا 13، وقامت كل من المانيا وكندا وفرنسا وبولندا بطرد 4 دبلوماسيين روس، فيما طردت مولدوفا ووالتشيك وليتوانيا 3 دبلوماسيين من كل دولة، وطردت كل من ايطاليا واستراليا والبانيا والدنمارك واسبانيا وهولندا دبلوماسيين اثنين من كل دولة، كما طردت كل من ايرلندا والنرويج ومقدونيا وكرواتيا ورومانيا والمجر وجورجيا وبلجيكا والجبل الأسود دبلوماسيا واحدا من كل دولة.

 

الرد الروسي 

 

لم تنتظر روسيا طويلاً حتى تقوم بالرد على الاجراءات البريطانية، حيث قررت هي الاخرى طرد 23دبلوماسيا بريطانيا من اراضيها، وإغلاق القنصلية العامة البريطانية في سان بطرسبورغ ووقف نشاطات مؤسسة "المجلس البريطاني" الثقافية الحكومية في روسيا. كما قامت روسيا دبلوماسيي الدول التي سارت على نهج بريطانيا وبنفس العدد.

وفتحت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يوم 21 مارس، تحقيقا في القضية، وبدأت بتحليل المادة، التي تسمم بها سكريبال وابنته.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف أن «لندن لم تقدم أي طلب للحصول على مساعدة في التحقيق الذي أطلقته الشرطة بعد العثور على الكولونيل السابق في جهاز الاستخبارات الروسي».

 

14 سؤالاً

 

وجهت الخارجية الروسية، في 31 مارس الماضي، 14 سؤالا إلى بريطانيا، بشأن قضية ضابط الاستخبارات المزدوج، وطلبت منها الإجابة عنها.

 

وتركزت الأسئلة حول عدد من النقاط، أولها لماذا تم منع القنصل الروسي من لقاء سكريبال، والثاني بأي حق تسمح المملكة المتحدة لفرنسا المشاركة في تحقيقات سكريبال؟

 

والسؤال الثالث ما هي مضادات السم التي أعطتها بريطانيا لسكريبال ؟ ومن أين حصلت عليها في مكان الحادث؟.

وطالبت الخارجية الروسية لندن بتقديم معلومات عن كيفية استنتاج بريطانيا أن المادة المستخدمة في

تسمم سكريبال أصلها روسي.

 

تخبط بريطاني

 

في الثالث من أبريل، أعلنت الخارجية البريطانية، في بيان لها، أن الاستنتاج حول تورط روسيا في تسميم سكريبال، مبني على أساس معلومات زعمت أن روسيا تبحث عن أساليب لاستخدام مواد كيميائية للقتل، وعلى أساس احتمال أن يصبح ضباط سابقون في الاستخبارات الروسية أهدافا.

 

وأضافت في بيان "استنتاجنا أن روسيا تعتبر بعض ضباط المخابرات السابقين أهدافا، وهذا يشير إلى أنها هي المسؤولة عن هذا العمل"، مؤكدة أن "المجتمع الدولي اتفق معنا، ولا يوجد تفسير آخر معقول".

 

تطور مفاجيء

 

عقب ذلك، وفي تطور بعثر اتهامات الحكومة البريطانية لروسيا بشأن الوقوف وراء محاولة اغتيال سكريبال، أكد مدير مختبر العلوم والتكنولوجيا في بورتون داون وهو مختبر أبحاث عسكرية بريطاني، عدم قدرة الخبراء على تحديد منشأ ومصدر المادة السامة التي استخدمت في الاعتداء على عميل المخابرات البريطانية وضابط الاستخبارات الروسية السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا في مدينة سالسبيري البريطانية الشهر الماضي. 

 

هذا التصريح يناقض كلياً ما أدلت به تيريزا ماي ووزير خارجيتها بوريس جونسون ووزير الدفاع جافين وليامسون، وما روجت له الحكومة البريطانية في إطار حملة حشد وتدويل منظمة للأزمة، واتهام روسيا بالمسؤولية من دون تقديم أي دليل.

من جانبها، طالبت موسكو لندن بالاعتذار متهمة أجهزة الأمن الأمريكية والبريطانية بالمسؤولية عن إعداد قضية "سكريبال" وترتيبها كاستفزاز ضد روسيا.

 

جلسة مجلس الأمن

 

وخلال جلسة مجلس الأمن لمناقشة قضية تسميم سكريبال، قال المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن بريطانيا تختلق قصة مزيفة، مضيفاً «أخبرنا البريطانيين أنهم يلعبون بالنار وسوف يندمون على هذا».

وأكد نيبينزيا أن غاز أعصاب نوفيتشوك، الذي قالت بريطانيا إنه استخدم في محاولة قتل سكريبال، "ليس منتجا حصريا في روسيا، رغم أن اسمه روسي، لكن هناك دول أخرى تصنعه".

وردت مندوبة بريطانيا في مجلس الأمن بأن أصابع الاتهامات تتجه إلى روسيا لأنها لديها "سجل معروف بتنفيذ اغتيالات تحت رعاية الدولة، والمعارضون دائما ما يكونون أهدافا للاغتيالات".

 

استفاقة يوليا وتحسن حالة سكريبال

 

وفي أول تصريح لها بعد الحادث، قالت يوليا سكريبال إنها استعادت الوعي منذ أسبوع وحالتها الصحية تتحسن كل يوم. وأضافت "أنا متأكدة من أنكم ستتفهمون أن كل هذه الأحداث مربكة ومشوشة، وأتمنى منكم أن تحترموا حياتي الخاصة وحياة عائلتي خلال مرحلة العلاج".

من جانبها، أكدت مستشفى سالزبري البريطانية، أمس الجمعة، إن سكريبال، بدأ يستجيب بشكل جيد للعلاج كما أنه يتحسن بشكل سريع ولم يعد في حالة حرجة.

 

ومن المنتظر أن تكشف لنا الأيام المقبلة حقائق أكثر عن الحادث في ظل استعادة سكريبال وابنته لوعيهما، ليتم حسم الجدل بشأن القضية التي أعادت للأذهان أيام الحرب الباردة، وكشف النقاب عن الجاني والدوافع الحقيقية وراء محاولة اغتيال ضابط الاستخبارات الروسي المزدوج.