رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الإخوان عندما يجلسون على مائدة الشيطان

" ماذا نحن فاعلون؟ هل نظل ندعم الحكام الديكتاتوريين فى الشرق الأوسط إلى الأبد لأننا لا نريد أن يأخذ الإسلاميون نصيبهم من النظام السياسى فى الشرق الأوسط؟!."

هكذا هتف روبرت كاجان فوصل صدى هتافه إلى أصحاب القرار فى الإدارة الأمريكية وتم الاستشهاد بمقولته تلك فى بعض مقالات كتّاب الرأى والدوريات الأمريكية فى أعقاب تفجر ثورة 25 يناير والإطاحة بمبارك.
دعنى أخبرك أولا من هو روبرت كاجان.. هو أحد الوجوه البارزة فى معهد "بروكينجز" إحدى واجهات "المحافظين الجدد"، وجاءت مقولته السابقة فى معرض رده على معارضيه من مجموعة العمل المشترك الخاصة بمصر، والتى شكلها الحزبان الديمقراطي والجمهوري الأمريكيان قبل عام تقريبا من اندلاع ثورة 25 يناير بغرض دق ناقوس الخطر فى اللحظة المناسبة لإسقاط نظام مبارك الذي أوشك علي الانهيار، واتخذت هذه المجموعة أو الفريق مقرا فى واشنطن للاجتماع والتشاور بهذا الشأن.
وقبل تشكيل هذا الفريق بما يقرب من عام، تحديدا خلال العامين الأخيرين من عمر نظام مبارك، كانت قد تعالت بعض الأصوات المؤثرة صادرة عن مراكز وجماعات الفكر التابعة للمحافظين الجدد "الثنك تانك" تدعو الإدارة الأمريكية، للقطيعة مع مبارك وتم الضغط علي تلك الإدارة واتخاذ نهج مختلف تجاه نظامه.
وعود على بدء، أتخيل المدعو روبرت كاجان فى أدائه لمشهد لا يخلو من الدراما وهو يستحث أعضاء مجموعة مصر التى شارك فى رئاستها على تبنى فكرته، فيضيف مذكراّ إياهم  بالمثل الإنجليزي، ويضغط على مخارج ألفاظه وهو يقول:
" we have got to put our money where our mouth is"
.. دلالة المثل تشير إلي الحض علي التركيز وربما أيضا قصد كاجان المعنى المباشر للألفاظ، بأن يذكر الأعضاء والإدارة الأمريكية أن هناك كثيرا من الأموال تنفق علي ما اصطلح تسميته بـ"مشروع التحول الديمقراطي" ويتم توجيه هذه الأموال علي ما اصطلح تسميته بـ "المجتمع المدني" في مصر ولم تأتِ بالمردود المرجو منها.
أما الأمر المؤكد في هذا الشأن فهو أنه كان هناك فصيل من المحافظين الجدد يمثل كاجان أحد واجهاته يضغطون بشدة للإطاحة بالديكتاتوريين العرب الذين يعيقون وصول القواعد الجديدة الموالية للمشروع الأمريكى فى المنطقة لسدة الحكم والقبض على السلطة فى البلدان العربية وتحديدا فى مصر حتى ولو جلب هذا الإسلاميين ليقاسموهم الحكم والسلطة، فهذه مرحلة أخرى لها حسابات مختلفة.
بالطبع ليس هناك أية مبررات أخلاقية وراء القبول بالإسلاميين أو الإذعان لظاهرة "الإسلاموية" كما يسميها الغرب ويعتبرها عدوا بديلا للشيوعية، ويجدر هنا التذكير بأنه كان هناك أصوات عديدة في دوائر صناعة القرار الأمريكي تنادى فى نفس الوقت باستبعاد الإخوان المسلمين من الوصول للحكم فى مصر، واستبعادهم بشكل عملى من

خلال الدعم الكبير والضغط فى الداخل المصرى بشتى الطرق لتسليم السلطة لمجموعة الليبراليين الجدد المنتقاة من الغرب، وليس منهم بالطبع أولئك الليبراليون الخارجون من صفوف التجربة التاريخية لليبرالية المصرية (أقصد الوفد تحديدا) .
ومن جانبهم بالطبع يدرك الإخوان هذا جيدا، ولا يمنعهم هذا الإدراك أن  يجلسوا إلى مائدة العشاء السياسى مع ممثلى النظام الأمريكي، وكلا الطرفين يعرف تماما أنه مضطر للجلوس إلي الآخر، حتى إشعار آخر، وكلاهما أيضا يعرف على وجه اليقين أن الصدام آت لا محالة وعلي كل طرف أن يقبل بالهدنة حتي يرتب أوراقه وبيته، وقد يبدو لغير المتعمق أن موقف الإخوان أضعف خاصة وأن اللعبة تجري علي أرضهم ولا تلعب هنا الأرض مع صاحبها مثلما هو متعارف عليه فى مباريات الكرة، بل العكس يبدو هو الصواب،  فأمريكا جاءت إلى مصر تتفاوض حول شئون تخص مصر فى المقام الأول، والداخل المصرى هو المعلب أو هكذا يبدو .. فهل هذه الحسابات صحيحة؟!
أعتقد أنها حسابات سطحية أو غير متعمقة لأنها تغفل على الأقل الحسابات المتعلقة بإسرائيل وأمنها في المنطقة، ناهيك عن المصالح الأمريكية التى لابد من الآن أن تقدم مصر حساباتها عليها وتعلن ذلك بشجاعة، فنحن لسنا أقل من إيران، أما إسرائيل فهي المحور الأساسي الذي تدور حوله كل الحسابات الأمريكية وهى الموضوع الأهم للمحافظين الجدد أو بمعني آخر هى الطرف الأساسي في معادلة المصالح الأمريكية، والملعب الإسرائيلى ليس بعيدا عن مصر، ويمكن نقل المباراة إليه فى زمن قصير جدا، وأعتقد أن الإخوان يدركون ذلك تماما وسوف يستخدمون هذه الإدراك فى حده الأقصى حينما يجلسون إلي الشيطان ليتناولوا معه العشاء ويتفاوضوا لكسب مزيد من الوقت ريثما يعيدون ترتيب كل الأوراق.
---------
مدير تحرير مجلة أكتوبر